كان وزير الداخلية الإيطالي روبيرتو ماروني، في الأسبوع الماضي، في قمة سعادته ولم يتمالك نفسه فعبر عن فرحة كبيرة حين توصل بخبر أن السلطات الليبية سمحت للبحرية الإيطالية بإعادة قوارب صيد محملة بالمهاجرين السريين انطلقت من السواحل الغربية الليبية نحو الجنوب الإيطالي. كانت السعادة واضحة على وجهه وهو يتحدث إلى الإعلاميين مثل السعادة التي عبر عنها حين فاز فريقه المفضل الميلان بكأس عصبة الأبطال الأوربية قبل سنوات. وقال، أثناء حضوره حفلا بمناسبة الذكرى ال157 على تأسيس جهاز الشرطة الإيطالية «بوليتسيا دي ستاتو» يوم السبت الماضي بروما، إن مجهوداته ومجهودات حزبه، «عصبة الشمال لمحاربة الهجرة السرية»، لن تذهب بعد اليوم أدراج الرياح، مؤكدا أن رغبة السلطات الليبية في التعاون مع وزارته سيوقف هذا النوع من الهجرة المتجهة نحو إيطاليا. ماروني، الذي غير ملامح وجهه ليمنحها الجدية والصرامة بمجرد علمه من الصحفيين بأن الأممالمتحدة والفاتيكان أرسلا إليه مجموعة من الانتقادات بسبب رفضه إدخال قوارب محملة بالمهاجرين السريين إلى الأراضي الإيطالية، أشار إلى أن ما أسماه بمواقف الآخرين لا تهمه في هذا الإطار، وقال: «سنواصل، بكل الصرامة، محاربة الهجرة السرية وسنتصدى لها بكل الوسائل رغم توصلنا بانتقادات غير مفهومة من جهات متعددة، فعملنا ومبادراتنا قانونية ولا تمس بكرامة وحقوق الإنسان ورفضنا استقبال قوارب محملة بالمهاجرين السريين لإعادتها إلى السلطات الليبية هو إنجاز تاريخي غير مسبوق لإيطاليا». نفس الجدل الذي أحدثه موقف الوزير ماروني من المهاجرين السريين أحدثه زميله بالحزب العنصري «عصبة الشمال» ماتيو سافيني، في الأسبوع الماضي، حين طالب سلطات مدينة ميلانو بتخصيص مقطورات بمترو الأنفاق فقط للإيطاليين بعد وصفه الأجانب ب«القذرين» وب«الخطر على أمن الإيطاليين». هذا المطلب الذي انتقده المعتدلون بإيطاليا جعل حتى رئيس مجلس النواب اليميني، جان فرانكو فيني، يتهم ماتيو سافيني ومواقف حزبه «عصبة الشمال» ب«العنصرية وغير الأخلاقية». وقال فيني إن فكرة تخصيص مقطورات فقط للإيطاليين وعزل الأجانب في مقطورات أخرى هو أمر مناف لمبادئ الدستور الإيطالي ويمس، بشكل واضح، بكرامة الإنسان، حسب تعبيره. وأضاف أن لون الجلد أو الجنسية لا يجب أن يكونا سببا في التفرقة أو الميز بين بني البشر، مؤكدا أن الكل سواء داخل المجتمع الإيطالي. وانتقد عدد من سياسيي اليمين الحاكم واليسار المعارض الاقتراح، موضحين أنه يمس بصورة إيطاليا خارجا ويخلق مزيدا من التوتر داخل المجتمع الإيطالي بين الأجانب والإيطاليين. ويذكر موقف سافيني من الأجانب بموقف مشابه لعمدة مدينة تريفيزو المنتمي إلى نفس الحزب العنصري الذي تقدم، قبل سنوات، بطلب إلى المجلس الإقليمي بجهة الفينيتو لتخصيص مقطورات للأجانب وعزلهم عن الإيطاليين، بعد أن وصفهم، هو الآخر، ب«القذرين والأقل شأنا من الإيطاليين».