إضراب يشل المستشفيات العمومية    ترامب يستعرض "طموحات توسعية".. كندا وقناة بنما وجزيرة غرينلاند    استعداد لكأس إفريقيا 2025.. اجتماع لتتبع أشغال تهيئة الملعب الكبير لطنجة    الحسيمة .. تعبئة متواصلة لضمان فتح حركة السير على مختلف المسالك الطرقية بالإقليم    22 قتيلا و2824 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    العلمي وبوريطة يحضران حفل تنصيب رئيس غانا الجديد    مجموع مبالغ التسوية الطوعية للضريبة بلغ أكثر من ملياري درهم وفقا لمكتب الصرف    كرة القدم.. رئيس ريال مدريد يدعو إلى إجراء انتخابات النادي    بنسعيد يكشف مستجدات الدعم الاستثنائي لقطاع الصحافة والنشر    فتح استثنائي لقباضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لعملية الإعفاءات الجزئية لفائدة المقاولات    النصب عبر السماوي.. الأمن يطيح بشبكة إجرامية خطيرة    مواجهة تفشي بوحمرون يجمع مسؤولي الصحة والتعليم بالحسيمة    وزير الصناعة والتجارة: 69 بالمائة من المغاربة يفضلون المنتوج الوطني    جينيفر لوبيز و أفليك يتوصلان لتسوية الطلاق    وزير الاستثمار: 48 مشروعا استفاد من المنحة الترابية للأقاليم الأقل تنمية    عملية التسوية التلقائية للممتلكات بالخارج تحقق ملياري درهم في 2024    دعوى قضائية ضد الرئيس الجزائري في باريس    ارتفاع حصيلة زلزال التيبت إلى 126 قتيلا    الصين: ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال منطقة التبت إلى 126 قتيلا    محكمة تستدعي أخنوش في قضية محاكمة برلمانية    وفاة الرمز التاريخي لليمين المتطرف في فرنسا عن 96 عاما    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    استقالات قيادية تهز الرجاء الرياضي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تشاد والسنغال تستنكران تصريحات ماكرون بشأن ما اعتبره "جحود" الزعماء الأفارقة    وزارة المالية: حاجيات الخزينة لشهر يناير تصل إلى 14 مليار درهم    الشرق الأوسط الجديد بين سراب الأوهام وحقائق القوة.. بقلم // عمر نجيب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    صادم.. التدخين يقتل 12.800 مغربي سنويا    انطلاقة برنامج 'محاضرات علمية' الموجه لسجناء قضايا التطرف والإرهاب    الدعم المباشر للسكن.. تسجيل 110 آلاف طلب استفادة في ظرف سنة    مساء اليوم في البرنامج الثقافي "مدارات " بالإذاعة الوطنية : لمحات عن المؤلفات الفقهية والأدبية للسلطان العلوي المولى عبدالحفيظ    المغاربة يغيبون عن "بوكر العربية"    صناع محتوى مغاربة في "قمة المليار متابع" بالإمارات    حنان الإبراهيمي تنعي والدتها بكلمات مؤثرة (صور)    المستشارون يؤجلون تقديم السكوري لمشروع قانون الإضراب ويشترطون التفاوض مع النقابات أولاً    وزير الصحة في مواجهة انتقادات حادة بسبب إلغاء صفقة عمومية ب180 مليون درهم    محمد بنشريفة مدرباً جديداً للمغرب التطواني    شركة "سبيس إكس" تطلق 24 قمرا جديدا من "ستارلينك" إلى الفضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    فنان أمريكي يرفض التعاقد على "عدم مقاطعة إسرائيل"    1,5 مليار درهم قيمة الاستثمارات الأجنبية في السينما بالمغرب    المغربي بوعبيد يعزز صفوف "صحم"    المنتخب النسوي U20 يخوض معسكرا مكثفا بالمعمورة    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    سفيان رحيمي يتصدر قائمة الهدافين دوليا لعام 2024 حسب تصنيف IFFHS ب 20 هدفًا مذهلًا    بنسعيد يستعرض دواعي مشروع قانون حماية التراث    كلية الآداب بتطوان وجماعة العرائش يوقعان اتفاقية إطار للتعاون    منتجع مازاغان يحصل على عدد كبير من التتويجات في عام 2024    موعد مباراة برشلونة ضد بيلباو في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني والقنوات المجانية الناقلة    مرسى ماروك تستثمر في محطة نفطية جديدة في دجيبوتي.. لتعزيز سلاسل الإمداد اللوجيستي في شرق إفريقيا    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور    ماحقيقة فيروس الصين الجديد الذي أثار الفزع حول العالم؟    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    تفاصيل انتشار فيروس يصيب الأطفال بالصين..    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهمادي*: قانون المالية خضع لإملاءات اللوبيات
رئيس المرصد المغربي للسياسات العمومية قال إن مناقشة قانون المالية يجب أن تكون بالمحاججة وليس بضرب الطاولة
نشر في المساء يوم 20 - 11 - 2014

في هذا الحوار، يحاول رضا الهمادي، رئيس المرصد المغربي للسياسات العمومية، إعطاء نظرة حول قانون مالية 2015، سواء من حيث صلابة الفرضيات التي اعتمدها أو من حيث مضامينه وتأثيره في السياسة العامة للدولة، كما يوضح كيفية خضوع هذا القانون لإملاءات بعض اللوبيات.
- أصدرتم، مؤخرا، قراءة نقدية في مشروع قانون مالية 2015، وقلتم إن هذا المشروع يكشف غياب رؤية استراتيجية للحكومة ويعطي انطباعا عن تدبير ظرفي غير متشبع بفكر التخطيط المتسلسل، كيف ذلك؟
مشروع قانون المالية الحالي يكشف، بالفعل، غياب الرؤية الاستراتيجية في إطار خطة خماسية ويعطي انطباعا عن نمط تدبير ظرفي ومناسباتي، لأنه قانون ولد استجابة لضغط المتطلبات الآنية وليس نتيجة لتخطيط مسبق. كما أن تركيبة هذا المشروع تجعل منه قانونا للتسيير ذا منطق محاسباتي أكثر من أن يكون قانونا يحدد توجها ماليا عاما للدولة، جاء بالأساس للإجابة على إشكاليات ظرفية واستعجالية، على رأسها مواجهة الأزمة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
ويبقى الهم الأكبر لهذا القانون هو الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى، أي التحكم في نسبة العجز والرفع من نسبة النمو، بينما يغيب المنطق الاجتماعي. وقد خرج هذا القانون بمقاربة بيروقراطية، بدون مشاورات ولا نقاش، ليس فقط داخل الأغلبية بل حتى خارجها،عوضا عن المقاربة السياسية التفاوضية بين مكونات الحكومة وبينها وبين المجتمع المدني والنقابات وكل الفرقاء، وهي ركن أساسي من أركان تصور ووضع السياسات العمومية.
- يرى البعض أن الفرضيات التي بني عليها قانون المالية مفرطة في التفاؤل، سواء على مستوى معدل النمو أو العجز الموازناتي، هل تتفقون مع هذا الرأي؟
صحيح، فهذا المشروع يلوح أنه قد أفرط في التفاؤل، سواء في ما يتعلق بالفرضيات المستخدمة لوضع هذا المشروع، أو محتوى التدابير لتحقيق الأهداف المحددة. فاقتصاد المغرب المرتبط أساسا بالسنة الفلاحية حقق سنة 2013 نسبة نمو بلغت 4.4 في المائة، وهذه النسبة ترجع أساسا إلى تحقيق محصول قياسي فاق 97 مليون قنطار، ومع توقع الحكومة لمحصول فلاحي متوسط في حدود 70 مليون قنطار في 2015، لا يمكن تحقيق نسبة 4.4 في المائة من النمو خلال السنة المقبلة. على مستوى آخر، لا يمكن تبرير هذه النسبة من النمو بالطلب الخارجي، فصندوق النقد الدولي قام بتخفيض توقعاته لنسبة النمو في منطقة اليورو التي تضم شركاء المغرب الأساسيين خلال سنة 2015 من 1.5 إلى 1.3 في المائة. وفي ظل تباطؤ إقبال الشركاء الاقتصاديين للمغرب، سيكون من الصعب توقع نسبة نمو مماثلة. كما أن هناك، أيضا، المتغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والحرب على الدولة الإسلامية، ثم وباء الإيبولا في القارة الإفريقية، والتي وجهت ضربة قاسية للموارد السياحية. وبالتالي، فهذه كلها عوامل تدفع في اتجاه توقع انخفاض الطلب الخارجي، كما لن يستطيع الطلب الداخلي المساهمة في الرفع من نسبة النمو في 2015، وإذا اعتمدنا ارتفاع الأسعار المتزايد، وتقليص نفقات صندوق المقاصة من 55 مليار درهم سنة 2013، إلى 43 مليار درهم السنة الحالية، ثم إلى 23 مليار درهم خلال السنة المقبلة، فإن فرضية النمو بالاعتماد على الطلب الداخلي مدحوضة بشكل كبير. وبما أن استهلاك الأسر هو المحرك الرئيسي للنمو في المغرب، فإن تراجعه يعني خلق ثروة أقل، وإيرادات للدولة أقل، ومزيدا من البطالة، على العكس تماما من الأهداف التي أعلنتها حكومة بنكيران.
- ألا ترون أن قانون المالية أصبح يخضع بشكل كبير لإملاءات وضغوط بعض اللوبيات، في الوقت الذي يتم فيه إهمال مصلحة المواطن العادي الذي لا يجد من يدافع عنه أثناء مناقشة مشاريع قوانين المالية؟
تماما، فقانون المالية خضع لإملاءات وضغوط اللوبيات، حيث كان أمام الحكومة خياران لاستعادة توازنها المالي، إما تضريب كبريات الشركات الفلاحية التي لم تضرب بشكل فعلي في مالية 2014، والقطع مع الكثير من الهدايا الضريبية التي تستفيد منها كبريات الشركات، كالضريبة على اندماج الشركات الكبرى وهو ما يضيع على خزينة الدولة أكثر من 35 مليار درهم سنويا. ثم إدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الاقتصادية حتى يصبح موردا للدولة عوضا عن استنزاف ماليتها. وهاتان أبرز توصيتان في المناظرة الأخيرة للإصلاح الضريبي. وإما الاكتفاء بتمويل النقص في المال العمومي من جيوب المواطنين عن طريق رفع الضريبة على القيمة المضافة، التي تعد ضريبة عمياء لا تميز بين الغني والفقير، ورفع الدعم عن صندوق المقاصة، وهو الحل السهل لكون المواطن هو الحلقة الأضعف في هذا المسلسل التفاوضي ولكون النقابات والمعارضة ضعيفة ومهلهلة، وهي كلها عوامل وضعت الحكومة في وضعية مريحة ساعدتها على اتخاذ مثل هذه القرارات.
فمنذ سنة 2012 وحتى السنة المقبلة تكون الحكومة قد خصمت ما مقداره 32 مليار درهم من صندوق المقاصة، لكن هذه القيمة لم يتم تصريفها بعد في شكل الدعم المباشر الذي رسمته، مما يجعلنا نتحدث عن نصف إصلاح فقط، أي أن الحكومة أخذت 32 مليار درهم سنويا من جيوب المواطنين دون أن تعيد توزيعها على المواطنين.
- خلال المصادقة على قانون المالية، لاحظنا غياب ملحوظ للمعارضة، مقابل حضور وازن للأغلبية، ألا ترون أن ذلك يضرب في العمق مسلسل مناقشة قانون المالية من البداية، ويجعل قانون المالية في النهاية خاضعا لما جاءت به الحكومة؟
نعم، هناك فرق كبير بين المعارضة البناءة المبنية على المحاججة بالأرقام والدراسات وبين المعارضة المبنية على رفع الصوت وضرب الطاولة. للأسف، مشروع قانون المالية الذي يعد قانونا تقنيا بالأساس نوقش وفق مقارنة سياسية بحتة. وكل تدخلات المعارضة ركزت على 3 أو 4 نقاط التي تدغدغ أحاسيس المواطن العادي عوضا عن مناقشة المشروع بطريقة ترافعية تقنية، وهو ما وضع الحكومة في وضعية مريحة.
لقد كانت هناك محاولات محدودة لبعض البرلمانيين للغوص في عمق مشروع القانون، لكنها بقيت محاولات فردية بدت كنقط ضوء وسط هذا الكم الهائل من الظلام. كما أن المعارضة ارتكبت خطأ استراتيجيا آخر حين ناقشت مشروع مالية 2015 بمعزل عن قوانين المالية السابقة، حيث سقطت في فخ القراءة الآنية الإحصائية، عوضا عن القراءة الديناميكية، التي تأخذ في اعتبارها المتغيرات الزمنية والتطورات السببية القادرة على منح المعارضة هامشا أكبر للمقارنة والتحليل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.