محمد بوجبيري بإمكاننا أن نجزم بأن حظ الأدب المغربي أحسن مما كان عليه في كتب المقررات الدراسية، سواء في الشعبة الأدبية أو العلمية. أذكر، كما يذكر أبناء جيلي في بداية السبعينيات، أن حضور الأدب المغربي كان شبه منعدم، وإليكم إحصاء بسيط قمت به، ويتعلق الأمر بالكتاب الذي قررته وزارة التربية الوطنية، كما كانت تسمى آنذاك، وعنوانه هو النصوص الأدبية للسنة السابعة ثانوي (الباكالوريا)، وهو من تأليف جماعة من الأساتذة. بلغ عدد الكتاب في هذا المقرر خمسة وثلاثين كاتبا، من بينهم كاتبة واحدة هي الشاعرة نازك الملائكة. أما عدد المغربة فهم خمسة فقط، وهم: علال الفاسي، والمختار السوسي، وعبد الله كنون، وعبد المجيد بن جلون، ومحمد الحلوي. هذا عن الكتّاب، أما النصوص المدرجة فقد بلغ عددها ثلاثة وخمسين نصا، منها ستة فقط للمغاربة. قد يقول قائل إن ثمة خللا ما، لأن عدد النصوص يفوق عدد الكتاب.الجواب هو أن المقرر كان يدرج أكثر من نص للكاتب الواحد، فمثلا محمود سامي البارودي، وأحمد شوقي، وعباس محمود العقاد من المشرق أُدرجت لهم ثلاثة نصوص، وعلال الفاسي من المغرب أُدرج له نصان. هذا المقرر الدسم ظل يُدرَّس لعدة سنوات، إذ عندما تخرجنا من الجامعة وجدناه في انتظارنا، كي ندرسه بدورنا لتلامذتنا منذ نهاية السبعينيات إلى أواخر الثمانينيات. كان هذا المقرر يحتفي بالماضي والتراث فقط، إذ لم يهتم بالأدب العربي المعاصر، اللهم ثلاثة نصوص يتيمة لبدر شاكر السياب، ونازك الملائكة، وهي غالبا لا تدرس. كان لا بد من هذه الوقفة مع الماضي كي ننظر إلى الحاضر، ونقارن بين الذي كان، والذي صار. بين يدي كتاب «المنير في اللغة العربية» المقرر للجذع الأدبي. يتضمن أربعة مجزوءات: في الدورة الأولى مجزوءة الحكي، ومجزوءة الحجاج. وفي الدورة الثانية مجزوءة الشعر العمودي، ومجزوءة الشعر التفعيلي. عدد الكتَّاب في هذا المقرر ثمانية وأربعين كاتبا، من بينهم كاتبة واحدة هي ليلى أبو زيد من المغرب. عدد الكتاب والشعراء المغاربة محترم، إذ بلغ ما يزيد على عشرين. في هذا العرض سيتم التركيز فقط على الحضور المغربي في هذا المنهج الدراسي. في مجزوءة الحكي ثلاثة محور هي: السرد، والوصف، والحوار. في المحور الأول تَم إدراج نصين مغربين، هما» أكلة الجن «للكاتب محمد أنقار، وهو النص الأول في المقرر، ونص» بيت في الغابة «لليلى أبو زيد. في المحور الثاني نص «الطريق إلى القدس» للكاتب عبد الرحيم مودن. في المحور الثالث نص» في المطعم «للكاتب محمد الصباغ. في مجزوءة الحجاج ثلاثة محاور هي: الإخبار، والتفسير، والإقناع. في المحور الأول النص المغربي غير ممثل. وفي المحور الثاني النص المشرقي غير ممثل، إذ تَمَّ إدراج نصين لعلال الفاسي، وأحمد بوزفور. في المحور الثالث لا حظ فيه للمغاربة، بل للأدب لعربي الحديث كله، إذ تم إدراج نصين تراثيين لكل من الإمام علي، والجاحظ. حضور المغاربة من خلال النصوص التطبيقية في مجزوءة الحكي تمثل في السرود التالية: «صمود» لعبد المجيد بن جلون، و«المرأة واللوحة «لعبد الله العروي، و»صياد «لمحمد إبراهيم بوعلو. في الحجاج تم إدراج نص مغربي واحد، هو لعبد الله كنون، وعنوانه» دفاعا عن الأدباء الأمازيغ». في الدورة الثانية تناولت المجزوءة الأولى الشعرالعمودي ثلاثة محاور، أو أغراض شعرية هي: المدح، والوصف، والغزل. مشاركة الشعراء المغاربة تمثلت في قصيدتين هما: «مرحى بوجهك» لمحمد الحلوي في باب الوصف، و«إذا مت..لا تعجبي «لمحمد بن إبراهيم. القصيدة المغربية في هذه المجزوءة لها حضورها في النصوص التطبيقية، والقصائد هي «سر آدم» لعبد العزيز الفشتالي، و«جلت صفاتك «لأبي الربيع الموحدي، و«زمن الشبيبة» لأبي علي اليوسي. المجزوءة الثانية من الدورة الثانية تناولت الشعر التفعيلي، وقد أدرجت فيه تبعا لمنهجية التأليف ثلاثة محاور هي: شعر المدينة، وشعر الاغتراب، وشعر المقاومة والنضال. في المحور الأول قصيدة للشاعر عبد الرفيع جواهري، وفي النصوص التطبيقية قصيدة «مدينة شاردة» لعبد الكريم الطبال. في المحور الثاني نقرأ في النصوص التطبيقية نصين شعريين لمحمد الميموني، وعبد السلام مصباح. في المحور الثالث والأخير قصيدة «سبتة» لأحمد المجاطي، وقصيدة «أعراس الحجارة» لأحمد مفدي في النصوص التطبيقية.