اختتام المنتدى المتوسطي لرائدات الأعمال (MEDAWOMEN)    تونس.. استطلاع للرأي يظهر فوز قيس سعيّد بالانتخابات الرئاسية بنسبة 89.2 بالمئة        إعصار يتجه نحو فرنسا وهولندا وبلجيكا مع تأثيرات قوية على باقي الدول الأوروبية    الملك محمد السادس يبعث ببرقية تعزية إلى أسرة نعيمة المشرقي    إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها    طقس الاثنين .. امطار مرتقبة بالريف والواجهة المتوسطية    الحنودي: اقليم الحسيمة سيستفيد من غرس 3000 هكتار من الأشجار المثمرة خلال الموسم الفلاحي الحالي    مهرجان "الفن" يشعل الدار البيضاء بأمسية ختامية مبهرة    بعد الحكم عليه ابتدائيا ب 20 سنة سجنا.. تخفيض عقوبة استاذ اعتدى جنسيا على تلميذته بالحسيمة    وسط أجواء حزينة.. فنانون يشيعون الفنانة الراحلة نعيمة المشرقي لمثواها الأخير بمقبرة الشهداء (فيديو)    ردا على قرار محكمة العدل الأوروبية.. الجمعية المغربية للمصدرين تدعو إلى تنويع أسواق التصدير    تغييب تمثيلية للريف باللجنة المركزية للاستقلال يقلق فعاليات حزبية بالمنطقة    الملك محمد السادس يشارك الأسرة الفنية في حزنها لفقدان نعيمة المشرقي    7 سنوات على موجة "مي تو"… الجرائم الجنسية تهز قطاع صناعة الموسيقى بالولايات المتحدة    رسميا.. ريال مدريد يمدد عقد كافاخال حتى عام 2026    النمسا تكشف عن موقفها من قرار محكمة العدل الأوروبية    إثر تهجمه على ماكرون.. الإليزيه: تصريحات نتنياهو "مبالغ فيها"    زراعة الفستق تزدهر في إسبانيا بسبب "تكيّف" الأشجار مع التغير المناخي    استقرار سعر صرف الدرهم مقابل الأورو وتراجعه أمام الدولار    كارفاخال يخضع لعملية جراحية بعد إصابته الخطيرة    موكوينا: غياب الجمهور غير مقبول بالمغرب    فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية يقتل مجندة إسرائيلية ويصيب 9 آخرين في بئر السبع    مشروع لغرس 500 هكتار من الاشجار المثمرة ب 6 جماعات باقليم الحسيمة    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني    الآلاف يخرجون في مسيرة في الرباط تضامنا مع غزة وبيروت    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يكشف تفاصيل لقائه مع وزارة الصحة لتنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024    تصفيات "كان" 2025.. نفاذ تذاكر مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى بعد يوم من طرحها    أستاذ جامعي يلجأ للقضاء بعد تعرض حساباته ومجلته الأكاديمية للقرصنة والاختراق الإلكتروني        غوتيريش يدعو إلى وقف "سفك الدماء" في غزة ولبنان            افتتاح المسبح المغطى السومي أولمبي بتاوريرت    أنفوغرافيك | بالأرقام .. كيف هو حال إقتصاد غزة في الذكرى الأولى ل "طوفان الأقصى" ؟    الجزائر تكشف تورطها في ملف الصحراء بدعم قرار محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب    المغرب يحاصر هجرة ممرضيّه إلى كندا حماية لقطاعه الصحي    منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة…أسعار الغذاء تسجل أعلى زيادة شهرية    معرض الفرس الدولي في نسخته 15.. غاب عن فعالياته رواق وعروض ال DGSN    ترامب يعود لمكان محاولة اغتياله: "لن أستسلم أبداً"    23 قتيلا في غارات اسرائيلية على لبنان    جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    أمن طنجة يحقق مع سيدة هددت شابة بنشر فيديوهات جنسية لها    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)        دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكتب لكم من بيروت ولكن عن سورية ولاجئيها
نشر في المساء يوم 09 - 12 - 2014


‬عبد ‬الباري ‬عطوان
من ‬يزور ‬بيروت ‬هذه ‬الأيام ‬يعتقد ‬أنه ‬في ‬مدينة ‬إسكندنافية ‬تستعد ‬للاحتفال ‬بأعياد ‬الميلاد، ‬وليس ‬عاصمة ‬بلد ‬تشهد ‬حدوده، ‬أو ‬بعض ‬منها، ‬معارك ‬طاحنة ‬بين ‬قوات ‬الجيش ‬وجماعات ‬إسلامية ‬‮«‬جهادية‮»‬ ‬متشددة، ‬ونحن ‬هنا ‬لا ‬نتحدث ‬عن ‬الموضوع ‬القديم ‬المتجدد، ‬أي ‬مشاركة ‬قوات ‬تابعة ‬لحزب ‬الله ‬إلى ‬جانب ‬قوات ‬الجيش ‬السوري ‬مع ‬هذه ‬الجماعات، ‬وإنما ‬جبهة ‬ملتهبة ‬جرت ‬جيشا ‬زاهدا ‬في ‬الحروب ‬إلى ‬أتونها.‬
الحركة ‬في ‬العاصمة ‬اللبنانية ‬تأخذ ‬طابعا ‬صاخبا، ‬المطاعم ‬مليئة ‬بالرواد ‬وكذلك ‬المقاهي، ‬وزحمة ‬السير ‬خانقة، ‬وأشجار ‬أعياد ‬الميلاد ‬المزينة ‬بالأضواء ‬من ‬مختلف ‬الألوان ‬تطل ‬برأسها ‬في ‬كل ‬مكان (‬باستثناء ‬الضاحية ‬الجنوبية ‬طبعا)‬، ‬وعليك ‬الانتظار ‬لعدة ‬أيام ‬كي ‬تحصل ‬على ‬مقعد ‬في ‬الطائرات ‬المتوجهة ‬إلى ‬مطار ‬بيروت؛ ‬أما ‬معرض ‬بيروت ‬الدولي ‬للكتاب ‬الذي ‬كنت ‬أحد ‬ضيوفه ‬فشهد ‬إقبالا ‬غير ‬مسبوق ‬وزحاما ‬خانقا، ‬وزواره ‬من ‬العرب ‬الذين ‬لم ‬يعبؤوا ‬بتحذيرات ‬حكوماتهم ‬يمكن ‬رصدهم ‬بسهولة ‬لكثرتهم، ‬وخاصة ‬من ‬دول ‬الجوار.‬
هذا ‬الصخب ‬اللافت ‬من ‬الصعب ‬أن ‬يخفي ‬‮«‬حالة ‬قلق‮»‬ ‬تسود ‬اللبنانيين ‬ولم ‬ينجح ‬مقدم ‬الأعياد ‬في ‬طمس ‬معالمها، ‬قلق ‬من ‬عودة ‬السيارات ‬المفخخة ‬انتقاما ‬لاعتقال ‬الجيش ‬زوجتين ‬لزعيمي ‬أخطر ‬تنظيمين ‬‮«‬جهاديين‮»‬: ‬الأولى ‬السيدة ‬سجى ‬الدليمي، ‬الزوجة ‬السابقة ‬للسيد ‬أبي ‬بكر ‬البغدادي ‬زعيم ‬‮«‬الدولة ‬الإسلامية‮»‬ ‬وأولادها، ‬والثانية ‬علا ‬متقال ‬العقيلي، ‬زوجة ‬السيد ‬أبي ‬علي ‬الشيشاني ‬أحد ‬أبرز ‬القادة ‬العسكريين ‬‮«‬لجبهة ‬النصرة‮»‬، ‬وتهديد ‬الأخير ‬بانتقام ‬مزلزل ‬إذا ‬لم ‬يتم ‬الإفراج ‬عن ‬عقيلته ‬فورا ‬في ‬تسجيل ‬مصور ‬انتشر ‬بكثافة ‬على (‬اليوتيوب).‬
اللبنانيون، ‬ومن ‬مختلف ‬الأديان ‬والطوائف، ‬يلتفون ‬بقوة ‬هذه ‬الأيام ‬حول ‬جيشهم ‬دون ‬تحفظ، ‬ويضعون ‬كل ‬خلافاتهم ‬جانبا، ‬ويريدون ‬عودة ‬جنودهم ‬‮«‬المخطوفين‮»‬ ‬سالمين ‬إلى ‬أسرهم، ‬ويبكون ‬الجندي ‬الشاب ‬الذي ‬قتلته ‬جبهة ‬النصرة ‬انتقاما ‬وتحذيرا، ‬أو ‬الآخرين ‬الذين ‬سقطوا ‬في ‬كمين (‬سبعة ‬جنود)‬، ‬ولكن ‬قلة ‬قليلة ‬تهمس ‬في ‬المجالس ‬الخاصة ‬بأن ‬الجيش ‬ما ‬كان ‬يجب ‬أن ‬يسرب ‬أخبار ‬اعتقال ‬السيدتين ‬على ‬الحدود ‬وكان ‬عليه ‬معالجة ‬أمرهما ‬بعيدا ‬عن ‬الصحافة، ‬ولكن ‬هناك ‬في ‬المقابل، ‬وهؤلاء ‬أغلبية، ‬يطالبون ‬بصوت ‬أعلى ‬بإعدامهن ‬لأنهن ‬‮«‬إرهابيات‮»‬ ‬وليكن ‬ما ‬يكون.‬
يتوحد ‬معظم ‬اللبنانيين ‬أيضا، ‬مسلمين ‬كانوا ‬أو ‬مسيحيين، ‬سنة ‬أو ‬شيعة، ‬على ‬رعبهم ‬من ‬تفاقم ‬أعداد ‬اللاجئين ‬السوريين ‬إلى ‬بلادهم ‬ووصولها ‬إلى ‬ما ‬فوق ‬المليوني ‬لاجئ، ‬ويتساءلون ‬بقلق ‬عن ‬خطر ‬هذا ‬‮«‬التسونامي‮»‬ ‬الزاحف ‬تجاه ‬بلدهم ‬وأين ‬سيتوقف ‬العد، ‬وعندما ‬تقول ‬للقلقين ‬منهم ‬إن ‬السوريين ‬أشقاؤكم ‬وفتحوا ‬لكم ‬بيوتهم ‬وقلوبهم ‬أيام ‬الحرب ‬عام ‬2006، ‬مثلما ‬فتحوها ‬للعراقيين ‬وكل ‬مستجير، ‬يردون ‬بأن ‬سورية ‬دولة ‬كبيرة، ‬بينما ‬لبنان ‬بلد ‬صغير ‬لا ‬يمكن ‬أن ‬يستوعب ‬هذه ‬الأعداد ‬الضخمة ‬في ‬ظل ‬تعاطف ‬عالمي ‬محدود، ‬وأعراض ‬جانبية ‬بدأت ‬تعكر ‬صفو ‬استقراره ‬وتركيبته ‬الاجتماعية ‬والسياسية، ‬ويضربون ‬أمثلة ‬كثيرة ‬في ‬هذا ‬المضمار ‬لا ‬يتسع ‬المجال ‬لذكرها.‬
الملف ‬السوري ‬بجوانبه ‬العسكرية ‬والسياسية ‬والإنسانية ‬هو ‬المسيطر، ‬فعندما ‬كنت ‬في ‬بيروت ‬تصدرت ‬زيارة ‬ميخائيل ‬بوغدانوف، ‬نائب ‬وزير ‬الخارجية ‬الروسي، ‬العناوين ‬الرئيسية ‬للصحف ‬ونشرات ‬أخبار ‬محطات ‬التلفزة ‬اللبنانية ‬وبرامجها ‬الحوارية ‬والإخبارية، ‬وما ‬أكثرها، ‬واللقاءات ‬التي ‬أجراها ‬مع ‬معظم ‬السياسيين ‬اللبنانيين، ‬وخاصة ‬اللقاء ‬‮«‬السري‮»‬ ‬مع ‬السيد ‬حسن ‬نصر ‬الله، ‬الأمين ‬العام ‬لحزب ‬الله، ‬والسيد ‬نبيه ‬بري، ‬رئيس ‬البرلمان، ‬وقادة ‬فريق ‬الرابع ‬عشر ‬من ‬آذار ‬وفريق ‬8 ‬أيار.‬
تسأل ‬اللبنانيين ‬عن ‬هذه ‬الزيارة، ‬فيتطوع ‬الكثيرون ‬لإعطاء ‬شرح ‬مفصل ‬عن ‬الدور ‬الروسي ‬ومحاولة ‬القيادة ‬الروسية ‬استطلاع ‬الحقائق ‬وجمع ‬الأفكار ‬حول ‬كيفية ‬الخروج ‬من ‬المأزق ‬السوري ‬والاستفادة ‬من ‬دروس ‬الأزمة ‬اللبنانية، ‬ويذهب ‬بعضهم ‬إلى ‬الحديث ‬عن ‬‮«‬طائف‮»‬ ‬سوري ‬يتبلور ‬في ‬إطار ‬حل ‬سياسي ‬للأزمة ‬السورية ‬من ‬خلال ‬حجيج ‬مسؤولين ‬سوريين ‬وعناصر ‬قيادية ‬معارضة ‬إلى ‬موسكو ‬بكثافة ‬هذه ‬الأيام، ‬حيث ‬تلعب ‬موسكو ‬الدور ‬نفسه ‬الذي ‬لعبته ‬الرياض ‬أو ‬تحاول.‬
وتتزامن ‬زيارة ‬بوغدانوف ‬مع ‬‮«‬حراك‮»‬ ‬على ‬جبهة ‬أخرى ‬بقيادة ‬ستيفان ‬دي ‬ميستورا، ‬مبعوث ‬الأمم ‬المتحدة ‬إلى ‬سورية، ‬الذي ‬يريد ‬تجميد ‬الصراع ‬المسلح ‬في ‬حلب ‬وتقسيمها ‬إلى ‬حلب ‬شرقية ‬وأخرى ‬غربية، ‬واحدة ‬تحت ‬سيطرة ‬النظام ‬وأخرى ‬تحت ‬سيطرة ‬المعارضة، ‬ويفتي ‬بعض ‬السياسيين ‬اللبنانيين ‬بأن ‬المبعوث ‬الدولي ‬استلهم ‬هذه ‬الفكرة ‬من ‬التجربة ‬اللبنانية، ‬وتقسيم ‬بيروت ‬على ‬النموذج ‬نفسه ‬لفترة ‬انتقالية ‬لبضعة ‬أشهر ‬أو ‬سنوات ‬ثم ‬عودتها ‬إلى ‬وحدتها ‬الطبيعية، ‬فعندما ‬هدأت ‬المدافع ‬في ‬بيروت ‬وبدأت ‬مسيرة ‬التعايش ‬تنطلق ‬وتتهاوى ‬أمامها ‬خطوط ‬التماس ‬هدأ ‬لبنان ‬كله.‬
اتفاق ‬‮«‬الطائف‮»‬ ‬اللبناني ‬جاء ‬بعد ‬15 ‬عاما ‬من ‬الحرب ‬الأهلية، ‬وبعد ‬وصول ‬طرفي ‬الحرب ‬إلى ‬مرحلة ‬الإنهاك ‬التام ‬واستعدادهما ‬للقبول ‬بالحل ‬السياسي ‬وتقديم ‬تنازلات ‬‮«‬مؤلمة‮»‬، ‬من ‬بينها ‬تعديل ‬الدستور ‬للخروج ‬من ‬هذا ‬المأزق ‬الدموي، ‬فهل ‬وصلت ‬أطراف ‬الصراع ‬في ‬سورية ‬إلى ‬هذه ‬القناعة ‬وبدأت ‬تتحلى ‬بالبراغماتية؟
هناك ‬من ‬يجيب ‬بنعم ‬كبرى، ‬ويؤكد ‬أن ‬النظام ‬والمعارضة ‬في ‬سورية ‬باتا ‬على ‬قناعة ‬بضرورة ‬شرب ‬كأس ‬‮«‬سم ‬الحل ‬السياسي‮»‬، ‬والتوحد ‬بالتالي ‬في ‬مواجهة ‬الخطر ‬الأكبر ‬الذي ‬يهددهما ‬معا، ‬أي ‬الإسلام ‬السياسي ‬المتشدد، ‬وأبرز ‬عناوينه ‬‮«‬الدولة ‬الإسلامية‮»‬ ‬وشريكتها ‬‮«‬السابقة‮»‬ ‬في ‬الإيديولوجية ‬‮«‬جبهة ‬النصرة‮»‬ ‬اللتين ‬تشكلان ‬تحالفا ‬غير ‬معلن ‬لتغيير ‬الحكمين ‬في ‬لبنان ‬وسورية ‬معا ‬وتغيير، ‬بل ‬نسف ‬خرائطهما ‬السياسية ‬والاجتماعية ‬والجغرافية، ‬وإعادة ‬رسمها ‬مجددا ‬وفق ‬معاييرهما ‬الإيديولوجية.‬
مسؤول ‬لبناني ‬كبير ‬قال ‬لي ‬‮«‬سورية ‬تحارب ‬على ‬ثلاث ‬جبهات: ‬الأولى ‬ضد ‬‮«‬الدولة ‬الإسلامية‮»‬ ‬وأخواتها؛ ‬والثانية ‬معركة ‬الحفاظ ‬على ‬النظام ‬ومؤسساته ‬بعد ‬ثلاث ‬سنوات ‬من ‬الحرب، ‬وفي ‬ظل ‬حصار ‬اقتصادي ‬خانق؛ ‬والثالثة ‬حول ‬كيفية ‬التعاطي ‬مع ‬حرب ‬باردة ‬على ‬أرضها ‬بين ‬القوتين ‬العظميين ‬روسيا ‬وأمريكا، ‬ولهذا ‬ربما ‬تتحلى ‬القيادة ‬السورية ‬ببعض ‬المرونة ‬تجاه ‬الحلول ‬السلمية، ‬خاصة ‬أن ‬من ‬يقود ‬سفينتها ‬هذه ‬الأيام ‬حليفها ‬الروسي، ‬مضافا ‬إلى ‬ذلك ‬أن ‬حلفاءها ‬الروس ‬والإيرانيين ‬يواجهون ‬حربا ‬نفطية ‬تستهدفهما ‬وأدت ‬إلى ‬انخفاض ‬عائداتهم ‬بأكثر ‬من ‬40 ‬في ‬المائة ‬بسبب ‬إغراق ‬السعودية ‬وحلفائها ‬في ‬الخليج ‬الأسواق ‬بفائض ‬يزيد ‬على ‬مليون ‬برميل ‬انتقاما ‬من ‬دورهما ‬في ‬سورية ‬والعراق ‬وأوكرانيا.‬
أحد ‬القادمين ‬من ‬دمشق، ‬واثق ‬كثيرا ‬في ‬معلوماته، ‬قال ‬لي ‬إن ‬‮«‬المرونة‮»‬ ‬غير ‬موجودة ‬على ‬الإطلاق ‬في ‬أوساط ‬أهل ‬النظام ‬السوري ‬وعظام ‬رقبته، ‬وإن ‬الدائرة ‬الضيقة ‬في ‬الحكم ‬تشعر ‬بحالة ‬من ‬القلق ‬من ‬هذه ‬التحركات ‬الروسية، ‬ومازالت ‬تنظر ‬بعين ‬الريبة ‬إلى ‬السيد ‬معاذ ‬الخطيب ‬الذي ‬يعتبر ‬أكثر ‬قادة ‬المعارضة ‬السورية ‬‮«‬برغماتية‮»‬ ‬واعتدالا، ‬وصاحب ‬الخط ‬الثالث ‬في ‬المعارضة ‬السورية ‬المستعد ‬للتفاوض ‬مباشرة ‬مع ‬النظام، ‬وإن ‬مسؤولا ‬سوريا ‬كبيرا ‬أبلغه ‬أن ‬سورية ‬لا ‬يمكن ‬أن ‬تنسى ‬أو ‬تغفر ‬له ‬جلوسه ‬على ‬مقعدها ‬في ‬قمة ‬الدوحة ‬العربية ‬قبل ‬عامين ‬تقريبا، ‬وأمام ‬علم ‬‮«‬الثورة‮»‬ ‬ومخاطبة ‬الملوك ‬والرؤساء ‬والأمراء ‬من ‬على ‬منبرها.‬
المصدر ‬نفسه ‬ربط ‬بين ‬الغارات ‬الإسرائيلية ‬التي ‬أعلنت ‬عنها ‬يوم ‬الأحد ‬السلطات ‬السورية ‬وقصفت ‬أهدافا ‬في ‬دمشق ‬دون ‬وقوع ‬إصابات، ‬وما ‬يقال ‬في ‬الوقت ‬نفسه ‬عن ‬اتساع ‬دائرة ‬التعاون ‬بين ‬تل ‬أبيب ‬وجماعات ‬سورية ‬معارضة ‬في ‬الجولان ‬السوري، ‬وتوجيه ‬رسائلَ ‬الهدفُ ‬منها ‬الضغط ‬على ‬أصحاب ‬الحل ‬والعقد ‬في ‬دمشق ‬بضرورة ‬اتباع ‬المرونة ‬وإنجاح ‬الجهود ‬الدولية، ‬لأن ‬المنطقة ‬والعالم ‬لم ‬يعودا ‬يتحملان ‬استمرار ‬هذه ‬الأزمة ‬السورية، ‬وهو ‬استمرار ‬يصب ‬في ‬نهاية ‬المطاف ‬في ‬مصلحة ‬‮«‬الدولة ‬الإسلامية‮»‬ ‬وحالة ‬عدم ‬الاستقرار ‬في ‬المنطقة.‬
اللبنانيون، ‬‮«‬البيروتيون‮»‬ ‬منهم ‬على ‬وجه ‬الخصوص، ‬يتمنون ‬نجاح ‬جهود ‬موسكو ‬وبغدانوف ‬ودي ‬ميستورا ‬وجون ‬كيري، ‬أو ‬أي ‬طرف ‬آخر ‬يخلصهم ‬من ‬تبعات ‬وذيول ‬الصراع ‬السوري، ‬وأكثر ‬من ‬مليوني ‬لاجئ ‬سوري ‬يوجدون ‬على ‬أرضهم ‬يتحولون ‬بسرعة ‬إلى ‬أزمة ‬سياسية ‬وديمغرافية ‬على ‬غرار ‬أشقائهم ‬الفلسطينيين ‬الذين ‬سبقوهم ‬قبل ‬66 ‬عاما، ‬ولهذا ‬يعارضون ‬في ‬معظمهم ‬التوسع ‬في ‬إقامة ‬مخيمات ‬لجوء ‬سورية ‬جديدة، ‬على ‬غرار ‬مخيمات ‬عين ‬الحلوة ‬والبرج ‬ونهر ‬البارد ‬التي ‬أصبح ‬بعضها ‬دولا ‬داخل ‬الدولة ‬وأماكن ‬مغلقة ‬يلجأ ‬إليها ‬بعض ‬الهاربين ‬من ‬العدالة، ‬على ‬حد ‬وصف ‬زميل ‬لبناني.‬
الزميل ‬نفسه، ‬الذي ‬يتمتع ‬بظُرف ‬نادر ‬في ‬أوساط ‬المهنة ‬هذه ‬الأيام، ‬قال ‬في ‬لحظة ‬‮«‬تجلٍّ‮»‬ ‬إن ‬اللبنانيين ‬تخلصوا ‬من ‬الجيش ‬السوري ‬ولا ‬يريدون ‬عودته ‬كجيش ‬من ‬اللاجئين، ‬ويعتبره ‬أخطر ‬من ‬نظيره ‬العسكري ‬ويجعل ‬من ‬وحدة ‬سورية ‬ولبنان ‬أمرا ‬واقعا ‬في ‬نهاية ‬المطاف، ‬وربما ‬لا ‬يتفق ‬معه ‬البعض ‬في ‬‮«‬ظُرفه ‬هذا‮»‬.‬
اللبنانيون ‬قدريون، ‬يقرؤون ‬الصحف ‬في ‬الصباح ‬ويتابعون ‬بعض ‬نشرات ‬الأخبار ‬في ‬مطلع ‬المساء، ‬ثم ‬يسهر ‬غالبيتهم ‬إلى ‬ما ‬بعد ‬منتصف ‬الليل، ‬وينتظرون ‬الحل ‬السياسي ‬للأزمة ‬السورية ‬باعتباره ‬أملهم ‬الوحيد ‬في ‬الخلاص، ‬ويصلون ‬في ‬الفجر ‬لبغدانوف ‬ورئيسه ‬سيرغي ‬لافروف ‬مهندس ‬الدبلوماسية ‬الروسية، ‬ولا ‬ينسون ‬القادم ‬الجديد ‬دي ‬ميستورا ‬أيضا ‬بدعواتهم ‬لهم ‬جميعا ‬بالنجاح ‬وبأقصى ‬سرعة ‬ممكنة.‬
الإعلان ‬عن ‬حفلات ‬رأس ‬السنة ‬في ‬الفنادق ‬تتلألأ ‬وتحتل ‬لوحات ‬مضيئة ‬تزينها ‬صور ‬الفنانين ‬والفنانات ‬في ‬كل ‬مكان.. ‬اللبنانيون ‬شعب ‬يحب ‬الحياة ‬وهو، ‬بلا ‬شك، ‬أكثر ‬من ‬يستحقها ‬في ‬اعتقاده، ‬ويؤجل ‬هموم ‬اليوم ‬إلى ‬العام ‬الجديد!‬
وأهلا ‬بكم ‬في ‬لبنان.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.