- لي أخت عمرها 28 سنة منطوية على نفسها ولا تريد الحديث إلى أحد سوى أختي الصغيرة. فإن كانت لوحدها في البيت تتحرك فيه وتقوم ببعض الأشغال الخفيفة، لكن حينما يدخل أحد ترجع إلى مكانها. منذ خمس سنوات أصبحت تتكلم مع نفسها ليلا ونهارا ولا تنام وتتحرك في كل أرجاء البيت، فذهبنا بها إلى فقيه ولكن بدون جدوى، فهي تعتقد بأن هناك أشخاصا يراقبونها ولا تريد أن تشرب في كأس إلا إذا شرب منه الجميع. المشكل الأساسي يكمن في أن أمي ترفض بتاتا فكرة اصطحاب أختي إلى طبيب نفساني مما يعيق شفاءها ومكوثها على نفس الحال. فما الذي يمكن فعله لمساعدة أختي على تجاوز هذا المشكل. < أختك تعاني من اضطراب نفسي وذلك منذ عدة سنوات كما ذكرت.. في الحقيقة لا أستطيع إعطاء تشخيص مدقق للحالة فقط عن طريق ما أوردته في رسالتك. ولكن حسب الأعراض التي ذكرتها يمكن أن يتعلق الأمر بنوع من الأمراض العقلية التي تتطلب علاجا نفسيا على المدى البعيد، أي متابعة من طرف الطبيب النفساني الذي يصف الأدوية التي لا بد للمريض أن يتناولها بشكل مستمر لأنه حينما يتعلق الأمر بمرض عقلي يصبح المشكل مزمنا والعلاج النفسي يساهم في استقرار الحالة النفسية للمريض وليس في القضاء على المرض نهائيا.. بالإضافة لتدخل الطبيب النفساني تكون الجلسات النفسية مع أخصائي نفساني مهمة جدا من أجل مساعدة المريض على تناول الأدوية بانتظام والتعامل بطريقة جيدة مع مشاكل الحياة اليومية لكي يتجنب النوبات المرضية المرتبطة باضطرابه العقلي.. كما أن الأخصائي النفساني يمكنه مساعدة المحيط الأسري لكي يستطيع نفسيا تقبل الحالة التي يعيشها المريض وتفهمها ويساهم في التقليل من حدتها واستقرارها. لقد ذكرت بأن أختك قد زارت «فقيه» لكن بدون جدوى. فعلا، إن أي تدخل من طرف أشخاص غير أخصائيين في المجال النفسي يمكنه أن يزيد من حدة المرض ومن معاناة المريض.. كما أن رفض أحد أعضاء الأسرة كالأم مثلا تدخل الطبيب النفساني قد يساهم في بقاء المريضة على حالها، لذلك يستحسن أن يتم التواصل بطريقة هادئة مع الأم من أجل إخبارها بضرورة زيارة الطبيب النفساني، لأنه حسب الأعراض المذكورة في السؤال فإن الأدوية تظل ضرورية من أجل استقرار حالة أختك، كما أن زيارتها للطبيب بانتظام هي أيضا مهمة لكي تستطيع المريضة أن تثق بالشخص الذي يصف لها الدواء، مما يمكنه أن يساعدها على عدم التوقف عن تناوله.. أخيرا، أود التأكيد على أن المحيط الأسري يلعب دورا جوهريا في مثل هذه الحالات، لأن تفهم الحالة المرضية التي تعيشها أختك ومساعدتها على الذهاب لزيارة الطبيب النفساني بانتظام من شأنه أن يساهم بشكل كبير في تحسن حالتها.. لقد لاحظت من خلال رسالتك أنك تعاني كثيرا بسبب ما تعيشه أختك وتحس بأنك عاجز عن تقديم يد المساعدة إليها. أؤكد لك بأن اهتمامك بحالتها وقلقك بخصوص ما تعيشه والتفكير في مساعدتها رغم الصعوبات التي تعترضك، كما جاء في رسالتك، هو دليل على أنك تفعل كل ما باستطاعتك، وفي جميع الأحوال أكيد أن هناك إكراهات عديدة أخرى متعلقة بأسرتك وتتجاوزك. - أنا سيدة ابلغ من العمر29 سنة، تزوجت لمدة ثلاث سنوات وبعدها كان الطلاق. لقد عشت مع زوجي السابق صراعات عديدة جعلتني أفضل الطلاق على الاستمرار في علاقة زوجية خانقة. المشكل الذي أعاني منه حاليا يكمن في أنني أجد نفسي غير قادرة على الثقة في أي رجل ولا أرغب في الزواج مرة أخرى لأن لدي خوفا شديدا من تكرار نفس التجربة.. في الحقيقة، أفكر في بعض الأحيان في الزواج، ولكن بمجرد ما أتذكر كل ما عشته سابقا أشعر بيأس كبير يمنعني من التفكير في أي شيء سوى الحالة التي أعيشها.. سؤالي هو: هل الحالة التي أعيشها يمكن أن تستمر طويلا؟ < لقد ذكرت من خلال رسالتك سيدتي أنك انفصلت عن زوجك بعد ثلاث سنوات من الصراعات الزوجية. هذا الانفصال كان بالتأكيد له تأثير نفسي عليك.. لا أعلم إن كان هذا الانفصال تم منذ مدة قصيرة أو منذ فترة بعيدة..لأنه من الطبيعي أن تحس المرأة بعد الطلاق بحالة من الحزن والحسرة والقلق واليأس، ولكن إذا استمر ذلك لمدة طويلة فهنا لا بد من إعادة النظر بالتدقيق في العوامل النفسية الخاصة بالمرأة، التي جعلتها غير قادرة على الخروج من الحالة النفسية التي عاشتها مباشرة بعد الطلاق.. فالانفصال قد يجعل التجارب النفسية السابقة التي عاشتها المرأة تطفو على السطح. هذه التجارب تكون مرتبطة بالطفولة أساسا، والتي قد تساهم بشكل لاواع في الحالة النفسية التي سوف تعيشها المطلقة..إذ أنه ليست كل النساء المطلقات يعشن الانفصال بنفس الطريقة، وهذا دليل على أنه ليس الانفصال في حد ذاته هو الذي يسبب مباشرة حالة الكآبة المستمرة التي تعيشها المطلقة وكذلك الخوف والقلق من المستقبل وفقدان الثقة في العلاقة مع الرجل بصفة عامة.. هناك نقطة أخرى مهمة وهي أنه حينما يتعلق الأمر بصراعات زوجية أو انفصال فإنه غالبا ما يعتبر كل من الطرفين نفسه ضحية، أي أن الآخر هو المسؤول كلية عن كل ما يحدث في العلاقة الزوجية وعن سبب الانفصال أيضا.. لذلك أدعوك سيدتي إلى التفكير في الجانب الذي تتحملينه من المسؤولية في ما حدث. أقول جانبا من المسؤولية وليس كلها، إذ أنه لا داعي للإحساس بالذنب، فربما إعادة التفكير هذه يمكنها أن تساعدك على تغيير منظورك لما وقع، وكذلك تصورك للانفصال. فليس من الحتمي أن يكون هذا الأخير نهاية لكل علاقة مع الرجل. بالعكس، الانفصال يمكنه أن يشكل مرحلة انتقالية وإن كانت صعبة فإنها تظل فرصة للتوقف من أجل التفكير بتأن في أشياء يمكن تجنبها لاحقا، وأخرى من الأفضل بذل المجهود فيها من أجل تحقيقها أو ربما تقبلها كما هي.. إذن، الحالة التي تعيشينها حاليا ليست مرتبطة أساسا بحدث الانفصال الذي عشته وإنما بتصورك لهذا الحدث.. فمن حقك بالطبع أن تشعري بالإحباط والحزن والقلق وهذا أمر إنساني، ولكن لا بد من تجنب الدخول في دائرة مغلقة من كل هذه الأحاسيس التي تجعلك تنظرين إلى الرجل والمستقبل نظرة تمنعك من الخروج من المعاناة التي تعيشينها حاليا، ولذلك أظن أن بعضا من الجلسات النفسية يمكنها أن تساعدك على تجاوز الأمر.