انتقلت موجة الاحتقان الاجتماعي إلى بريد المغرب، بعد أن دعت ثلاث مركزيات نقابية إلى خوض إضراب وطني يوم 5 دجنبر الجاري ومركزية نقابية محسوبة على العدالة والتنمية إلى إضراب آخر يوم 8 دجنبر الجاري، أي يوما واحدا قبل عيد الأضحى. وتأتي موجة هذه الاحتجاجات كرد فعل على المحاولات الجارية على قدم وساق لتحويل هذه المؤسسة العمومية إلى شركة مساهمة مع إمكانية فتح رأسمالها أمام الخواص. وحسب محمد بوضاض، الكاتب العام للنقابة الوطنية لبريد المغرب المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فإن هذا الإضراب يأتي كذلك للاحتجاج على إقصاء شغيلة البريد التي يناهز عددها 8600 مستخدم على المستوى الوطني من الزيادة التي أقرتها الحكومة في إطار الحوار الاجتماعي، شأنهم في ذلك شأن باقي شغيلة القطاع العام. ورغم المساعي التي تبذلها حاليا إدارة بريد المغرب لثني ممثلي النقابات عن قرار الإضراب فإن هناك تصميما على تنفيذه، حيث كشف بوضاض في تصريح ل«المساء» أن إدارة هذه الأخيرة وعدت بعقد لقاء مع الوزير الوصي على القطاع من أجل مناقشة كل ما يتعلق بالقانون 07.08 القاضي بتحويل بريد المغرب إلى شركة مساهمة وكذا مناقشة المسائل المتعلقة باستثناء موظفي القطاع من الزيادات الأخيرة. وانتقد بوضاض عدم استفادة مستخدمي بريد المغرب من الزيادات في الأجور، رغم أن هذه المؤسسة حققت هذه السنة، بفضل مستخدميها، زيادة بنسبة 9 في المائة في رقم معاملاتها الذي استقر السنة الماضية في 1.4 مليار درهم. ويتوقع بحسب هذا المسؤول النقابي أن ينجم عن قرار الإضراب الذي دعت إليه 3 مركزيات نقابية لها حضور وازن في القطاع، أن يتكبد بريد المغرب خسارة مهمة ناهيك عن تضرر صورته لدى المتعاملين معه كما يتوقع أن يؤثر الإضراب على نسبة الأرباح التي يحققها المكتب عادة خلال مناسبات عيد الأضحى ورأس السنة الميلادية. من جهة أخرى، طالبت الكتابة الوطنية للجامعة الوطنية للبريد والاتصالات، المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، التي دعت إلى إضراب وطني يوما واحدا قبل عيد الأضحى بالتراجع عن قرار تحويل المؤسسة إلى شركة مساهمة وإلى الإسراع في استفادة البريديين والبريديات من الزيادة في قيمة التعويض عن التسلسل الإداري حماية لقدرتهم الشرائية أسوة بباقي القطاعات العامة. وأبدى عالي رابي، الكاتب العام للجامعة، تخوفه من إمكانية تكرر نفس السيناريو الذي حدث في قطاع اتصالات المغرب والانعكاسات التي تضرر منها مستخدمو القطاع، رغم أن هذه المؤسسة تعد الأولى في المغرب من حيث المداخيل. ودعا رابي عموم الشغيلة البريدية إلى أخذ العبرة من تجربة تفويت اتصالات المغرب بعدما لم تلتزم الإدارة و الحكومة بما اتفق عليه في المرسوم 24/96 مما أغرق القطاع في مشاكل عديدة، في مقدمتها وجود فوارق كبيرة في الأجور، وتوقيف الترقية منذ 2004، وغموض وضبابية تشوب المسار المهني للمستخدم وإهمال جمعية الأعمال الاجتماعية. وترى إدارة البريد أن من شأن قرار تحويلها إلى شركة مساهمة أن يتيح لهذه المنشأة فرصة تحديث تدبيرها والرفع من قدراتها لمواجهة التغيرات التي يشهدها محيطها الذي أصبح أكثر تنافسية وتطوير استقلاليتها في اختيارات النمو الداخلي والخارجي وتنويع أنشطتها وشراكاتها. كما سيسمح الإطار الجديد بتخطي مبدأ التخصص الذي يفرضه القانون الأساسي للمؤسسة العامة وتوسيع نطاق الغرض الذي يقوم عليه بريد المغرب بصفته شركة مساهمة ليشمل أنشطة أخرى لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالغرض ذاته.