من الأكيد أن الملكية تعطي لصاحبها حق التمتع عن طريق الاستعمال والاستغلال والتصرف، وصاحب هذا الحق لا يتقيد في استعماله إلا بما يضر غيره أو ما تفرضه المصلحة العامة، وملكية الأرض في المغرب كانت تخضع لمبادئ الشريعة الإسلامية والأعراف المحلية قبل أن تحدث الحماية قواعد جديدة تنظم الملكية وأنواع العقارات، وظهرت تشريعات تتعلق بملكية العقارات العامة والخاصة من بينها ظهير فاتح يوليوز 1914 الذي يعتبر أول نص قانوني في المغرب يتصدى للأملاك العامة بمفهومها الحديث ويعدد أنواعها كالشواطئ والموانئ والسدود والأنهار والطرق وغيرها من الأملاك التي لا يمكن لشخص أن ينفرد بتملكها أو تفويتها، كما توجد ضمن الأملاك العامة أيضا أملاك لا يجوز تفويتها إلا بإذن الدولة، لأنها صارت تحت مراقبتها كأراضي الأوقاف «الأحباس» وأراضي الجموع «الجماعات السلالية» وغيرها، هذا وتملك الدولة أملاكا خاصة بها نظمها ظهير صادر في 2 يناير 1916 الذي عرف هذه الأملاك بأنها الأملاك التي لم تخصص لاستعمال العموم وليست خاصة أو ضرورية لتسيير ملك عمومي، وهي بدورها أنواع، ولكن أهمها هي الأراضي التي استرجعتها الدولة من المعمرين ويطلق عليها « الأراضي المسترجعة « فهي لا ترتبط بقواعد الأملاك العامة وإنما بشروط خاصة تتعلق بكيفية اقتنائها وتدبير شؤونها من منطلق أنها أملاك خاصة للدولة ذات ذمة مالية عامة، وهنالك نوع آخر من الأملاك التي توجد في الوسط بين أملاك الدولة العامة وأملاكها الخاصة، وهو الملك الغابوي والذي يخول القانون في شأنه الإذن بكرائه وفق شروط الاستغلال المؤقت، كانت هذه المقدمة ضرورية قبل الحديث عن المسألة العقارية في إقليمسطات، والتي توجد فيها هذه الأنواع المختلفة، حيث أن الإقليم يعرف في المدة الأخيرة تصاعدا كبيرا للمشاكل التي يطرحها تباين الطبيعة القانونية لمجموعة من الأراضي الفلاحية والعلاقة المتشنجة لسكان بعض القبائل والدواوير مع بعض الاستغلاليات الفلاحية، تتداخل فيها عناصر الفقر والجفاف مع سوء فهم القانون والتشبث بالأعراف والتقاليد وعدم التفاعل مع القواعد الجديدة التي فرضها تطويع الاستثمار للأراضي الفلاحية وتأهيلها لمهام جديدة(برنامج المغرب الأخضر)، ونستحضر هنا موقف وزارة الاقتصاد والمالية من استغلال الأملاك المخزنية من الأراضي المسترجعة بإقليمسطات، والتي تناهز 3440 هكتار، وتمتد عبر جماعات سيدي حجاج ومنيع بدائرة بن أحمد وريما وأولاد صغير بدائرة سطات، حيث رغم تحفظ السلطة الإقليمية من اقتراح وزارة المالية القاضي بتحديد لائحة المستغلين لهذه الأراضي وطريقة استغلالهم لها تمهيدا للجوء إلى الإفراغ عن طريق القضاء، بعدما اعتبرت السلطة الإقليمية بأن العدول عن هذه المسطرة سيجنب إثارة احتجاجات المستغلين وما قد تخلقه من مشاكل، «رغم تحفظ السلطة» باشرت وزارة المالية عبر مندوبيتها الجهوية بسطات إجراءاتها وذلك بإيداع 28 مقال إفراغ والتعويض عن الاستغلال ضد المستغلين لدى المحاكم الابتدائية بسطات منذ بداية يناير من السنة المنصرمة بدعوى، تقول المندوبية، أن تعبئة هذه الأراضي في مجال الاستثمار الفلاحي سيخلق فرص الشغل لأفراد السكان المجاورين لهذه الأراضي، فإلى أي حد يمكن أن يصمد توجه وزارة المالية تجاه اندلاع احتجاجات متوالية ومتفرقة بالإقليم اختلطت فيها الأوراق بين طبيعة هذه الاحتجاجات ومن وراءها ؟ وإلى متى يظل صمت السلطات المختصة والتي تكتفي بلعب دور الإطفائي؟ اندلاع النزاع عند كل موسم حرث تعيش مناطق بإقليمسطات عند كل موسم حرث مشاكل تتعلق بالنزاعات حول الأرض، وهي نزاعات تجاوزت الإطار البسيط الذي كان معروفا في مناوشات الفلاحين حول الحدود الترابية والترامي عليها، وأصبحت هذه النزاعات ذات طابع كبير من ورائها أيادي خفية، وهذا الأمر يطال بالدرجة الأولى عقارات ملك خاص للدولة المعروفة اختصارا بالأملاك المخزنية (الدومين) حيث بدأنا نشهد في السنوات الأخيرة انتفاضة بعض القبائل المجاورة لهذه الأملاك المخزنية، والتي كانت تابعة للمعمرين واسترجعتها الدولة في إطار الأراضي المسترجعة وحازها في إطار المسطرة الجاري بها العمل فيما بعد بعض كبار الفلاحين من أعيان المناطق المعنية، لتصبح ضيعات ممتدة على العشرات من الهكتارات، ويحصل هذا في جماعات تابعة للنفوذ الترابي لإقليمسطات ويتعلق الأمر بجماعة امنيع دائرة ابن احمد وسيدي محمد بن رحال بدائرة سطات، وهذه النزاعات لا تقتصر فقط على الأراضي المخزنية التي يستغلها كبار الفلاحين بل تجاوز النزاع هذا النطاق وطال حتى الأراضي المخزنية التي تسيرها تعاونيات فلاحية في إطار الإصلاح الزراعي، بل إن هناك أراض اقتناها مستثمرون وانشئوا فيها استغلاليات فلاحية منذ عقود، أصبحت في الآونة الأخيرة مثار مناوشات من طرف سكان الدواوير المجاورة، وهو ما يعقد أمر تدبير هذه النزاعات من طرف السلطات المحلية والإقليمية، خاصة بعد توالي الاحتجاجات والتي يشارك فيها المئات من الفلاحين الذين يشتكون من الضرر في وقت اشتد فيه الجفاف في الفترة الأخيرة، ونذرت فيه الموارد المائية وقلت فيه منافذ الشغل، وهي عوامل ساهمت فيها بطبيعة الحال الأزمة الاقتصادية التي عمت أوربا وحتمت على الكثير من المهاجرين العودة إلى بلادهم الأصلية بالمغرب(لبلاد)، مشبعين بأفكار وثقافة حقوقية عاشوها في بلاد المهجر، وطرق الاحتجاج من جهة، ومن جهة ثانية مستغلين الآفاق الجديدة لحقوق الإنسان بالمغرب المتضمنة في الدستور الجديد 2011 ورياح الربيع العربي في التظاهر والاحتجاج، ما جعل هذه الظاهرة باتت معتادة بالشارع العمومي أمام السلطات المحلية والإقليمية بل وحتى أمام قبة البرلمان، وبدأت تأخذ منحى تصعيديا جديدا بعدما لجأ المحتجون إلى التظاهر في اعتصام بنصب الخيام في الأماكن التي توجد فيها هذه العقارات موضوع النزاع وتنظيم مسيرات إلى ولاية الجهة، كما أن هذه النزاعات كانت تأخذ شكل مواجهات دامية بين الأطراف المتصارعة على الأرض، وتتعرض خلالها ممتلكات ومنشات فلاحية إلى أضرار وخسائر مادية جسيمة، وأضحت تؤثر على منتوجات هذه المناطق الفلاحية، هذه المواجهات غالبا ما تحرر في شأنها محاضر ومتابعات وترفع قضاياها إلى ردهات المحاكم الابتدائية بكل من ابن احمد وسطات، هذه الظاهرة التي باتت مزمنة وتثير عدة تساؤلات حاولت «المساء» عبر هذا الريبورتاج أن تقترب منها بشكل أكثر، على اعتبار أن هذه الملفات أصبحت تشكل حقلا ملغوما وتراهن عليه بعض الحساسيات الانتخابية التي تزيد الاقتراب منها اشتعالا، وكذا لمحاولة معرفة أسبابها ومن يقف وراءها ومواقف الإدارات والسلطات المختصة في شأنها. التعاونية الفارسية نزاع مزمن اتجهنا من مدينة سطات شرقا نحو جماعة السكامنة قطعنا مسافة 67 كيلومترا حيث توجد التعاونية الفارسية التي تمتد على مساحة 2700 هكتارا، وهي أراض كانت فيما قبل ملكا خاصا للدولة ووزعت على 58 مستفيدا في إطار برنامج الإصلاح الزراعي سنة 1972 بواسطة رسوم عقارية صادرة عن إدارة المحافظة العقارية والمسح الطبوغرافي والخرائطية بسطات، بالرجوع إلى تاريخ الأرض المذكورة تبين أنه بتاريخ 29 غشت 1924تقدمت الجماعة السلالية التوالث عندما كانت منطقة الشاوية تابعة لنفوذ الدارالبيضاء بطلب لدى المحافظة على الأملاك العقارية بالدارالبيضاء من أجل تحفيظ العقار الجماعي المسمى غابة التوالث، البالغة مساحتها 2700هكتار معززة طلبها برسم ملكية مؤرخة في 27 أكتوبر 1923 منح له رقم6830/س، بتاريخ 19 شتنبر وافق مجلس الوصاية خلال دورته المنعقدة بالتاريخ نفسه على تكوين محيط رعوي بمنطقة ابن احمد تبلغ مساحته حوالي 24500 هكتار من طرف الدولة مكونة من عدة عقارات جماعية من بينها العقار الجماعي المسمى التوالث مساحته حوالي 2750 هكتار، بتاريخ 5 غشت 1925 أسس للعقار الجماعي غابة التوالث موضوع طلب التحفيظ عدد 6830/س الرسم العقاري عدد5092/س بمساحة 2651 هكتار في اسم الجماعة السلالية التوالث، بتاريخ 23 نونبر 1925 صدر قرار وزيري يقضي بأنه من المصلحة العمومية إحداث منطقة معدة للاستعمار بتراب قبيلة أولاد فارس ونزع ملكية العقار المعروف بغابة التوالث الذي هو في ملك جماعة التوالث بالجريدة الرسمية عدد686 المؤرخة في 15 دجنبر 1925، بتاريخ 23 مارس 1926 وبموجب محضر رسمي رفض نائب الأراضي السلالية التوالث وباقي نواب الفخذات المكونة للجماعة المذكورة قيمة التعويض الممنوح لهم من طرف الدولة عن نزع الملكية البالغة قيمته خمسون فرنكا للهكتار وطالبوا بعرض الأمر على القضاء لمراجعة القيمة المذكورة، بتاريخ 10 يونيو 1926 قرر مجلس الوصاية إعادة البحث عن صيغة توافقية حول قيمة التعويض عن نزع الملكية وهو ما تم حيث حدد في خمسين فرنكا للهكتار والتي تمت المصادقة عليه في فبراير 1927 من طرف مجلس لوصاية، وبتاريخ 9 يونيو 1927 تم تقييد نزع ملكية العقار المسمى غابة التوالث موضوع الرسم العقاري 5092/س بمقتضى القرار الوزيري المؤرخ في 19 فبراير 1927 والرسم العدلي المذكور حيث تحولت الطبيعة القانونية للعقار «غابة التوالث» منذ التاريخ المذكور من عقار جماعي في ملكية الجماعة السلالية التوالث إلى عقار مخزني في ملكية الدولة. سنة 1972 تم توزيع هذه الأراضي على أعضاء التعاونية الفارسية في إطار الإصلاح الزراعي، ومنذ ذلك التاريخ وهؤلاء الأعضاء يستغلون هذه الأراضي بطريقة يقولون إنها قانونية وبرسوم عقارية صحيحة مطهرة من كل الشوائب، فيما دواوير البيرات الرابعة السانية، السكامنة، أولاد المهدي وزعت عليهم أراضي سلالية مساحتها 400 هكتار، وفي سنة 2013 وبدوافع مختلفة نشب النزاع بين مستغلي الأراضي السلالية وأعضاء التعاونية بدعوة أن أراضي التعاونية الفارسية هي لهم، ويتوجب عليهم المطالبة باسترجاعها، ليدخلوا بعد ذلك في مواجهات أعقبت عدة احتجاجات هدفت إلى منع حرث الأراضي موضوع النزاع لسنتين متتاليتين، كما تعرض أعضاء هذه التعاونية إلى هجومات وخسائر مادية عن طريق الضرب والتكسير واقتلاع الأشجار، ما كان سببا في انتقال عناصر الدرك الملكي بسيدي حجاج أولاد امراح التابع لسرية سطات إلى الدوار لاعتقال بعض الأفراد من دوار البيرات في هذه المواجهات، وفي كل مرة كانت الأجهزة الأمنية تنتقل إلى المنطقة مرفوقة بتعزيزات أمنية للحيلولة دون دخول الأطراف المتنازعة في مواجهات بينهم. جماعة امنيع.. الاحتياط المتخلى عنه قطعنا مسافة 48 كيلومترا شرق مدينة سطات متوجهين إلى جماعة امنيع دائرة ابن احمد، وتبين لنا أن الجماعة المعنية ترقد على ملف لا يقل سخونة من ملف التعاونية الفارسية، يتعلق بنزاع مزمن حول 1206هكتار عبارة عن أراض خصبة من العقارات المخزنية بها خمس ضيعات فلاحية، ضيعة ميراث لحرش 144هكتار، ضيعة كيرسود370 هكتار، ضيعة كيوسوزال 450 هكتار، ضيعة ميشال كاسطون150 هكتار، ضيعة ميراث الحوض90 هكتار، هذه الأراضي هي ملك خاص للدولة كانت قد فوتت في وقت سابق للمكتب الشريف للفوسفاط من أجل تكوين احتياطي لاستغلال منجم الفوسفاط بالمنطقة على مساحة حوالي 3000 هكتار، لكن لأسباب تتعلق بنتائج دراسة الجدوى التي أنجزها المكتب قام بالتخلي عنها، أسندت سنة 1992 للجماعة القروية امنيع للتصرف فيها بغرض تنمية جباياتها المحلية، وذلك بكرائها لصغار الفلاحين، إلا أن الدولة عن طريق دائرة الأملاك المخزنية بسطات راسلت سنة 2011 السلطة المحلية بقيادة سيدي حجاج من أجل كف هؤلاء المستغلين عن مواصلة الاستغلال، بحيث لم يصبح من حق هؤلاء المستغلين الاستمرار في استغلال هذه الأراضي والأكثر من هذا طالبت بإحصاء الأشخاص الذين يقومون بحرثها بدون سند صحيح، بل وانتقلت بعد إحصاء المستغلين لهذه الأراضي إلى المسطرة القضائية حيث رفعت دعاوى ضدهم، وفي السنتين الأخيرتين قام سكان امنيع المكونة من ثلاثة عشر دوارا بالاحتجاج أمام مجموعة من الإدارات العمومية بما في ذلك قيادة سيدي حجاج دائرة ابن احمد، الأملاك المخزنية، عمالة إقليمسطات وكذا أمام مقر البرلمان بمدينة الرباط، للتنديد بالاستغلال غير القانوني لهذه الأراضي، كما طالبوا بإعادة سمسرة هذه الأراضي وإكرائها لجميع المنتمين لجماعة امنيع بطريقة عادلة.
تعاونية العنبرية.. عندما تفرق الأرض بين أبناء العمومة غربا في اتجاه جماعة سيدي بومهدي دائرة البروج إقليمسطات توجد تعاونية العنبرية ذات العقار المشترك رقم 15/43892 ومساحته 852 هكتارا، والموزعة على 69 فلاحا، والذين ما فتئوا يطالبون السلطات الإقليمية بإيجاد حل للنزاع القائم بينهم وبين سكان دوار الخشاشنة المجاور، وهو النزاع القائم بين القبيلتين منذ سنتين، استدعت الفلاحين المنتمين للتعاونية العنبرية للاحتجاج أمام قيادة بني خلوك وأمام مقر ولاية جهة الشاوية ورديغة للمطالبة بحماية أراضيهم وإفراغها من سكان دوار الخشاشنة الذين يعتبرونهم في وضع المحتلين، ومن جهة ثانية للتنديد بما اعتبروه تماطلا من طرف المسئولين في إيجاد حل للنزاع القائم بين السكان المنتمين للتعاونية، مطالبين بالإفراغ الفوري لأراضيهم المحتلة من طرف سكان دوار الخشاشنة، وتأمين حماية أراضي التعاونية ومزروعاتها من كل اعتداء، وإيجاد صيغة نهائية للمشكل القائم مع الدواوير المجاورة التي باتت تؤرقهم ولا تشعرهم بالطمأنينة والسكينة، كما تم تقديم مجموعة من الشكايات في وقت سابق، إلى المسؤولين بالإقليم تخص الاعتداءات المتكررة بإتلاف المزروعات وسرقة الأحجار من الحظائر المتواجدة فوق الأرض التي تستغلها تعاونية العنبرية، مبرزين أن احتجاجاتهم تأتي بعد استمرار المعاناة التي يعيشها سكان التعاونية على خلفية النزاع القائم، على عقار العنبرية 70والذي يضم مناطق للفلاحة والرعي، مشيرين إلى أن النزاع احتدم بين الطرفين بعدما حصل سكان دوار الخشاشنة على وثيقة إدارية في أكتوبر 2011، يدعي فيها هؤلاء أن الأرض موضوع النزاع تخص أسلافهم، مضيفين أنه بمقتضى تلك الوثيقة الإدارية تم احتلال أرض التعاونية من طرف سكان دوار لخشاشنة، مطالبين بتدخل السلطات الإقليمية لحل المشكل ورفع اللبس الحاصل في القضية، والفصل بين الأطراف المتنازعة. أرض الكفالي.. اعتصام مستمر قفلنا عائدين نحو مدينة سطات لنعرج جنوبا نحو جماعة خميس سيدي محمد بن رحال التابعة لدائرة سطات، وغير بعيد عن الطريق الوطنية رقم 9 المؤدية إلى مراكش، توجد أرض الكفالي، وهي أراض مسترجعة تبلغ مساحتها ما يزيد عن 650 هكتار، اشتد حولها النزاع هذه السنة بشكل كبير، جعلت العشرات من سكان دواوير أولاد سعيد بن علي والقائد موسى والحمامدة والهيبات بجماعة خميس سيدي محمد بن رحال التابعة للنفوذ الترابي لإقليمسطات، يرابطون في اعتصام دام عدة أشهر للمطالبة بتوقيف عملية حرث الأرض من قبل مستغليها، من خلال بحثنا مع الإدارات المعنية تبين أن مشكل الكفالي لم يكن مطروحا منذ سنوات، حيث كانت أراض استرجعتها الدولة من المعمر على حالتها واسترجعت معها مجموعة من المشاكل المرتبطة بها، والمتعلقة أساسا بمعاملات متنوعة بين المعمر ومواطني المنطقة كالبيع والهبة وغيرها، ومن أجل حل هذه المشاكل التي طرحت معالجتها قامت الدولة بخلق لجنة وزارية مشتركة مكلفة بفض النزاعات الناشئة عن تطبيق ظهير 2مارس1973، وتمثل دور اللجنة التي كان يترأسها المحافظ العام على الأملاك العقارية في تلقي شكايات المواطنين ودراسة ما يتوفر عليه أصحابها من بيانات ووثائق، وفي سنة 1994 صدرت دورية عن الوزير الأول أنشئت بموجبها لجنة إقليميةبسطات في إطار عدم التمركز لمتابعة دراسة الملفات العالقة، وذلك نتج عنه إعطاء الموافقة لبعض الطلبات بعد تسوية ملفاتهم بأثمان رمزية أو تفاوضية، وظلت المسطرة جارية، إلا أن الملاحظ هو أن التسوية التي كانت في البداية تتعلق بالضبط التقني لأصحاب الملفات من حيث المساحات وحدود الأراضي المعنية، أخذت اتجاها آخر بعد تأخير المساطر لتدخل جوانب تتعلق بالسكان المحيطين بهذه الأراضي الذين بدورهم بدؤوا يطالبون بالاستفادة من هذه التسويات، بادعاء أن آباءهم وأجدادهم كانوا يعملون بهذه الأراضي خلال مراحل سابقة من الاستعمار. في السنوات الأخيرة، ظهر مشكل الكفالي بشكل كبير عندما قام سكان المنطقة بمنع عمليات حرث يؤمنها عدد من أفراد القوات المساعدة وعناصر الدرك الملكي التي قصدت أرض الكفالي لمباشرة عملية الحرث التي كانت ستنفذها جرارات مستغلي الأرض، إلا أن هذه العملية جوبهت باعتصام مجموعة من ساكني المنطقة، ونتيجة أعمال المنع هذه اعتقلت عناصر الدرك الملكي التابعة لسرية سطات بعض الأشخاص، لتتبعها وقفات أمام محكمة سطات الابتدائية للاحتجاج، والتي هدف من خلالها المحتجون المطالبة بحقوق أبناء المنطقة وإنصافهم، باعتبار أن الأرض، التي تبلغ مساحتها ما يزيد عن 650 هكتار هي أرض موضوع نزاع، بينهم وبين الأطراف الأخرى التي كانت تستغل الأرض المذكورة لعدة سنوات. عين بلال: اعتداءات متوالية على مستثمرين على الحدود مع إقليمقلعة السراغنة وغير بعيد عن مجرى واد أم الربيع، توجد أراض تقدر ب220 هكتارا يستغلها مستثمرون فلاحيون بجماعة عين بلال دائرة البروج إقليمسطات، وأغلبها ضيعات فلاحية تهتم بإنتاج الزيتون والرمان، النزاعات المتكررة والاعتداءات التي تتعرض لها هذه الضيعات جعلت هؤلاء المستثمرين يطالبون والي جهة الشاوية ورديغة بالتدخل من أجل رفع الضرر عنهم، وحمايتهم من الخطر الذي بات يهددهم في ضيعاتهم وممتلكاتهم جراء استمرار الاعتداءات من طرف سكان دوار يوجد غير بعيد عن وحداتهم الفلاحية، وعرض المستثمرون وضعياتهم المتأزمة جراء الهجومات التي تتعرض لها وحداتهم الفلاحية، رغم أن هذه الضيعات الفلاحية محفظة، ذات رسوم عقارية بمساحة إجمالية تقدر ب220 هكتار، توفر فرص شغل لليد العاملة القارة والموسمية لأبناء المنطقة والمناطق المجاورة ببني مسكين الغربية. وأضاف المستثمرون الفلاحيون أن هذه الاستثمارات، التي رصدت لها مبالغ مالية مهمة خصصت للبناء وغرس أشجار الزيتون، بعدما كانت عبارة عن أرض قاحلة، وما تطلب من تجهيزات وآليات فلاحية تتعلق بشبكة الري وحفر الآبار وإنشاء الصهاريج، إضافة إلى المرافق المختلفة المتعلقة بالمستودعات ومساكن الحراس، سرعان ما بدأت تتعرض إلى اعتداءات من بعض سكان الدوار المذكور مهددة بذلك استقرارهم وأمنهم، بما تقوم به هذه العناصر من تخريب للمنشات كشبكة الري العصري بالتقطير حيث يتم تقطيعها وتدمير الآلات الفلاحية كالجرارات، وكذلك إتلاف أشجار الزيتون وسرقة غلالها، وهدم مساكن الحراس، وتهديدهم في حياتهم وأعراضهم، في الوقت الذي يقول فيه سكان الدوار المذكور أن الأرض التي تعود لهم ورثوها عن أجدادهم، ووفق تعبير المستثمرين فإن سكان الدوار يلجؤون إلى أسلوب الانتقام والتخريب عن طريق أعمالهم هذه على مرأى ومسمع من الجهات المعنية، على الرغم من الشكايات ومن المتابعات القضائية، التي تبقى دون أثر رادع ودون مستوى الأعمال التخريبية المرتكبة في حقهم كمستثمرين هدفهم تنمية اقتصاد المنطقة والجهة، وضمان قوت عيش فئة عريضة من الأسر تتجاوز 150 أسرة، علاوة على تأهيل القطاع الفلاحي بالمنطقة.السلطات الإقليمية متشبثة بالقانون لدى بحثنا عن موقف السلطات الإقليمية والمحلية في مختلف هذه النزاعات العقارية تبين بأن هذه السلطات تتشبث بالقانون وتستغرب أسباب هذه الأزمة التي اندلعت إثر احتجاجات مختلف سكان الأراضي المثار حولها النزاع ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ خاصة وأن جل القضايا لا يستند أصحابها على وثائق قانونية ملموسة ودامغة تثبت أحقيتهم في العقارات المذكورة، بل يستندون فقط على أعراف قديمة وادعاءات يزعمون من خلالها بأن أحقيتهم في هذه الأراضي نابعة من كونها كانت تستغل من طرف أبائهم وأجدادهم كما هو الشأن بالنسبة للكفالي وبالنسبة لمستثمري عين بلال، هذا في الوقت الذي حسم قانون التحفيظ والقوانين الأخرى المرتبطة في هذه الأراضي، ومع ذلك فقد تم التوصل إلى اقتراحات إيجابية من أجل حل بعض المشاكل العالقة كما وقع بالنسبة لتعاونية العنبرية عندما طلب من السكان وذوي الحقوق بالنسبة للأراضي السلالية الامتثال إلى قانون سنة 1917 بتعيين أو انتخاب مجلس نيابي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فقد لوحظ أيضا ضعف أداء المجتمع المدني وكذلك الأحزاب السياسية في تأطير السكان، بتوضيح المساطر وتيسيرها لمعرفة ما لهم وما عليهم، دون مزايدات انتخابية أو سياسية.