حصلت «المساء» على صور بعض طلبة جامعة ابن طفيل، أظهرت آثار التعذيب عليهم، بعدما اعتقلتهم قوات الشرطة بالقنيطرة، على إثر الاحتجاجات الأخيرة التي خاضوها ضد قرار الرفع من تسعيرة ركوب حافلات النقل الجامعي من درهم واحد إلى ثلاثة دراهم ونصف. وكشفت مصادر موثوقة أن هذه الصور هي التي دفعت مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، إلى إحالة علي شفقي، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، على المفتشية العامة لوزارة العدل، للتحقيق معه، بعد إحجامه عن إجراء فحص طبي على الطلبة المعتقلين الذين يدعون تعرضهم للتعذيب من قبل عناصر الأمن بمخفر الشرطة القضائية. وأكدت المصادر أن وكيل الملك بابتدائية عاصمة الغرب، مثل، أمس، أمام مفتشي وزارة العدل، للتحقيق معه بشأن عدم استجابته لملتمس تقدم به دفاع الطلبة المعتقلين، من أجل إخضاعهم لفحص طبي بعد معاينته آثار تعذيب على عدد منهم، خلال عرضهم، الأربعاء الماضي، على النيابة العامة. وأفادت المصادر نفسها أن قضاة المفتشية العامة، بينهم عبد الرحيم مياد، الرئيس السابق لغرفة الجنايات الاستئنافية بالقنيطرة، حلوا، صباح اليوم نفسه، بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، وهم يتحوزون ملفا متكاملا حول تفاصيل قضية التعذيب الذي يدعي الطلبة أنهم تعرضوا له أثناء وضعهم رهن تدابير الحراسة النظرية بولاية أمن القنيطرة. وكان قرار وكيل الملك أثار موجة استياء واستنكار عارمة من قبل هيئة الدفاع عن الطلبة، المكونة من أكثر من عشرين محاميا، بسبب ما أسموه الرفض غير المبرر من ممثل الحق العام لطلب إجراء فحص طبي على المعتقلين، رغم إلزامية الفصل 74 من قانون المسطرة الجنائية، ورغم التعليمات الواضحة في هذا الشأن لوزير العدل، رئيس النيابة العامة، التي لم يجف بعد حبر كتابتها. واعتبر محامو ضحايا التعذيب المفترضين عدم استجابة النيابة العامة لملتمسهم، تعنتا غير مقبول من وكيل الملك لتطبيق القانون، ومعاكسة صريحة للسياسة العامة للدولة الرامية إلى القطع مع كل أشكال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، خاصة بعد المصادقة على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة واتفاقية مناهضة كل أشكال التعذيب وإقرار دستور جديد للقطع مع الماضي المظلم في مجال الانتهاكات التي تطال حقوق وحريات المواطنين. وصرح أحد المحامين ل»المساء» بأنها ليست المرة الأولى التي يرفض فيها المسؤول القضائي المذكور طلب إجراء فحص على المقدمين أمامه، فقد سبق لنفس هيئة الدفاع أن تقدمت له بهذا الطلب في ملفين سابقين للطلبة، حضر في أحدهما وكيل الملك شخصيا جلسة الاستنطاق، إلا أنه رفض التعاطي الإيجابي مع الطلب. وحذرت هيئة الدفاع من أن يتم تقديم أكباش فداء في هذا الملف، معتبرة أن مسؤولية علي شفقي، وكيل الملك، ثابتة، ولا تقبل الالتفاف عليها باعتباره المسؤول الأول عن اتخاذ القرار وليس نوابه، كما أنه كان حاضرا أثناء الاستنطاق، حيث كشفت المصادر أن وكيل الملك نفسه نزل شخصيا إلى المكان المخصص لذلك مرتين، بعد احتجاجات المحامين المتصاعدة حول الوضعية الصحية للطالبة فاطمة الزهراء، التي ظلت تتقيأ في محجز النيابة العامة بابتدائية القنيطرة لمدة تقارب ثلاث ساعات، متأثرة بالضرب الذي طالها بمقر الأمن، على حد قول الطلبة. وكان وزير العدل والحريات قد أصدر تعليماته إلى المفتشية العامة للوزارة من أجل إجراء الأبحاث الضرورية في هذا الملف، بعدما توصل إلى معلومات تفيد برفض وكيل الملك عرض الطلبة المقدمين أمامه على الفحص رغم معاينته لما يبرر ذلك.