توقعت مصادر من الأغلبية الحكومية الحالية ارتفاع حدة «الصراع» بين مختلف مكونات الحكومة الحالية، خاصة في ما بين الأحزاب المشكلة للكتلة الوطنية، بعدما أقدمت، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، نزهة الصقلي مؤخرا على طرح قانون يتعلق بمنع تشغيل الفتيات كخادمات بيوت، كرد على قانون مماثل سبق أن أودعه، لدى الأمانة العامة للحكومة، جمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني، لينضم حزب التقدم والإشتراكية هو الآخر إلى ما وصفته المصادر ب«تزايد غياب التنسيق» في العمل الحكومي الحالي، ما يدل على أن أي حديث عن تعديل حكومي وشيك، بات يجد له «مبررات» عدة، إذا ما أضيفت إلى هذا المعطى الجديد معطيات أخرى شهدتها سابقا الحكومة الحالية وأحدثت «توترا» ملحوظا في مكوناتها، خاصة بين كل من الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال. وكانت المصادر ذاتها أشارت في وقت سابق ل«المساء»، إلى أن «مؤشرات» عدة تسود المشهدين السياسي والاجتماعي الوطنيين، تشير إلى إمكانية إقدام السلطات العليا على إحداث تعديل حكومي، من شأنه أن يعطَى «دفعة حقيقية» لملفات مهمة ظلت تراوح مكانها، خاصة في ما يتعلق بالملف الاجتماعي، وتعثر الحوار بين المركزيات النقابية والحكومة، وما يتعلق أيضا بعزم المغرب على تطبيق حكم ذاتي في الأقاليم الجنوبية، في إطار نظام جهوي يعطي صلاحيات واسعة للمجالس المحلية بكافة المناطق المغربية، ويرد على «تماطل» خصوم المغرب الرافضين لإقامة نظام إداري بالأراضي المغربية يضمن وحدة أراضي المملكة. وتابعت المصادر، التي فضلت عدم الإشارة إليها بالاسم، في حديثها ل«المساء»، قولها «إن الصراعات القائمة بين معظم الوزراء، وخاصة منهم المنتمين للكتلة، هي أكثر من أن تُحجب من طرف هذا الوزير أو ذاك عن الرأي العام الوطني»، في إشارة إلى محاولة وزير الاتصال خالد الناصري، في تصريحه الأخير عقب انعقاد مجلس للحكومة، التقليل من أهمية التوتر الذي بات يخيم على العلاقة بين كل من الاتحاديين والاستقلاليين، من حين لآخر، والذي كان من مظاهره مؤخرا ما خلفته تصريحات القيادي في حزب الاستقلال محمد شباط النارية في حق الزعيم الاتحادي المهدي بنبركة، واصفا ذلك بكونه «شيئا طبيعيا» بين الأحزاب بالنظر إلى قرب الانتخابات. وكانت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن كشفت، منتصف الأسبوع الماضي في لقاء صحافي، عن مشروع قانون تقدمت به وزارتها لمحاربة ظاهرة تشغيل الفتيات، والذي وصفته بأنه سيكون طفرة نوعية في مجال محاربة تشغيل القاصرين والفتاة على وجه التحديد، مشيرة إلى أن هذا القانون الذي سيتضمن عقوبات حبسية وأخرى على شكل غرامات سيعرض على أنظار الحكومة، في انتظار تقديمه إلى غرفتي مجلس النواب لدراسته والمصادقة عليه، مؤكدة أن القانون، في حال تم الاتفاق عليه، والذي سيكون الأول من نوعه، سيعطي مهلة سنة بقصد حث المشغلين على ضرورة التخلي عن تشغيل الفتيات كخادمات بيوت. ويبدو أن الوزير الاتحادي جمال أغماني التقط الإشارة بسرعة، وهو ما رد عليه هو الآخر في حفل تقديم تقرير المغرب الاجتماعي 2008/2009، الذي حضرته «المساء» مساء يوم الجمعة الماضي، عندما أشار إلى أن وزارته سبق لها تقديم قانون يتعلق بمنع تشغيل القاصرين ويشمل الجنسين معا، في إشارة مبطنة إلى أنه أكثر أهمية وأشمل من القانون المقدم من طرف زميلته التقدمية نزهة الصقلي، الذي يقتصر فقط على عدم تشغيل الفتيات في البيوت. وكان القيادي في حزب الاستقلال محمد الأنصاري اعتبر في تصريح سابق ل«المساء»، أن المنهجية الديمقراطية التي أتت بالأمين العام لحزب الاستقلال إلى الوزارة الأولى، تفترض انتظار إجراء انتخابات تشريعية، للقيام بأي تعديل حكومي، مشيرا إلى أن الانتخابات البلدية والمهنية إذا أحدثت تغييرا جذريا على الخريطة السياسية الوطنية، فإن من شأن ذلك، وتحت ضغط المستجدات السياسية، أن تجعل السلطات العليا تقبل على إحداث تغيير حكومي تماشيا مع ما ستحمله الاستحقاقات المقرر إجراؤها الصيف المقبل.