لم يكن خالد عليوة حتما ينتظر خروجاً من الباب الصغير للقرض العقاري والسياحي، ولو أن البعض اعتبر الاحتفاظ به كنائب لرئيس مجلس المراقبة «عرفاناً لعطاءاته». خالد عليوة غادر مقر «السياش» مكرهاً، وواهم من يريد خداع المغاربة بالقول إن عليوة سبق أن طلب إعفاءه من منصبه. أن تكون رئيساً مديراً عاماً لمؤسسة بنكية بالمغرب يعني أنك تتقلد واحداً من أعلى المناصب في البلد التي تجلب أجراً يتعدى المائة مليون شهريا في الكثير من الحالات، أي بحسبة بسيطة عشر مرات أجرة الوزير الأول ! بالإضافة إلى الحظوة والمكانة المجتمعية الكبرى. لنتجاوز إذن هذا النقاش ونركز على الأسباب الحقيقية التي جعلت الدولة «تلفظ» خالد عليوة وهو لم يتم بعد المهام التي عُين من أجلها. ارتكب خالد عليوة خطأ فادحاً عندما «طمع» في شقتين حازهما «السياش» بعد حجزهما من زبون لم يستطع أداء ما بذمته من قروض. القصة الكاملة وضعتها الصحافة على الساحة العامة وعوض أن يصلح عليوة ما أفسدته تلك العملية من صورة الرئيس، ارتكب خطأ آخر كان لا ريب قاتلاً. لقد تمادى في تعنته وخرج للرأي العام في حوار كان ل«المساء» الفضل من خلال تعرية شعور الرئيس بتعال غير مسبوق. عليوة لم يجد حرجاً في تحميل مجلس المراقبة المسؤولية عندما قال إن «السياش» يعرض سنوياً على مجلس المراقبة كل عمليات الاقتناءات ليوافق عليها، معتبراً أن مجلس المراقبة لم يعترض على تلك العمليات. بالطبع لم يمر هذا التصريح مرور الكرام، ونال مجلس المراقبة ما ناله من انتقادات عبر الصحف، وكان بادياً أن مصطفى البكوري، رئيس مجلس المراقبة ومدير عام صندوق الإيداع والتدبير المساهم المرجعي، قد آثر ترك العاصفة تمر والبحث عن أول منعرج لعليوة. تصريحات عليوة في نفس الحوار كانت وبالاً عليه، خاصة عندما أكد بأنه معين بظهير من طرف الملك وبأن هذا الأخير هو الوحيد الذي بإمكانه إقالته. كانت القراءة الواضحة لهذا التصريح هو احتقار مجلس المراقبة وعلى رأسه مصطفى البكوري.. وهو واحد من المقربين من المربع الملكي. ولعل عليوة لم يستوعب درس أحد المدراء العامين لأحد المكاتب العمومية الكبرى الذي طلبت منه كاتبة الوزير الوصي عن القطاع أن يلتحق بالوزير فوراً في أمر عاجل فأجابها..«أنا معين من طرف الملك ولا أتلقى أوامر إلا من طرف الملك». أسابيع بعد ذلك تم تغييره. البعض يعتبر التعيين من طرف الملك تشريفاً وأحياناً فزاعة يرهب بها العالم، والواقع أن الملك يعين بنفسه المسؤولين الكبار في الدولة لتنبيههم لجسامة المسؤولية.. لكن البعض لا يستوعب الرسالة. لاشك أن قرار إقالة عليوة اتُخذ غداة الضجة حول شقتي الدارالبيضاء، وبصفة خاصة بعد تصريحات عليوة النارية. ولأن مجلس مراقبة «السياش» يضم مساهماً أجنبيا هو صندوق الادخار الفرنسي، الذي يتوفر على 25 من الأسهم، كان على الجانب المغربي أن يراعي هذا المعطي وأن لا يبادر إلى اتخاذ قرار متسرع وخارج الهيئات المسيرة ل«السياش» وعلى رأسها الشريك الفرنسي، لذلك انتظر انعقاد أول مجلس إداري بعد الضجة ووجد في النتائج المالية لسنة 2008 وعلى رأسها انخفاض الناتج الصافي البنكي (رقم المعاملات بالبنوك) ليطلق رصاصة الرحمة على عليوة. مخطئون من كانوا ينتظرون من الملك أن يقيل عليوة غداة ضجة الشقق. فعندما عين الملك عليوة قبل أربع سنوات ونيف، لم يكن ضمن مجلس الإدارة شركاء أجانب، لذلك جاء القرار بترو وفي إطار قانوني، لكن بنفس النتيجة: معاقبة خالد عليوة عن عدم انضباطه.