اعتبرت أرضية ملعب الحارثي بمراكش، حتى حدود نهاية الموسم الفارط، من أحسن الميادين الرياضية على الصعيد الوطني، إن لم نقل الإفريقي، ونعني بذلك عشبه الطبيعي من حيث النوعية واللياقة والاستواء، حتى إن تقني الكرة الوطنية برمجوا أكثر من لقاء دولي به، ولم يسبق لأي فريق مراكشي أو ضيف أن قدم شكواه ولو شفهياإلى الجامعة أوالمجموعة الوطنية ينتقص من جودة العشب أو الأرضية، لكن الصناعة أبت إلا أن تكتسحه رغما عنه كما فعلت بالطبيعة عبر مجالات الحياة، بدعوى الهيكلة وتأهيل ملاعب كرة القدم الوطنية استعدادا للاحتراف، الذي قد يأتي، هذه الهيكلة المختصرة في جرف واقتلاع البنية الطبيعية المدرة للأوكسجين الذي يكون اللاعب وقت الممارسة الرياضية في أمس الحاجة إليه، والمحتملة لوطأة القدم في تفاعل وانفعال، دون شكوى من أي طرف، خصوصا بملعب الحارثي بمراكش، كلفت الخزينة المالية مبلغا كبيرا دون نقاش، لكن التكلفة أكبر من ذلك حين استطلعنا آراء المعنيين المباشرين بالعملية. يقول المختار أركان طبيب فريق الكوكب المراكشي «بغض النظرعما قد تسببه رائحة المطاط من نتانة لتنفس اللاعب، فقد عانينا الكثير من إصابات اللاعبين، منذ تكسية رقعة الحارثي بالعشب الصناعي، جراء التمددات العضلية والتمزقات والتهابات الساق، مقارنة بما قبل ذلك، إضافة إلى الأخطار المتكررة التي تصيب أعين اللاعبين نتيجة تطاير الحبيبات المطاطية التي تغطي البساط، وبنسبة أكبر لدى حراس المرمى والذين كثيرا ما نتدخل أثناء المباراة الواحدة لإسعافهم من الحبيبات المطاطية التي قد تصيبهم في الأنف أو البلعوم وأحيانا حتى الأذن مع ما تسببه من آلام والتهاب. عميد فريق الكوكب المراكشي يوسف مريانة والذي خبر الملاعب الوطنية والدولية، الطبيعية والصناعية، انتقد كثيرا بساط ملعب الحارثي واعتبره من النوع الرديء، مضيفا أن معاناة اللاعبين كبيرة جدا إن على مستوى التنفس بسب الرائحة المنبعثة منه خصوصا مع الحرارة التي تعرفها مدينة مراكش أو من جهة ما يسببه من عياء، وأردف يوسف مريانة أن عطاء فريقه غير مستقر بسبب التداريب التي يجريها الفريق بملعبه على عشب طبيعي والمباريات الرسمية التي تجرى فوق بساط اصطناعي. ومن منظور تقني، أكد محمد بن حيدا المعد البدني لفريق الكوكب المراكشي أن المعاناة كبيرة بالنسبة للاعب المغربي الذي داعب الكرة منذ نشأته على عشب طبيعي والمعاناة عامة بالنسبة لجميع اللاعبين المغاربة، لكونهم في طور الاستئناس والتكيف مع هذا المعطى الجديد، ومن جانبنا كتقنيين فالعمل يستدعي تأهيل اللاعب بعد كل مباراة أجريت على عشب صناعي بما تتطلبه العملية من تقنية لإزالة العياء وتوفير الاسترخاء وبالتالي استجماع القوى للمرحلة القادمة وهذا يتطلب دراية علمية من الأطر التقنية والطبية رغم أن العمل مضاعف ومكلف». أما يوسف ظهير نائب رئيس الكوكب المراكشي فكشف حنينه إلى ما كانت عليه أرضية ملعب الحارثي قائلا « كان ملعب الحارثي جميلا جدا تسحرك أرضيته كمتفرج وتجذبك كلاعب وتم التفريط فيها .مقابل العشب الصناعي الموسم الماضي، واعتقدنا أننا نجحنا لنفاجأ الموسم الحالي بوضعنا أمام الأمر الواقع وأعتقد أن هذا النوع من البساط قد يليق فقط بمدارس ومعاهد التكوين وليس بالممارسة الاحترافية «مضيفا أن هناك استثناء لبعض الملاعب بمدن أخرى والتي تعاني عدم صلاحية رقعتها. وفي تصريح ل «المساء» الرياضي اختصر عبد المجيد غنان رئيس جمعية الوفاء للكوكب تعليقه على العملية بقوله إنها مهزلة كسابقتها فرائحة المطاط تزكم أنوفنا كأننا في مصنع للأدوات البلاستيكية إنما الأشغال تقترب من نهايتها، بالمركب الرياضي وسنشد الرحال إلى عهد جديد. وإذا كانت مصائب قوم عند قوم فوائد ، فقد تعود عملية اقتلاع العشب الطبيعي من ملعب الحارثي بالفضل على مجلس مدينة مراكش بعدما قلت مصاريفه من حيث مياه السقي وتقليص عدد اليد العاملة المحسوبة عليه، كما أنه أصبح مؤهلا أكثر من أي وقت مضى لاحتضان حفلات وأعراس موسيقية تدر على المجلس مالم يجنيه من كرة القدم.