بعدما تنفس سكان الدارالبيضاء الصعداء خلال شهري غشت ويوليوز، بسبب تقلص أزمة الاكتظاظ في شوارع المدينة، نظرا لتفضيل العديد من البيضاويين قضاء العطلة بعيدا عن زخم هذه المدينة وتلوثها، عادت من جديد "حليمة إلى عادتها القديمة" في الأيام الأولى من شهر شتنبر، وكأن هؤلاء المواطنين كانوا في حلم جميل. وقال مصدر ل"المساء": "طيلة شهر غشت كان هناك انسياب تام في حركة السير والجولان في العاصمة الاقتصادية، حيث لم تكن المسافة التي تفصلني بين مقر العمل والحي الذي أقطن فيه سوى 15 أو 20 دقيقة كأقصى تقدير". الحلم الجميل الذي عاشه مصدرنا خلال شهر غشت تحول إلى كابوس مفزع في الأسبوع الأول من شهر شتنبر، فالاكتظاظ عاد من جديد إلى شوارع المدينة، التي تعرف تزايدا كبيرا في عدد سياراتها. وتؤكد مصادر متطابقة أن الأنفاق التي تم إحداثها مؤخرا في العاصمة الاقتصادية، ومن بينها نفق "شميكولور" لم تحقق الأهداف التي أحدثت من أجلها، ويقول سائق طاكسي "العديد من السائقين لا يستعملون هذا النفق، والسبب يرجع إلى السرعة المحددة في 40 كلم في الساعة، إضافة إلى وجود الرادار، حيث إن هناك مخاوف من السقوط في فخ هذا الرادار"، واعتبر المتحدث ذاته أنه لحل مشكل الاكتظاظ في وسط المدينة والمناطق المحيطة بها يجب فتح ممرات جديدة. وبعدما تم إغلاق شارع محمد الخامس في وجه السيارات والشاحنات انتقل الضغط إلى شارع الجيش الملكي، حيث أصبح السائقون المتوجهون إلى الحي المحمدي أو سيدي مومن مجبرين على استعمال هذا الشارع، مما يساهم في حدة الاكتظاظ في وسط المدينة. وإذا كان "الطرامواي" شكل بالنسبة إلى بعض المواطنين الحل الأنسب لتفادي أزمة المواصلات، فإنه شكل للكثير من السائقين عبئا إضافيا، حيث زاد من حدة الاكتظاظ الكبير الذي تشهده الشوارع التي تمر منها هذه الوسيلة، وهو الأمر الذي سيتضاعف، حسب بعض مهنيي النقل حينما تتم إضافة خطوط جديدة من "الطرامواي"، فهذه الوسيلة وإن كانت تعتبر من وسائل النقل القليلة المحافظة على البيئة، فإنها تشكل، كذلك، هاجسا للسائقين، بسبب تقلص عرض الشوارع، وهو ما جعل أصوات المعارضة خلال التجربة الجماعية السابقة تنتفض ضد إحداث "الطرامواي"، مؤكدة أنه سيزيد من حدة الاختناق في شوارع هذه المدينة، وهي المخاوف التي تجددت بمجرد ما أعلن المجلس الجماعي للمدينة عن تعطيل مشروع "الميترو" العلوي وتعويضه بخطوط الطرامواي. وأصبح لدى سكان الدارالبيضاء مواسم قليلة للظفر بلحظات من الهدوء في شوارع المدينة، ويتعلق الأمر بأيام الأحد وعيد الأضحى وخلال فصل الصيف، وخاصة شهر غشت، فخلال هذه الأيام يتصالح المواطن البيضاوي مع مدينته قبل أن يعود من جحيم إلى جحيم العذاب اليومي، الذي لا ينتهي إلا في ساعات متأخرة من الليل.