عبرت 21 منظمة من المجتمع المدني عن رفضها للمشروع الذي تعتزم وزارة الصحة تقديمه من أجل تعديل القانون المنظم لمهنة الطب بالمغرب، واصفة المشروع بكونه تمهيدا لفتح الصحة العامة أمام الاستثمار التجاري، في الوقت الذي «تتراجع فيه حتى الدول الغنية الكبرى عن التعامل مع القطاعات الاجتماعية بالمنطق التجاري». ورفضت الهيئات المدنية، في نداء توصلت «المساء» بنسخة منه، المنطق التجاري الذي مازالت وزارة الصحة تتعامل به مع قطاع الصحة. وجاء في النداء أن مشروع تعديل قانون مهنة الطب يمهد «لفتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة، مما سيحول المهنيين في الميدان الطبي إلى مجرد يد عاملة ويفقدهم استقلاليتهم وكرامتهم، ويضع المريض في مواجهة مباشرة مع منطق نظام السوق». وأضاف النداء قائلا: «إن فتح الاستثمار لرؤوس الأموال يعني الامتثال لنظام السوق مع خلط الضروريات والحاجيات مع الكماليات في التأسيس للطلب والبحث عن الربح، ودعم العرض مع التجاوب، بالأساس، مع الفئات القادرة على أداء تكلفة المصاريف؛ مع العلم بأن الفاعل الاقتصادي والمالي لن يتردد في الترويج لسلع تارة موثوقة وتارة أخرى مشبوهة. فعندما تصبح الصحة مادة للمتاجرة، يضاف إلى التسويق الحث على الاستهلاك تارة وبسط النفوذ تارة أخرى». وينبع رفض الهيئات المدنية لهذا المنطق التجاري من كونه لا يأخذ بعين الاعتبار «حاجيات وإمكانيات الفئات المستضعفة» ويتناقض مع منطق «الأخلاقيات المؤسسة لاحترام حقوق المواطنين في الحماية من المخاطر المرضية وحقهم في الولوج إلى العلاجات الضرورية». وقال محمد بناني الناصري، رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر في اتصال مع «المساء»، إن هذه الهيئات تعتزم تنظيم يوم لمحاكمة السياسة الصحية بالمغرب في الثلاثين من الشهر الجاري بكلية الطب بالدارالبيضاء. وأشار إلى أنه، لأول مرة، يجتمع هذا العدد الكبير من هيئات المجتمع المدني، سواء العاملة في ميدان الطب أو من خارجه. وقال الناصري إن مساهمة هيئات غير طبية في هذه الحركة الاحتجاجية تعود إلى أن الممارسة الطبية لا تهم الأطباء وحدهم، بل تهم المجتمع برمته. ومن جهة أخرى، أشار الناصري إلى أن هيئات أخرى من خارج مدينة الدارالبيضاء عبرت عن رغبتها في المساهمة في هذه الحملة الرامية إلى إلغاء هذا المشروع، ولكنها لم تستطع أن توقع على النداء، «غير أن الباب مفتوح أمام جميع الهيئات الراغبة في الانخراط في هذه الحركية»، يضيف الناصري.