بحلقة أول أمس السبت، يقترب برنامج المسابقات «كوميديا» الذي تنتجه شركة «جيميسيس برود»، التي يملكها كل من ياسين زيزي ومحمد رمزي، من إسدال الستار على النسخة الثانية من هذا البرنامج، بكثير من الأسئلة المقلقة المتعلقة بالتصور ومدى قدرته على إنتاج مواهب كوميدية حقيقية، ومرتبطة بلجنة التحكيم وعلاقتها بالكوميديا وقدرتها على التقييم، أسئلة متصلة كذلك بالمعايير التي حكمت قرار الرئيس المدير العام فيصل لعرايشي لمنح الأسماء التي اقترن ظهورها سابقا ببرامج ضخمة سابقة (القدم الذهبي، لالة لعروسة) تراخيص إنتاج، دون غيرها. في الوصلة الدعائية ل«كوميديا»، يقدم البرنامج نفسه، كمنقب عن المواهب ويدعو تبعا لذلك الشباب المغربي إلى الانخراط في الاقصائيات التمهيدية التي صرح أنها شهدت مشاركة حوالي 1200 «كوميدي» مغربي، السؤال الذي يطرح بحدة : هل الصيغة التي يتم الاشتغال بها «سليمة» وقادرة على منح الساحة الفنية مواهب كوميدية حقيقية؟ في نظر الناقد والأستاذ الجامعي محمد سكري، ف«الطريقة التي يتبعها برنامج «كوميديا» في إنتاج الكوميديا غير سليمة، لماذا؟ لأن تكوين الممثلين يفترض شيئا واحدا ومعروفا، هو مدارس التكوين، ولست أدري ما الغاية من إنتاج برامج كاستوديو دوزيم و«كوميديا»، إذا لم تكن قادرة على إنتاج ممثلين وفنانين، فالمشكل في نظري يكمن في غياب مسار تكويني، ولنأخذ العبرة- مع بعض التحفظ- من برنامج «ستار أكاديمي» الأول، فبالرغم من المؤاخذات التي نسجلها، فالبرنامج يقترح مسارات تكوينية مضبوطة، ويعتمد على متخصصين، لهم معايير واضحة ومضبوطة للانتقاء يمكن أن تضمن إنتاج مواهب، فيما يخص برنامج الكوميديا أقول- وأنا لا أتحامل على أحد- لا يعتمد على معايير ولا يستطيع أن ينتج كوميديين». وفي السياق ذاته يقول الممثل والمخرج المسرحي عبد الحق الزروالي: «يجب البحث عن أسلوب آخر للوصول إلى غاية اكتشاف مواهب فكاهية وتوفير ظروف أفضل تمكن الشاب أو الشابة من أن يعبرا عن ذاتيهما، إذ أنني أخاف أن تختلط الأشياء على بعض الشباب لحظة تقديمهم لاقتراحاتهم، لهذا أقول إن الظروف التي يشتغل وفقها البرنامج غير صحية». خلل في التصور ومعايير انطباعية يظهر بعدها عن التقييم الحقيقي، حينما يتلقى الجمهور تعليق الممثلة أمينة رشيد على مشاركة بعض المرشحين: أنت وسيم واسم على مسمى أو مخيبتيش المظنون فيك» أو حينما يصرح ياسين زيزي: «الجمهور كال حكمو وصافي»، أو حينما يقول الخياري في كثير من الأحيان: «أنت ممثل ماشي كوميدي، أنت وسيم وماتنساش أنك ماشي وسيمة، خلقت لنفسك مدرسة كوميدية خاصة أنت أول واحد تمثل هذا النوع من الكوميديا، دون أن يعرف المتلقي عن أي كوميديا يتحدث الخياري، واصل في المسار أنت مزيان...». وبعيدا عن المعايير الانطباعية المتقلبة بالنظر إلى معطيات تكوينية، يطرح البرنامج إشكال لجنة التحكيم، فنسخة هذه السنة عرفت مشاركة الممثلة أمينة رشيد بدل آمال الأطرش التي تعرضت لانتقادات كثيرة، مع الاحتفاظ بكل من محمد الخياري وياسين زيزي، هذا يفرض طرح أسئلة أخرى عديدة: هل يمتلك الممثل الخياري من التاريخ الكوميدي الحقيقي ما يشفع له بانتقاء مواهب الغد؟ وهل يمتلك ياسين زيزي من الميكانيزمات ما يشفع له، بالحكم على المواهب؟ وهل مرور أمينة رشيد التي يرى البعض أنها ورطت في البرنامج، في سلسلة «العوني» رفقة الناصري، معطى كاف لمنحها التعليق والتقييمات التي تأتي بها جاهزة ومكتوبة أحيانا بنظر البعض؟ وفي تعليقه، قال ناقد مغربي شهير رفض الإشارة إلى اسمه: « أول شيء يمكن تسجيله، ما علاقة أسماء من بينها زيزي، محمد رمزي، محمد الخياري،آمال الأطرش، رشيد الإدريسي القادم من وراء ميكروفون الإذاعة... بالكوميديا؟ هذا سؤال مبدئي ولهم أن يجيبوا عن السؤال؟ الأمر الثاني هل الخياري والأطرش نماذج للكوميديا المغربية؟ فلا يكفي أن تكون ممثلا لتكون في لجنة التحكيم، مثال ذلك أن جمال الدبوز الكوميدي الشهير أنتج برنامج «نادي جمال الكوميدي» الذي يقدم على «كنال بلوس» دون أن يكون في لجنة التحكيم التي تتكون من أسماء شهيرة كألان شاباط ،جون بييغ باكري،جيرارد دارمون... وبلغة ساخرة وخفية، ينتقد الممثل الزروالي لجنة التحكيم، بالقول في تصريح ل«المساء»:عندما نختار شخصا ما للجنة تحكيم ما، فكأننا نقول للمترشحين بشكل غير مباشر، إننا نعطيكم القدوة، أي أن تكونوا نسخة من لجن التحكيم، وهنا يطرح السؤالان، هل هناك اتفاق أصلا على مفهوم الكوميديا في الساحة الفنية المغربية؟ وهل استوعب البعض مفهوم الكوميديا، كمجال صعب أم أننا نحاول أن نملأ الفراغ بالفراغ؟ نحن لا نريد حالة التهريج وتزكية التهريج، ما نريده هو الكوميديا الحقيقية. وبالرغم من لغة التهريج التي تحملها حلقات برنامج «كوميديا» برأي العديد من القراء الذين تلقت «المساء» احتجاجاتهم، أصر الرئيس المدير العام فيصل لعرايشي على التأشير على «الصفقة» الثانية من هذا المشروع التلفزيوني، وأعطى الضوء الأخضر لإنتاج برنامج جديد شهري تحت اسم «كوميديا شو»، عبارة عن سهرة فنية تستضيف مجموعة من الأسماء الفنية والرياضية لتأثيت فضاء البلاطو، هذا إلى جانب بث كبسولات شبه يومية لبرنامج «كوميديا»، بشكل «إنتاجي» يطرح أكثر من سؤال حول المعايير التي استند عليها العرايشي وبعده العلمي الخلوقي المشرف على «الإنتاج» و«البرمجة»، لاختيار شركة إنتاج دون سواها، شركة سبق وأن نسج أصحابها علاقات مع شركة إنتاج سابقة، والمحصلة هبات إنتاجية يمنحها العرايشي حددت في الملايير، دون أن يتحقق مبدأ الرقي بذوق المشاهد الذي ينص عليه دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.