هناك أخبار غريبة وطريفة نشرت هذا الأسبوع، سيكون من اللازم التوقف عند بعضها، فقد أتعبنا القراء بالأخبار السوداء، وأحيانا نحتاج إلى تلطيف الجو بنشر أخبار أقل سوادا من العادة. «يحسن عوانهم مساكن». هكذا تنهدت قارئة جلست بجانبي في القطار عندما أنهت للتو قراءة خبر اعتزام «البوليزاريو» تنظيم حركة احتجاجية أمام الجدار الأمني بواسطة 250 امرأة إسبانية سيقمن بتعرية مؤخراتهن أمام الجنود المغاربة المرابطين خلف الجدار. أما أنا عندما قرأت بلاغ «جمعية الصحراء المغربية» ردا على هذا «النشاط» فإنني لم أتمالك نفسي وانفجرت ضاحكا. فقد اعتبرت الجمعية في بلاغها أن تعرية هؤلاء الإسبانيات «الناشطات» لمؤخراتهن أمام الجدار الأمني حيث يوجد الجنود المغاربة فيه استفزاز خطير لهؤلاء الجنود. وطبعا لم يحدد بلاغ الجمعية نوع أو طبيعة هذا الاستفزاز. لكن بما أن «الفاهم يفهم» فإن المقصود واضح «للعيان». واضح إذن أن جبهة «البوليساريو» لم تنجح في استفزاز الجنود المغاربة عندما نظمت في السباق حركة شبيهة أمام الجدار بواسطة رجال إسبان. أو على الأقل ما كان يبدو أنهم رجال. لذلك فكرت هذه المرة في استقدام نساء إسبانيات شقراوات لزعزعة الجنود المغاربة. هكذا تكون الجمعيات واللجان البرلمانية الممثلة للحكم الذاتي في إسبانيا وجزء من الصحافة المدافعة عن فكرة الاستقلال الذاتي في الصحراء، قد دخلت فصلا جديدا من حربها ضد وحدة المغرب يمكن أن نسميها حرب الإغراء. والواقع أن الجنود المغاربة يجب أن يستعدوا جيدا لهذه الحرب الخطيرة التي تستهدف توازنهم النفسي. وعلى كل من يستهين بهذه التقنية الحربية الجديدة أن يضع نفسه مكان هؤلاء الجنود المحرومين من زيارة زوجاتهم لعدة أشهر، والمرابطين وراء الجدار العازل في ظروف مناخية ومعيشية صعبة، لكي يفهم ماذا يعني الصمود أمام رؤية 250 امرأة إسبانية يكشفن دفعة واحدة عن أعضائهن الحساسة في تلك الصحراء القاحلة. يجب أن يكون الإنسان وليا من أولياء الله الصالحين لكي لا يفقد توازنه النفسي ويرمي بسلاحه ويقفز من فوق الجدار العازل و«يهجم» على هؤلاء الناشطات «الصبليونيات». ولذلك فسيكون من المناسب لمنظمي هذا «النشاط» أن يكونوا أولا قد سجلوا نساءهم لدى شركة تأمينات تحسبا للأضرار التي قد تنجم عن قيامهن بهذا «النشاط» غير المحتشم تماما أمام العسكر. والظاهر أن جبهة «البوليساريو» والواقفين وراءها داخل البرلمانات الجهوية الإسبانية، لم يفكروا عبثا في إطلاق شعار «ليسقط الحزام» على سباق الدراجات الهوائية الذي أقاموه في مخيمات تندوف مؤخرا. واضح أنهم لم يكونوا يقصدون بسقوط الحزام سقوط «الحزام الأمني»، وإنما حزام العفة الذي ستسقطه كل تلك النساء الإسبانيات أمام أنظار الجنود الواقفين فوق الجدار العازل. المغرب من جانبه عبر عن انزعاجه من هذه «النشاطات» الدولية التي تنظمها «البوليساريو» في الصحراء. ولذلك قرر أن يرد بمناورات عسكرية وحرك طائرات «الميراج» والمروحيات والفيالق البرية في تداريب قرب الحزام الأمني. هكذا أصبح المنظر في المنطقة كالتالي : جيش مغربي في حالة تأهب قصوى يقوده الجنرال بناني قائد المنطقة الجنوبية يقوم بمناورات في الجو والأرض، و«ناشطات» إسبانيات في الجهة المقابلة للجدار يسقطن أحزمة سراويلهن ويطالبن بإسقاط الحزام الأمني. المهم أن الفرجة ستكون مضمونة، رغم أن الأسلحة غير متشابهة. فلكل طريقته الخاصة في التعبير عن أفكاره. وإلى جانب هذا الخبر القادم من الصحراء، هناك أخبار أخرى قادمة من الداخل لا تقل طرافة عن خبر «الناشطات» الإسبانيات العاريات. فقد نشرت سيدة فرنسية قبل خمسة أيام إعلانا في جريدة مغربية حول اختفاء «مش رومي» في أحد أحياء الدارالبيضاء الراقية. ويبدو أن «المش» الذي انقطعت أخباره «مقطر لمولاتو من العينين». لذلك فقد وضعت مكافأة قدرها 2000 درهم لكل من يعثر له على أثر. ولا بد أن باعة «الصردي» سيشعرون بالغبن وهم يسمعون أن «مشا روميا» يساوي العثور عليه ثمن خروف من خرفانهم. أما كل تلك العائلات التي تلجأ إلى برنامج «مختفون» و«ركن المتغيبين» بالإذاعة الوطنية لنشر إعلانات عن اختفاء ذويهم، فإنهم سيشعرون بالغيرة من هذا «المش» المحظوظ الذي تخصص له سيدته هذه المكافأة السخية. والظاهر أن أغلب أصحاب إعلانات ضياع الحيوانات في الصحافة الوطنية هم من الأجانب. فقبل شهر نشر مواطن بلجيكي مقيم في وارزازات إعلانا في إحدى المجلات الأسبوعية عن ضياع «عتروسه» مباشرة قبل عيد الأضحى الماضي. ولازال إلى اليوم يبحث عنه بالريق الناشف. وقد وضع هو الآخر مكافأة سخية لكل من يعثر عليه. حيا بطبيعة الحال. وبالنظر إلى أن اختفاء هذا «العتروس» جاء قبيل العيد الكبير، فإن هناك حظوظا قليلة جدا للعثور على «العتروس» سيء الحظ واقفا على قوائمه الأربعة. فإذا كان «المش الرومي» لا يصلح لشيء آخر غير التباهي بفروه وذيله المشعر الطويل في مدخل حديقة الفيلا، فإن «العتروس» يصبح عملة نادرة في المغرب قبل العيد الكبير، نظرا للإقبال الكبير على لحمه الخالي من «الكوليستيرول» من طرف مرضى السكري. وبما أننا دخلنا في موضوع «العتارس»، فقد قرأت أمس الخميس موضوعا طريفا في إحدى اليوميات يتحدث عن إهداء والدة الملياردير «ريشارد برانسون» ثلاثين معزة لسكان قرية بنواحي مراكش. وحسب السفارة البريطانية في الرباط فإن والدة «برانسون» حلت بالمغرب يوم فاتح أبريل، اليوم العالمي للكذب، وجاءت محفوفة بثلاثين معزة حامل من نوع «كاشمير» وقدمتها كهدية لسكان دوار «تانسراست» بمنطقة الحوز. وتراهن السفارة البريطانية ومعها السيدة «برونسون» على ذكاء سكان الدوار لاستثمار هذا الكنز الحيواني، خصوصا وأن ماعز «الكاشمير» معروف بثمنه الباهظ. ومن خلال اسمه نفهم أنه ليس ماعزا عاديا، فهو يحمل ماركة أحد أغلى أنواع الصوف. ولذلك يمكن لسكان الدوار أن يستغلوا صوفه الأبيض الناعم في صناعة ألبسة من «الكاشمير» تعود بالنفع على المنطقة ككل. ولعل هذه المبادرة البريطانية تبقى أحسن من كل الكلام المعسول الذي وعد به عباس الفاسي سكان المغرب غير النافع. فلأول مرة سيتلقى سكان الدوار مبادرة فعلية للتنمية عوض سماع المسؤولين يثرثرون حولها. وحتى نغادر عالم الحيوانات دعونا نذهب إلى الدارالبيضاء، وخصوصا إلى محكمة عين السبع التي دشنها وزير العدل عبد الواحد الراضي. فقد كان مفاجئا أن يحضر حفل التدشين إلى جانب الوزير والقضاة بعض المتهمين السابقين في فضائح البناء العشوائي في دوار «التقلية» إلى جانب القضاة الذين حكموا عليهم (بما أننا تحدثنا عن العيد الكبير والخرفان والعتارس فلا بد أن نتحدث عن التقلية). ولم يكتف هؤلاء المتهمون السابقون بالحضور إلى حفل تدشين المحكمة إلى جانب القضاة الذين أدانوهم، بل شرعوا يقومون بحركات مستفزة ضد القضاة الذين حكموا بحبسهم في السابق. في جريدة أخرى قرأت خبرا طريفا حول صدور فتوى لتحريم إصدار الفتاوى. وفي ثالثة رأيت رسما كاريكاتوريا يجسد المضربين عن العمل في قطاع النقل ملفوفين في جلابيبهم وهم يلتهمون «زلافات البابوش» وقد أوقفوا سيارات أجرتهم أمام الميناء. وحسب هذه الجريدة المدافعة عن «الباطرونا» فإن كل من يضرب عن العمل في المغرب يقتات على «البابوش» ويلبس الجلابة والرزة ويقرأ جريدة بالعربية. «الحاصول، فهاد المغرب، كلها وفين جاتو».