اتهام وزير الداخلية لجمعيات حقوقية بمعاداة المغرب، عبر الترويج لأكاذيب عن وجود التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، خدمة ًلجهات أجنبية تعادي المغرب، هو أمر خطير، ويجب الوقوف عنده. إما عبر الضرب على أيدي من يثبت عنهم القيام بهذا السلوك من بين الجمعيات وذلك عبر اللجوء إلى القضاء الكفيل بإثبات هذه التهمة أو نفيها أو العكس . أما أن نتحدث عن ذلك أمام البرلمان وبعدها تستمر الأمور على سابق عهدها: الجمعيات تتابع «الخروقات» وتعد التقارير، ووزارة الداخلية تتهمها ب»العمالة» للأجنبي، فذلك يعكس وجود خلل.. فإما أن هذه الجمعيات أصبحت تتمتع بوضع مشابه لوضع العائلات المغربية التي كانت، قبل الاستقلال، تحظى بحماية دول أجنبية قوية، فلا تقوى الدولة على محاسبتها ومعاقبتها؛ وإما أن وزير الداخلية لا يفهم أن دور المجتمع المدني، ومنه الحقوقي، يتكامل مع دور الدولة عندما يرصد أخطاءها، لأن الجمعيات الحقوقية لم توجد لكي تتفق مع الدولة وتبارك منجزاتها الحقوقية وغيرها. كل المسؤولين عن ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب كانوا يتحدثون عن حرصهم على المصلحة الوطنية، وحماية المغاربة من الأحزاب والنقابات والجمعيات المعارضة ذات الارتباطات الخارجية.. ليتبين في النهاية أنهم هم من كان يضر بصورة المغرب ومصلحته الوطنية. وما تقارير المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف والمصالحة ببعيدة عنا. الوعي بأن الحركة الحقوقية شريك حقيقي وضروري للديمقراطية، يقتضي فتح حوار معها والتعايش معها، ابتداء من الكف عن جرجرة أفرادها في الشوارع، واتهامهم بتلقي أموال مشبوهة دون تقديم دليل على ذلك عبر تحقيق قضائي. هذا هو المدخل الحقيقي لتطبيع العلاقة بين الدولة والحقوقيين لأن كلاهما يخدم مصلحة الوطن وليس الأجهزة الأمنية بمفردها من تدافع عن الوطن.