وصف محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، إصلاح أنظمة التقاعد بالإصلاح «المر»، سواء بالنسبة للمنخرطين أو بالنسبة لميزانية الدولة، التي ستتحمل ابتداء من السنة المقبلة عبئا إضافيا، مؤكدا، خلال عرضه مشروع قانون المالية لسنة 2015 أمام البرلمان بغرفتيه أول أمس، أن «هذا الإصلاح مستعجل ومصيري لفئات عريضة من الموظفين حتى يتمكنوا من ضمان معاشاتهم في المستقبل». وقال بوسعيد: «يجب أن يأخذ هذا الإصلاح بعين الاعتبار ضمان التوازن المالي لأنظمة التقاعد والحفاظ على الحقوق المكتسبة للمتقاعدين في أفق الإصلاح المندمج والشامل لهذه الأنظمة بما يضمن ديمومتها على المدى البعيد». وأعلن الوزير أن الحكومة ستواصل أيضا إصلاح صندوق المقاصة وفق نفس المقاربة التي تنبني على تحقيق الفاعلية الاقتصادية والاجتماعية لمنظومة الدعم. وأضاف أن الحكومة ستعتزم مواصلة تطبيق نظام المقايسة بالنسبة للمواد البترولية السائلة والشروع في إصلاح دعم المواد الغذائية. وبخصوص تزايد المديونية، أكد بوسعيد عزم الحكومة على إيقاف نزيف تزايد المديونية من هذه السنة، إذ من المنتظر أن تبقى مستقرة في أقل من 64 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مبرزا أنه تم إيقاف نزيف العجز الميزانياتي في الأشهر الأخيرة من السنة الماضية. وتوقع بوسعيد تخفيض عجز الميزانية في حدود توقعات قانون المالية لسنة 2014، موضحا أنه سيتم تخفيضها إلى 9،4 في المائة نهاية السنة الحالية مع تقليص عجز ميزان الأداءات إلى 7،6 في المائة عوض 7،9 في المائة سنة 2012. وأشار الوزير إلى أن توجهات مشروع قانون المالية لسنة 2015 صيغت استنادا إلى عدد من المرتكزات، منها الاستمرار في دعم تنافسية الاقتصاد الوطني والاستثمار الخاص والمقاولة، وتعزيز دور المغرب كقطب جهوي للاستثمار والإنتاج والمبادلات، ومواكبة دينامية الاستثمار باتخاذ التدابير الكفيلة بتسريع تنزيل مقتضيات الدستور، والرفع من وتيرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى، وفي مقدمتها ورش الجهوية، وكذا دعم التماسك الاجتماعي وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وإنعاش فرص الشغل. وأكد وزير الاقتصاد والمالية أن تفعيل هذه المرتكزات سيمكن من تحقيق نمو في حدود 4،4 في المائة سنة 2015، موازاة مع مواصلة مجهود استعادة التوازنات الماكرواقتصادية من خلال تقليص عجز الميزانية إلى 3،4 في المائة من الناتج الداخلي الخام، بالإضافة إلى تقليص عجز ميزان الأداءات وحصره في مستوى يناهز 6 في المائة، مبرزا أن مشروع قانون المالية سيجيب عن المعادلة الصعبة بتقليص العجز إلى 4،3 في المائة سنة 2015 والزيادة الإرادية ب9 في المائة في اعتمادات الاستثمار للميزانية العامة التي بلغت 54 مليار درهم، وب25 في المائة في عدد المناصب المالية التي حددها المشروع في 22 ألفا و510 مناصب مالية. من جهته، قدم إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المكلف بالميزانية، عرضا لمشروع قانون المالية بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب في اليوم ذاته، حيث أكد أن أوليات مشروع قانون المالية لسنة 2015 تتمثل في تحسين تنافسية الاقتصاد الوطني وإنعاش الاستثمار الخاص ودعم المقاولة وتسريع تنزيل الدستور والإصلاحات الهيكلية الكبرى وتفعيل الجهوية، إضافة إلى تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وإنعاش الشغل ومواصلة دعم البرامج الاجتماعية القطاعية ومواصلة مجهود الاستعادة التدريجية للتوازانات الماكرواقتصداية. ومن بين التدابير التي جاء بها مشروع قانون المالية، التي تهم إطار تيسير الولوج للسكن «تمكين الأجانب المقيمين بالمغرب وفي وضعية قانونية من اقتناء السكن ذي القيمة المخفضة والسكن المخصص للطبقة المتوسطة وتشجيع العرض بالنسبة للسكن الاجتماعي المعد للكراء برفع السومة الكرائية القصوى وتخفيض مدة الإعفاء من 20 إلى 8 سنوات. وبالنسبة لتدابير إنعاش التشعيل، أشار الأزمي إلى أنه تم تحديد مدة التدريب في 24 شهرا كحد أقصى غير قابلة للتجدد، وتخفيض مدة إعفاء التعويض عن التدريب من الضريبة على الداخل إلى 24 شهرا عوض 36 شهرا، وتحمل الدولة الكلي لمساهمات المشغل والمتدرب برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال فترة التجريب، وإلزام المشغل بالإدماج النهائي في حدود ما لا يقل عن 60 في المائة من المتدربين، وتحمل الدولة حصة المشغل برسم الاشتراكات المستحقة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمدة 12 شهرا في حالة التشغيل النهائي للمتدرب. وبخصوص تقوية آليات محاربة التهريب والغش، من بين الإجراءات المقترحة لمشروع قانون المالية، توسيع مجال تدخل إدارة الجمارك ليشمل الطرق السيارة لمحاربة تهريب البضائع والرفع من العقوبات على عمليات تهريب البضائع التي لها تأثير على الأمن والاقتصاد في حالة العود والغش التجاري والممارسات التي تهدف إلى الاستفادة من امتيازات نظام القبول المؤقت. وتجدر الإشارة إلى أن مهدي مزواري، عضو الفريق الاشتراكي، نبه الحكومة في بداية انعقاد جلسة البرلمان إلى تسريب مشروع قانون المالية للصحافة، الذي وصفه ب«الانزلاق الخطير في العلاقة ما بين الحكومة والبرلمان»، والذي يطرح معه سؤال قيمة الجلسة وجدية الحكومة في تنفيذ وتطبيق الدستور، يضيف مزواري.