سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ضحايا وهم الهجرة إلى أوربا يرفضون حكم ابتدائية ابن سليمان سنة ونصف حبسا نافذا في حق متزعم الشبكة الإسباني وتعويض قدره 57 مليون سنتيم لفائدة ثلاثين ضحية
قضت المحكمة الابتدائية بابن سليمان أخيرا في ملف شبكة الهجرة إلى الديار الأوربية التي كان يتزعمها إسباني وخليلتيه وبعض أفراد أسرهما، بسنة ونصف سجنا نافذا في حق الإسباني مع تغريمه ألفي درهم، وتعويض إجمالي للضحايا بلغ 57.5 مليون سنتيم لفائدة ثلاثين ضحية ذكورا وإناثا، 25 ضحية حكم لهم بمليوني سنتيم للفرد، وخمس ضحايا قضت لهم بمليون ونصف مليون سنتيم لكل ضحية. كما قضت بثلاثة أشهر حبسا نافذا في حق شريكه وأب خليلته الثانية (م.أ)، وخمسة أشهر حبسا نافذا في حق زوجة شريكه، وغرامة مالية قدرها ألفي درهم ضد كل واحد منهم. فيما بقى البحث مستمرا عن خليلتيه المتواجدتين حاليا خارج تراب المملكة، وأم خليلته الأولى. وكانت شبكة الإسباني أطاحت بأحلام أزيد من أربعين ضحية، تمكن ثلاثون منهم فقط من إثبات تعرضهم للنصب والاحتيال، والاستفادة من تعويضات مالية، فيما تم رفض شكاوى ضحايا آخرين بسبب ضعف الأدلة. وعلمت «المساء» أن الضحايا والمتهمين والنيابة العامة أجمعوا على طلب استئناف الحكم، بعد أن اعتبر كل طرف من الأطراف الثلاثة أن ابتدائية ابن سليمان لم تنصفه. و تمكن الإسباني من نسج شبكته في ظرف ست سنوات التي تردد فيها على مدينة ابن سليمان، بعد أن كسب ود أسرتين فقيرتين، أغراهما بالمال وتأشيرات الهجرة إلى إسبانيا، فتزوج فتاة من الأسرة الأولى بدون عقد زواج، وهجرها للعمل بإسبانيا، بعد أن أنجب معها طفلة توفيت بعد أيام، وتركها ليحل لدى أسرة أخرى بنفس المدينة، ويتزوج ابنة الأسرة الجديدة بدون عقد نكاح، وينجب معها طفلا قبل أن يساعدها هي الأخرى على الهجرة إلى إسبانيا موفرا لها عقد عمل. وكان طيلة السنوات الست يستغل منزل الخليلتين لاستقبال الراغبين في الهجرة إلى إسبانيا. المتهم بدا جادا في وعوده، وهجر عشرين شخصا بعقود عمل وتأشيرات شرعية، لكن مع تزايد الشباب والشابات الراغبين في مستقبل بديل بعيدا عن مدينتهم الراكدة. ازداد لهف الإسباني وشركائه إلى أموال الضحايا، فسلك أسلوب النصب والاحتيال وبدأ يبيعهم وهم الهجرة إلى أن افتضح أمره. حكاية الإسباني وخليلتيه حل الإسباني منذ ست سنوات بمدينة ابن سليمان، بعد أن أوقع أو وقع في شباك فتاة سليمانية، تعرف عليها بمدينة آكادير، توطدت علاقتهما الحميمية، فأقنعته بمرافقتها إلى منزل أسرتها الفقيرة، كانت الفتاة تعرف أن خليلها ابن 59 خريفا، والذي قدم من منطقة «بلابريدا» الإسبانية، مطلق وأب لطفلين، يعمل مقاولا، يملك شركة فلاحية ويتردد كثيرا على المغرب. أغراها بالمال وفرصة الهجرة إلى أوربا لمحو ماضي الأسرة البئيس، فقررت أن تمنحه كل مايريد شريطة أن تستفيد من شخصه. فكان لها ما أرادت. ساعدها على إعداد وثائق الهجرة إلى إسبانيا ووفر لها التأشيرة وعقد العمل، ويسر لها وعن طريقها هجرة العديد من الشباب والشابات مقابل مبالغ مالية متفاوتة، جعلتها تفكر في الحصول على المزيد من تلك الأموال التي بدأ أصحابها يدقون باب منزل أسرتها يوميا، ويتوسلون إليها من أجل أخذ الأموال ومساعدتهم على الهجرة للبحث عن غد أفضل. علاقتها بالإسباني، أثمرت طفلة توفيت بعد أيام من ولادتها داخل المستشفى، واستمر الخليلان في المعاشرة، في كنف الأسرة التي جعلت من منزلها مكتبا للهجرة إلى الديار الأوربية، أصبح منزل «فاتي» قبلة للشباب والشابات معظمهم من مدينة (كانبلوا )، المدينة التي أغلقت بها كل الشركات التي كانت تشغل مئات العاملين، وبات شبح البطالة ينخر عقول وأجساد أبنائها وبناتها. هجرت فاتي المنزل والمدينة، وساءت علاقتها بخليلها الإسباني الذي غير أجواء الغرام إلى فتاة سليمانية أخرى، كان قد تعرف إليها عن طريق خليلته الأولى، وأعد لها وثائق الهجرة قانونيا. واتخذها خليلة له، وعاشرها إلى أن أنجب معها طفلا، وأصبح يقيم مع أسرتها كلما حل بالمغرب. ليتحول مكتب الهجرة إلى منزل خليلته الثانية التي غادرت منزلها لتعمل بإسبانيا. لاحظ الإسباني كما صرح في محضر أقواله لدى الضابطة القضائية أن جل شباب المدينة عاطل، وبما أنه كان في أمس الحاجة لليد العاملة بإسبانيا داخل شركته، فإنه باشر بمساعدة الشباب على الهجرة عن طريق عقود عمل قانونية، وكانت أول فتاة استفادت من كرم الإسباني، هجرها إلى الديار الإسبانية لتعمل خادمة عند والده، فيما اشتغلت الأخرى خادمة عند شقيقته. وصرح أنه هجر قانونيا وبعقود عمل عشرين شابا وشابة إلى إسبانيا. ونفى كل الاتهامات الموجهة إليه من طرف أزيد من أربعين ضحية، وقال إنه سبق ووعد مجموعة من الأشخاص بمساعدتهم على الهجرة إلى إسبانيا عن طريق توفير عقود عمل لهم، لكنه نفى أن يكون قد تسلم أية مبالغ مالية من أحدهم، ولمح إلى احتمال أن تكون خليلته السابقة فاتي أو الحالية سعاد هما من تسلمتا المبالغ المالية دون علمه. 250 مليون سنتيم من أربعين ضحية تمكن الإسباني وخليلتاه من بيع وهم الهجرة إلى الديار الأوربية لأزيد من أربعين شابا وشابة مقابل مبالغ مالية تراوحت ما بين سبعة وتسعة ملايين سنتيم، وحصلت الشبكة المكونة من الإسباني وخليلتيه الفارتين وأب وأم الخليلة الثانية وأم خليلته الأولى، على أزيد من 250 مليون سنتيم، وهي مبالغ تم الحصول عليها من طرف أسر الضحايا بعدما استنفرت كل طاقاتها، أسر باعت أفرشتها وحليها وآخرون اقترضوا من الأهل والأقارب ومن شركات السلف، لتمكين أبنائهم وبناتهم من مبالغ مالية كافية لمطالب الإسباني وشبكته، التي كانت تبيعهم وهم الهجرة إلى أوربا. كل الضحايا يتهمون الإسباني (ب.غ)، الذي تم اعتقاله بميناء طنجة وهو يحاول الفرار بجواز سفر أوربي بدل جوازه الإسباني المعروف لدى الدوائر الأمنية المغربية، بإيهامهم بالقدرة على تهجيرهم إلى بلده وتشغيلهم داخل شركة له للاستيراد والتصدير. المواطن الإسباني وحسب مصادر جد مطلعة، استقر منذ ست سنوات بالمدينة الخضراء، وتمكن من كسب ثقة أسرتين بالمدينة. مصادر أمنية أكدت أنه سبق وأن قام بتهجير خليلتيه ومعهما مجموعة من أقربائهما، وأنه استغل الخليلتين وأسرهما لاستدراج الشباب الراغبين في الهجرة إلى الديار الإسبانية مقابل مبالغ مالية، فيما تؤكد مصادر مقربة من الإسباني أنه يمتلك فعلا شركة بإسبانيا ومنزلا لاستقبال الشبان والشابات الذين يقوم بتهجيرهم شرعيا للعمل بإسبانيا، وأنه سبق وهجر بعض شباب المدينة، وأنه ضحية خليلتيه وأم الخليلة الثانية المتابعة هي الأخرى بالنصب رفقة زوجها على مجموعة من الشباب بدعوى تهجيرهم شرعيا مقابل مبالغ مالية. وأنكر الإسباني معرفته بالعديد من الضحايا الذين اتهموه بتسلم مبالغ مالية منهم مقابل تسوية وثائق خروجهم للعمل بإسبانيا. ابن سليمان: المدينة (الموقف) ماشي مدينة هادي... هذا موقف... كلنا على باب الله لا خدمة لا ردمة... هكذا صرح العديد من شباب مدينة ابن سليمان ضحايا شبكة الإسباني، وقبله العشرات من الشبكات التي أفرغت جيوب الأسر مما تيسر لها من نقود مقابل وهم البحث عن مستقبل بديل. البطالة والفراغ الثقافي والرياضي داخل مدينة بلا معالم، سياحة بدون مرافق سياحية، فلاحة بفلاحين على باب الله يحرثون الأرض بعتاد تقليدي، وصناعة بمعامل تختفي في كل لحظة، ومنطقة صناعية تصدأت لوحتها الاشهارية ولم تظهر بها بعد شركات تنتشل بعضا من شبابها من الضياع. اعتبر الشباب أن وضعهم الصعب داخل المدينة، جعلهم يتعلقون بكل خيط أمل من أجل ضمان عمل أو وظيفة أو تأشيرة للدخول إلى بلد يمكنهم من تغيير وجه حياتهم وحياة أسرهم الفقيرة. وهو سبب تهافت شبكات بيع الوهم عليهم، وتعرضهم للنصب والاحتيال. ضحايا محبطون ظل ضحايا شبكة الإسباني طيلة جلسات محاكمته رفقة شريكه وأم وأب خليلته الأولى، يطالبون بالإسراع في إنصافهم وتعويضهم بالقدر الكافي لما تعرضوا له من نصب واحتيال، وما نتج عن ذلك من إحباط لهم ولذويهم، وما حل بأسرهم من ضيق مالي بعد أن تدبروا لهم مصاريف الهجرة التي تبخرت واختفت معها أموالهم. وبعد الحكم الابتدائي، زاد غيظهم وإحباطهم فقرروا تنظيم وقفات أمام المحكمة واستدعاء قناة الجزيرة التي غطت جزءا من همومهم. وقرروا استئناف الحكم والاستنجاد بكل الجهات المعنية بحقوقهم. انتشر الضحايا هنا وهناك باحثين عن أياد نظيفة تمكنهم من استرجاع ولو أموالهم التي نهبت منهم تحت ذريعة ضمان الهجرة الشرعية وتوفير عقود العمل. فالتعويض الذي حكمت به المحكمة لا يساوي حتى ربع أو ثلث ما ضاع منهم، وهو تعويض تساءلوا كيف سيتمكنون من الحصول عليه والمتهم داخل السجن. كما أن أغلبهم من حملة الشواهد الجامعية المعطلين، وبعضهم من مزاولي بعض المهن. وكثير من الضحايا لم يتقدموا بشكايات لأنهم موظفون بسطاء، كانوا يأملون في تغيير مسارهم، ويخشون أن يتم اكتشاف أمر محاولتهم الهجرة من طرف مشغليهم أو وزاراتهم.