تعرف المنظمة البريطانية غير الحكومية (رانيمد ترستRunnymede Trust -)، وهي من أشهر المنظمات التي تلقى قبولا واهتماما من النخب الفكرية، الإسلاموفوبيا بكونها «النظرة إلى الإسلام بصفته كتلة أحادية لا تقبل التغيير، مقطوعة عن الثقافات الأخرى، تقوم على أفكار همجية لا عقلانية، بدائية وذكورية، تفضي إلى العنف والعدوان والإرهاب». ولا تقتصر الظاهرة على إسبانيا فحسب، وإنما تنتشر في عموم أوروبا والغرب. وثمة في المخيال الغربي عموما، وخطابه الإعلامي «تلازم وحتمية بين (الإسلام) و(الإرهاب) وقد يكفي لبيان مدى اعتباطية ربط أحدهما بالآخر أن يلاحظ المرء أن (الإرهاب) في عصرنا الحالي ظاهرة عامة، وذات دوافع مختلفة، يعاني منها العالم اليوم من اليابان إلى أوروبا وأمريكا، عبر آسيا وإفريقيا، ومع ذلك يصر الخطاب الإعلامي الغربي إصرارا شديدا على ربط (الإسلام) و(الإرهاب) في البلدان العربية خاصة، والإسلامية عامة متجاهلا في ذلك؛ كل العوامل الموضوعية، في حين عندما يتعلق الأمر ب(الإرهاب) خارج الدائرة الإسلامية يصرف النظر تماما عن ربطه بالدين ليقع التركيز على أسبابه الموضوعية». وعلى أساس ذلك، أصبح المهاجرون يشكلون قلقا للإسبان، وأصبح «موضوع الهجرة يحتل مكانة خاصة لدى الساسة، يتقدمهم اليمين بكل تياراته، وقد شرعت سياساته في الترويج لكون الهجرة تهدد المجتمع الإسباني. وجاءت دراسة أخرى للمركز الإسباني للدراسات السوسيولوجية CIS حول الأصل العرقي والإثني للمهاجرين تحمل رقم2731 أنجزت سنة 2007 لتؤكد أن « 68,7 بالمائة من المجتمع الإسباني يظن أن تعداد المهاجرين زائد ومفرط. في حين 36,7 بالمائة يؤكدون أن هناك مجموعات إثنية يحسون تجاههم بالثقة مقارنة بباقي المجموعات الإثنية الأخرى. في هذا الإطار يحتل المهاجرون القادمون من دول أمريكا اللاتينية المراتب المتقدمة. يأتي بعدهم المهاجرون القادمون من رومانيا. يليهم الذين يتعين الحذر منهم وهم المهاجرون المغاربة والمغاربيون عموما والجزائريون». الدراسة نفسها تشير إلى أنه من بين الأحكام المسبقة التي يتم إلصاقها في إسبانيا بالجاليات العربية، يأتي الإرهاب في المقام الأول، إضافة إلى العامل المهاجر الفقير مقابل الأمير الخليجي الغني، وصورة العربي كمتعصب متكامل. هذه الصورة التي بات الخطاب في المجتمع الغربي يتأملها بشكل مهم، ناهيك عن الوعي الجمعوي الذي أصبح يربطه المجتمع بين الإسلام والإرهاب منذ الأحداث في 11 شتمبر بنيويورك، مدريد ولندن. وعلى هذا الأساس، برز في الأفق طرح في الأوساط المجتمعية الإسبانية، «يعامل المهاجرين، خاصة المتحدرين منهم من أصول إسلامية ومغاربية، بحسب قيمتهم. إذ يختلف الأمر من المقيم بصفة قانونية إلى غير الشرعي. ومن المتعلم إلى الجاهل». كما تشكل رأي يحاول تحميل المهاجرين مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي. «ففي 11 نوفمبر2008 نشرت معظم الصحف بإقليم الأندلس، حيث توجد أكبر نسبة من المهاجرين المسلمين المتحدرين من أصول مغاربية، مقالات ربطت فيها بين الارتفاع المهول في بطالة هؤلاء المهاجرين ممن وصلت نسبة عطالتهم 60 بالمائة أي نحو أكثر من 40 ألف عاطل، والخسائر المالية التي تكلف الخزينة الإسبانية. وذهبت جريدة «إلموندو» في عددها لليوم نفسه إلى القول بأن البطالة تكلف خزينة الدولة 116 مليون أورو، أي ما يمثل أكثر من 54 بالمائة، تمثل فيها بطالة المهاجرين 9 بالمائة، أي أكثر من 10 ملايين أورو من القيمة الإجمالية لما تتكبده خزينة الدولة الإسبانية»، في حين أكدت معطيات منظمة الشفافية الدولية أن «عدد المسلمين بإسبانيا في غضون 2030 سيتخطى حوالي 4 بالمائة، في الوقت الذي بلغ فيه أكثر من 2.3 بالمائة من تعداد السكان. مما حول الهجرة إلى مادة دسمة تستعمل في الحملات الانتخابية وتمكن من الحصول على أكبر عدد من الأصوات الانتخابية، وذلك راجع إلى « تدجين المجتمع وإقناعه بأن الهجرة تهدد أمنه واستقراره»، خاصة بعدما طفت إلى السطح انعاكسات ثقافية واجتماعية ترتبط في المقام الأول بالمهاجرين المسلمين. وبدأت إسبانيا تشهد تغيرات مهمة في بنيتها العمرانية (بروز أحياء هامشية) وتشكل مراكزها التربوية وبهتت صورة الوحدة الكاثوليكية واتضح أنه يجب على إسبانيا أن تقتسم دولة الرخاء مع مجموعات سكنية أخرى وافدة. وبذلك؛ تحولت ظاهرة الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) إلى خطاب باتت تروج له أحزاب اليمين في إسبانيا كما في باقي دول الاتحاد الأوروبي. أكثر من ذلك، اتضح أن «النزعة لرهاب الإسلام» تسجل وفقا لتقرير نشره في نهاية 2006 المركز الأوروبي لرصد التمييز العنصري وكره الأجانب ( EUMC ) تصاعدا في جميع بلدان الاتحاد الأوروبي» مع الإلحاح في الربط بين الإسلام ووجود المهاجرين.