أدى الإضراب الوطني الذي تخوضه شغيلة البريد، ابتداء من أمس (الأربعاء)، والذي دعت إليه ثلاث نقابات (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد المغربي للشغل) إلى هروب زبناء مؤسسة بريد المغرب نحو مؤسسات أخرى تقدم نفس الخدمات، وهو ما من شأنه أن يكبد المؤسسة خسائر كبيرة، خاصة أن مدخولها كان سلبيا، حسب ما أكده محمد بوضاض الكاتب العام للنقابة الوطنية للبريد والمواصلات. وصرح بوضاض بأن حالة من الشلل أصابت مؤسسات البريد على صعيد المغرب، خاصة بالنسبة إلى الإنتاج والمداخيل، بعد أن استجاب البريديون والبريديات للإضراب وانخرطوا فيه بكثافة، مضيفا: « وصلت نسبة المشاركة في هذا الإضراب 100 في المائة، خاصة بالنسبة إلى العاصمة الرباط والدار البيضاء ومراكش، حيث بلغتنا معطيات تفيد بأن موظفي المؤسسات البريدية بهذه المدن لم يلتحقوا بمقرات عملهم» وأضاف: « وهذا ما شل الحركة الإنتاجية بجميع مؤسسات بريد المغرب». وأضاف مصدر مطلع أن حالة من الاستياء خيمت على جميع المواطنين الذين فوجئوا بالإضراب، وهو ما جعلهم يغيرون الوجهة نحو مؤسسات أخرى لإرسال ودائعهم أو رسائلهم. وفي نفس السياق قال بوضاض إن: «الخسارة الكبرى للمؤسسة هي هروب الزبناء، خاصة زبناء خدمة «ويسترن يونيين». وحمل مصدر نقابي مسؤولية عدم سحب المنخرطين في المؤسسة لرواتبهم الشهرية للإدارة التي تراجعت عن الاتفاق الذي كانت انتهت إليه بتوافق مع نقابيين في القطاع، وهو ما اعتبره بوضاض « تراجعا غير مبرر». وجاء الإضراب متزامنا مع فترات صرف أجور المستخدمين والمتقاعدين، وهو ما يمكن، حسب مصدر آخر، أن يخلق أزمة حقيقية بالنسبة للمواطنين، الذين استاؤوا من الإضراب واعتبروه مقصودا لتأخير استلام رواتبهم «الهزيلة»، وهو ما من شأنه أن يعرقل مصالحهم المرتبطة بهذه المؤسسة التي يعتبرها الكثيرون الأسهل والأقرب إليهم مقارنة بمؤسسات أخرى تكون معاملاتها أكثر تعقيدا. وتميز الإضراب بوقفات احتجاجية حاشدة حمل فيها المتظاهرون لافتات ورددوا خلالها شعارات أهمها « قولوا للتجار قطاع البريد بوسطة عمومية. لا خوصصة، لا هيكلة، لا حلول ترقيعية»، وهو شعار يدين من خلاله البريديون والبريديات قرار تحويل بريد المغرب من مؤسسة عمومية إلى شركة عمومية. وأكد الكاتب العام أن الرفض جاء لأن أسرة البريد تريد الحفاظ على وحدة المؤسسة والقانون الأساسي، مضيفا أن: «ذلك نابع من غيرتنا على هذه المؤسسة». واتصلت «المساء» بمدير ديوان وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة لأخذ تصريحاته حول الموضوع، غير أنه قال أن لا علاقة للوزارة بمؤسسة بريد المغرب، وأن علاقتها بها تنحصر في الإشراف عليها فقط. وأكد بوضاض أن الخطوة التالية للإضراب ستقرر خلال اجتماع الأجهزة الوطنية للبحث في أشكال تصعيدية ونضالية أخرى لحمل المسؤولين على الاستجابة للملف المطلبي للبريديين والبريديات، قد تولد حالة من الاحتقان. ودعا بوضاض الحكومة والوزير الوصي والإدارة إلى التعامل بمسؤولية وجدية وإيلاء الملف أهمية كبرى، وفتح حوار جدي قصد التوصل إلى أرضية مشتركة حول مستقبل مؤسسة بريد المغرب.