المكي زيزي، العلمي الداية، نور الدين باديس، محفوظ نبيل بن عبد الرحمان، حسن الداية، العلام الداية، نور الدين الداية محمد السنة، محمد بن إدريس القادري وغيرهم من شرفاء زاوية سيدي عبد السلام الذين كانت «المساء» في ضيافتهم، ليضعوا بين أيديها ملفهم المتعلق بحرمانهم من أراضيهم التي تقدر ب20 ألف هكتار، والتي يثبت حقهم فيها حسب ما زودوا به «المساء» من وثائق رسمية وعلى رأسها نسخ أصلية من14 ظهيرا شريفا، غير أن هذه الأراضي التي ورثوها أبا عن جد وناضلوا لأجل الاحتفاظ بها ضد المستعمر، يعانون اليوم حسب إفادتهم بسبب حرمانهم من حقهم في تحفيظها والاستفادة الفلاحية منها التي تنزع منهم -والقول للشرفاء- في إطار عملية التشجير الحضري وكذا توسع المدار الحضري، الذي فتح شهية الطامعين حسب قولهم للاستحواذ على أراضيهم التي ورثوها أبا عن جد، وحرموا من أبسط حقوقهم فيها وهي «التحفيظ» رغم إقرار العديد من الجهات المسؤولة وعلى أعلى مستوى بأحقيتهم في ذلك بناء على ما يملكون من وثائق تبوثية بكونهم المالكون الشرعيون لتلك الأراضي، إلا أنهم -يوضح الشرفاء في حديثهم ل«المساء«- مازالوا ينتظرون التفاتة مسؤول، يمكنهم من حقهم المشروع الذي حرموا منه بالرغم من سلكهم لمختلف المساطر القانونية التي من شأنها أن تمكنهم من أراضيهم التي ضاعت منهم حسب تعبيرهم، بغير وجه حق بالرغم من أدلتهم التي يصفونها بأنها قاطعة..وبالمقابل تمنح لغيرهم لاستغلالها. هم فلاحون، شرفاء زاوية سيدي عبد السلام، استفادوا من أراضي تقدر مساحتها ب13880 هكتارا، بموجب 14 ظهيرا شريفا من الأسرة العلوية بدءا بالسلطان مولاي إسماعيل وأبنائه وحفدته، وامتدت من منبع إفران الحالية في أسفل وادي تزقويت وحتى خندق الحاجب، إلا أن بعض هذه الأراضي صادرتها الإدارة الفرنسية سنة 1929 من سكان الزاوية، حيث أنشأت على ترابها مدينة إفران الحديثة، بغرض أن تكون المدينة «محطة على التل» ومكانا باردا تقضي فيه الأسر المستعمرة فصل الصيف، وأيضا يجعلها لا تحس بالاغتراب عن موطنها الأصلي، لذلك فإن تصميمها يشبه «الجاردن سيتي» (مدينة الحدائق) السائد حينذاك. كما قاموا بإنشاء شاليهات صيفية على طراز منازل جبال الألب المحاطة بالحدائق والشوارع المنحية المحفوفة بالأشجار، ومن ناحية أخرى قام المستعمر بعد رفض الشرفاء اليعقوبيين للظهير البربري، بتسليط القبائل المجاورة على أراضيه وبعد الاستقلال صارع الشرفاء من أجل أراضيهم بغية استرجاع حقهم، غير أنه وفي سنة1979 أصبحت إفران مقرا لإدارة مقاطعة تحمل الاسم نفسه، وأنشأت فيها بعض الخدمات الحكومية ومباني عامة كمكتب للبريد والكنيسة وبناء سجن.. بنيت مدينة إفران ومرافق ذات مصلحة عامة بها على أراضي تعود في ملكيتها لشرفاء الزاوية، وتوسع المدار الحضري للمدينة، وتواصلت عملية انتزاع الأراضي من مالكيها الأصليين، وفي الشأن ذاته يوضح إدريس بن عبد القادر الداية (وكيل عن الشرفاء) ل»المساء» تتعرض أراضي الشرفاء اليعقوبيين بآيت سيدي عبد السلام للترامي والاستغلال من طرف الغير، بالرغم من كوننا المالكون الأصليون وذوي الحقوق، كونها ممنوحة لنا بظهائر ملكية شريفة، تمنع على غيرنا انتزاعها منا واستغلالها أو تفويتها بدون سبب. وأضاف الوكيل عن الشرفاء قائلا»إن عملية انتزاع أراضينا ازدادت، الشيء الذي خلف استياء عميقا في نفوس الشرفاء الذين قاوموا الاستعمار بشتى الوسائل بعد أن ضايقهم في أراضيهم وممتلكاتهم وإصدار خرائط للتطبيق علينا، خصوصا بعد رفضنا الظهير البربري، مما جعل المستعمر يقوم بتسليط القبائل المجاورة على أراضينا، وبالرغم من ذلك حاولنا الحفاظ على جزء هام منها، لكن بدأت خلال السنوات الأخيرة عملية انتزاع الأراضي منا واستغلالها دون رضانا». ويزيد الداية « هناك مجموعة من الضيعات والممتلكات المسترجعة التي تم تفويضها للغير الذي يتصرف فيها كأنها في ملكه، وهذا من شأنه أن يلحق أضرارا بليغة الخطورة بالشرفاء اليعقوبيين الذين يفقدون أراضيهم سنة بعد سنة بفعل حرمانهم المتواصل من استغلالها لحساب غير ذوي الحق، ولأجل ذلك نطالب برفع اليد عن أراضينا وممتلكاتنا باعتبارنا أصحاب الحق». ويقول الداية العلام وهو من ذوي الحقوق « هناك من يحاول إفراغ الظهائر الشريفة مما تضمنته، علما أن الظهير الشريف لا يبطله إلا ظهير شريف آخر، ونحن لدينا 14 ظهيرا شريفا تقر بأحقيتنا في الأرض، لكن هناك مبادرات فردية مدعومة ببعض ممن يخرقون القانون، مستغلين جهل البعض من ذوي الحقوق للنيل من حقوقهم المقررة بمقتضى سلوكات مشبوهة، غايتها مصادرة ممتلكاتنا، بحجة الاتساع الحضري ومد يدهم نحوها وحرمان ذوي الحقوق منها. ويضيف في حديثه ل»المساء» إذا كنا نبارك توسعة مدينة إفران فذلك لا يعني، أنه لا حق لنا المطالبة بإنصافنا وتعويضنا عن الأراضي المنزوعة منا، بل نطالب بالأخذ برأينا وتسليمنا لحقوقنا باعتبارنا أصحاب الأرض، ولا يحق لأحد أن يتصرف فيها، وأن ينازعنا فيها ما دمنا نتوفر على ظهائر ملكية شريفة، تخول لنا هذا الحق وتثبت أننا المالكين الشرعيين لهذه الأراضي، ولن نقبل قول القائلين الذين يحاولون النيل من عزيمتنا بكون الظهائر الأربعة عشر التي بحوزتنا مجرد أوراق لا تسمن ولا تغني من جوع. ظلم وحيف عبر جل من التقتهم «المساء» من الشرفاء اليعقوبيين عن تذمرهم الشديد، جراء الجور والحيف الذي طالهم منذ الاستعمار إلى الآن، معبرين بالإجماع عن أن حقوقهم الثابتة ظلت منسية ومقصية من كل الإصلاحات والتعديلات الإدارية ذات الصلة التي شهدتها القوانين المغربية، مدرجين على سبيل المثال مطلبهم الذي مازال ينتظر التنفيذ، مطلب التحفيظ 630 ك والمنشور بالجريدة الرسمية والمزكى بأربعة عشر ظهيرا ملكيا شريفا، جلها تعترف بأحقية الشرفاء في أراضيهم البالغة مساحتها 13880 هكتارا، والشيء ذاته الذي أكده -حسب مذكرة جوابية- لوزير عدل مغربي أثناء رده على سؤال شفوي لفريق العدالة والتنمية آنذاك في البرلمان سنة 2006 والتي تضمنت آنذاك قوله « ويظهر من خلال هذه المعطيات أن الأمر يتعلق بمطلب تحفيظ مدرج بالمحافظة العقارية والرهون صدرت بشأنه الأحكام المشار إليها أعلاه ويبقى العمل على الطالبين على إتمام إجراءات التحفيظ». انتزاع الأراضي الفلاحية أكد مجموعة من الشرفاء اليعقوبيين في تصريحاتهم ل»المساء» على معاناتهم المتواصلة جراء الصمت الذي يلاقونه حين طرحهم لمشاكلهم أمام السلطات المعنية، الأمر الذي تؤكده مختلف بياناتهم الاستنكارية -التي تتوفر «المساء» على نسخة منها- مؤكدين من خلالها، على أن جل التصاميم التي اعتمدت تضر بمصالحهم، موجهين أصابعهم باتهام مختلف السلطات المعنية التي تمادت حسب قولهم نحو أراضيهم الفلاحية بالتوسع فيها، بالرغم من إدراكهم التام بأن تلك الأراضي هي المصدر الوحيد لعيش الفلاحين، حيث تؤمن لهم ولأسرهم القوت اليومي، حيث تم التطاول -حسب قولهم دائما- إلى حد التوسع في هذه الأراضي ليجعلوا منها في تصاميمهم مساحة للتشجير في إطار ما يعرف بعملية التشجير الحضري، علما يوضح وكيل الشرفاء إدريس بن عبد القادر الداية أن مدينة إفران مكسوة بأشجارها الخلابة وطبيعتها الساحرة، لكن الأمر يتم تنفيذه حتى من دون علم السكان وإخبارهم وأخذ موافقتهم من عدمها أو حتى ممارسة حقهم المشروع في التعرض كون العملية تستهدف جزءا من ضيعاتهم التي هي في ملكهم الخاص. وفي الأمر ذاته يتساءل الذهبي عبد الرحمان ( وكيل الشرفاء) بقوله»ما هو مصير السكان الذين لم يعودوا يملكون من أراضيهم غير الفتات» المتبقي مما انتزع منهم بدون وجه حق؟ والسؤال المثير للاستغراب هو أن السلطات المحلية والإقليمية تعترف بأحقية ملكية أرباب الأراضي، بناء على التراخيص الممنوحة لهم، لكن وبالمقابل تصر على نزع هذه الأراضي من أصحابها متذرعة فقط بالإعلان في الجرائد والملصقات في المدينة وليس في القرية المعنية، ودون وضع علامات في المزارع المستهدفة من أجل تمكين أصحاب الأراضي بمعرفة أن أراضيهم تشملها عملية التشجير الحضري حتى يقوموا بعملية التعرض، إذ كان من المفروض أن يتم - يضيف الذهبي- إخبار السكان عن طريق الإعلان المتعارف عليه في عرف القبيلة وهو «البراح» الذي اعتاده سكان القبيلة مطالبين في عدد من بياناتهم التي رفعوها إلى الجهات المعنية بضرورة إلغاء مشروع التشجير وكل ما يمس أراضي الشرفاء في تصميم التهيئة. «تمدقين».. مساكن الفلاحين المغاربة والخدم إنها مساكن للمغاربة (من الخادمات والفلاحين، وغير ذلك) الذين كانوا يخدمون المنتجعين الفرنسيين، وكانت «تمدقين» مفصولة بواد عميق عن «الجاردن سيتي» عائدة للاحتلال وبعد الاستقلال تم ببطء حسب شهادة الشرفاء ل»المساء»شراء الممتلكات الفرنسية في «الجاردن سيتي» الأصلية من قبل المغاربة، وتم توسيع المدينة وتجهيزها بمسجد وسوق بلديات وأماكن سكنية عامة، وعلاوة على ذلك، فقد أعيد بناء حي «تمدقين» وتمت تهيئته بالمرافق المدنية المناسبة، وكل ذلك تم على حساب حقوق مالكيه الأصليين «ورثة معو محمد» الذين تعود مليكة تمدقين لهم وذلك بناء على الهبات الملكية المقررة لهم تبعا لأربعة عشر ظهيرا شريفا وساميا رفقته حكم ابتدائي صدر1939 للمحكمة الابتدائية بفاس ومن بعده قرار استئناف انتهائي وتأكيد المحكمة استحقاقهم لتلك الأرض في مواجهة الأملاك المخزنية، غير أنه ونظرا لأن الأرض اكتسبت أهمية استراتيجية على إثر اتساع المجال الحضري بمدينة إفران مما أثار شهية الطامعين من المستثمرين في العقار وذوي الجاه.
«الواد الحار» والمياه العذبة وتناول الفلاحون اليعقوبيون أيضا في لقائهم ب»المساء» مشكلا بيئيا يؤرقهم والذي وصفوه بموضوع الساعة، مؤكدين بخصوصه في جل تصريحاتهم ل»المساء» بأن الجهات المعنية بالأمر لم تأخذ بعين الاعتبار أن الشبكة ستصب في المياه العذبة وسيشرب منها الصغار والبهائم، مما سيضر لا محالة بالخضروات التي يعتمد عليها أهل السلالة البسطاء في معيشتهم، والتي تعتبر مصدر قوتهم اليومي الوحيد كما ستضر أيضا بالأشجار والطبيعة. أصل الحكاية تكونت قرية سيدي عبد السلام والمعروفة حاليا بزاوية سيدي عبد السلام، المسماة على اسم مؤسسها خلال القرن السادس من مساكن كهفية محفورة في الحجر الجيري لجدار وادي تزقويت الواقع على بعد سبعة كيلومترات من مصب نهر القرية حاليا. وقبل ما يقارب الخمسين سنة الأخيرة بدأ سكانها في بناء مساكن فوق الأرض، بينما الكهوف تحولت إلى حظائر للحيوانات وأماكن للخزن. ومن المعروف أنه بحلول منتصف القرن السابع عشر بدت زاوية سيدي عبد السلام تتطور بالشكل الذي جعلها تستفيد من منحة كانت عبارة عن أرض سلمها مولاي سلطان راشد (ب)محمد لشرفائها والتي امتدت من منبع إفران الحالية في أسفل وادي تزقويت وحتى خندق الحاجب. وارتكز مصدر عيش الزاوية على الزراعة المروية في أسفل الوادي وعلى رعي الماشية وموارد الغابات، وكانت الأراضي الزراعية ملكية خاصة، أما المراعي فكانت تحت تصرف الجماعات القبلية. وفي أواخر القرن التاسع عشر بدأت مجموعات من المزارعين والرعاة من أما زيغ بني معقلد وبني معطر بالأطلس المتوسط برعي قطعانها من الأغنام والماعز على الهضبة المحيطة بها. وقد خضع السكان القبليون في منطقة إفران إلى الحكم الاستعماري بعد فترة من المقاومة (1913-1917) التي ظلت مرابضة في أعالي الجبال حفاظا على أرضها. تلك هي مشاكل الشرفاء اليعقوبيين الذين يعانون ولا حيلة لهم غير دق الأبواب التي يعتبرونها لحد الساعة ما تزال موصدة في وجوههم في غياب من ينظر لملفهم ويحميهم من عملية الترامي على أراضيهم التي ورثوها أبا عن جد ب14 ظهير شريف، وتنتزع منهم تحت حجج عديدة وعلى رأسها التوسع الحضاري لمدينة إفران وكذا التشجير. كيف يواجهنا أبناؤنا بوثائق المستعمر لانتزاع حقنا في أرضنا؟ يبلغ من العمر 82 سنة، متقاعد، كان يعمل في سلك التعليم كأستاذ للتربية الإسلامية من تلامذة عبد الهادي التازي، درس بأمر من الحسن الثاني في جامعة القرويين، يقول في تصريح ل«المساء» «كيف يواجهنا أبناؤنا المغاربة بحجج وضعها المستعمر للنيل من أراضينا، وانتهاك حرمتها، وإغفالهم بالمقابل للظهائر الملكية الشريفة التي تمكننا من حقنا في أراضينا، وهي ليست بظهير واحد شريف، ومن المعلوم أن الظهير الشريف لا يلغيه حتى المرسوم فكيف بوثيقة وضعها المستعمر الذي كان كل هدفه النيل من كرامتنا وسلبنا أراضينا وجعلنا عبيدا له فيها. لم نستسلم للمستعمر الذي غادر أراضينا لكننا أصبحنا اليوم ومنذ سنوات خلت في مواجهة أبنائنا المغاربة الذين يرفضون بالرغم من الدلائل القانونية والمستندات تمكيننا من حقنا المشروع في أراضينا التي لن نسمح في ذرة تراب منها بالرغم من جل الإغراءات والمساومات التي هدفت إلى النيل من عزيمتنا، لكن أبدا ونحن نسير على خطى أجدادنا الشرفاء الذين دافعوا عن أراضيهم منذ أمد بعيد بل ورافعوا أمام المحاكم، جبروت المستعمر عندما امتدت يده لانتزاع أراضيهم وإقامة مدينة إفران التي جعلوا منها بديلا لبلدانهم التي تنسيهم غربتهم في وطننا. وكان الشرفاء في ذلك الوقت يلتجئون إلى المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني فكانا يوصيان الشرفاء كما يوصيان المغاربة كافة بعدم التفريط في شبر من أراضيهم، وكان الاستعمار من جهته يضع الخرائط للتشويش وإضاعة حق الشرفاء، الذين لم يثبت في يوم من الأيام أن باعوا شبرا من أراضيهم رغم مساومات المستعمر وتهديداته. وهذا الواقع الذي لا يحسد عليه الشرفاء، كان من الممكن أن يصحح في عهد الاستقلال، إلا أن الدسائس التي تحاك من أطراف خارجية، والمشاكل التي تثار في ما بين الشرفاء أنفسهم، حالت دون تصحيح هذا الواقع المر، رغم تعاليم الأشراف العلويين الأمجاد. وما أشبه اليوم بالأمس حيث في ظل هذا الصراع القائم، أنجزت مشاريع اجتماعية وعمرانية على جزء من الأراضي المتنازع عليها، وأقول بأن الشرفاء لن يرفضوا التحاور والتفاهم، شريطة ألا تنتزع أراضيهم في غفلة منهم ومن دون وجه حق».