يعتبر حفل التوقيع الذي ترأسه الملك محمد السادس، يوم الثلاثاء 13 ماي 2014 في مدينة المحمدية، تجسيدا لرغبته السامية في تسريع تفعيل الاستراتيجية الوطنية لتطوير التنافسية اللوجستية، وتمكين المغرب من الانخراط، كباقي دول العالم، في توفير كل الوظائف والتجهيزات الضرورية لسلسلة الإمدادات بالسلع والخدمات والعمليات اللوجستية المرافقة لها، بدءا من إعداد طلبات الزبناء وحلول الشحن والتخليص الجمركي وإدارة المخزون، مرورا بالمشتريات أو المبيعات وخدمات النقل المتخصصة، ووصولا إلى خدمات إدارة النقل والتخزين والتوزيع؛ ولا ننسى مواكبة المساطر الجمركية للمعايير الدولية، فضلا عن تزويد مكاتب الشركات اللوجستية الدولية بالمغرب برخص التخليص والتصديق الجمركي، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية اللازمة، بما فيها تأهيل الموارد البشرية الضرورية ودعم مكاتب التسويق والمبيعات والعمليات والمخازن، إضافة إلى خدمات الاتصال بخطوط الشحن والخطوط الجوية المحلية والدولية. وفي هذا السياق، قدم وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، عزيز الرباح، عرضا بين يدي الملك، أبرز من خلاله أهم الإنجازات التي تم بلوغها، وكذا آفاق التنافسية اللوجستية بالمغرب، وأهم الأوراش المبرمجة برسم الفترة الممتدة ما بين 2014 و2020 في إطار تسريع تفعيل مخطط الاستراتيجية الوطنية لتطوير التنافسية اللوجستية التي تم إطلاقها في أبريل 2010. ويروم المخططُ الجديدُ الدفعَ قدما بقطاع الخدمات اللوجستية والنقل، ليسهم بشكل فاعل في دعم النمو الاقتصادي بالمغرب وفي منطقة غرب إفريقيا، ويقود النمو في الخدمات اللوجستية في بلدان المنطقة، والاستفادة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي لبلدنا والذي سيتيح للمملكة إمكانية الحصول إقليميا على حصة مميزة جدا من سلاسل التوريد والتصدير والخدمات اللوجستية. ولقد كشف تقرير 2014 لمجموعة البنك الدولي، الذي صدر بواشنطن يوم الخميس 20 مارس 2014، أن الفجوة بين البلدان صاحبة أفضل وأسوإ أداء في مجال الخدمات اللوجستية للتجارة على الصعيد العالمي لاتزال واسعة جدا، رغم التقارب البطيء الذي شهدته منذ عام 2007. ولاتزال هذه الفجوة قائمة نظرا إلى تعقد الإصلاحات المتعلقة بالخدمات اللوجستية والاستثمار في البلدان النامية، رغم الإدراك العالمي بأن ضعف مستوى كفاءة سلسلة التوريد هو العائق الرئيسي أمام تحقيق التكامل التجاري في العالم الحديث. وحدد التقرير الذي صدر عن البنك الدولي بعنوان "إقامة روابط من أجل التنافس لعام 2014: الخدمات اللوجستية للتجارة في الاقتصاد العالمي"، ترتيب 160 بلدا في العالم على أساس عدد من أبعاد التجارة الدولية. وتعكس نتائج تقرير البنك الدولي كفاءة الخدمات اللوجستية التجارية في بلدان العالم على صعيد نقل البضائع، وربط المنتجين والمستهلكين بالأسواق الدولية، بالإضافة إلى الخدمات الجمركية ومعايير البنية التحتية اللوجستية والشحنات الدولية وجودة الخدمات والالتزام بالوقت المحدد في الخدمات اللوجستية. وقد تم تجميع البيانات من خلال مسح شارك فيه أكثر من ألف من المهنيين المتخصصين في مجال الخدمات اللوجستية. وبشكل عام، فإن التوجه الذي أظهرته التقارير السابقة أن البلدان تتحسن في ما يخص أداء الخدمات اللوجستية، وأن البلدان ذات الأداء المنخفض تعمل على تحسين نتائجها الإجمالية بوتيرة أسرع من البلدان ذات الأداء المرتفع. وأفاد التقرير الجديد لمؤشر أداء الخدمات اللوجستية الصادر عن البنك الدولي بأن كافة البلدان بحاجة إلى تطبيق استراتيجيات مختلفة لتحسين ترتيبها من حيث أداء الخدمات اللوجستية، وفي البلدان منخفضة الدخل تظهر البيانات تحقيق أكبر المكاسب من خلال التحسينات التي يتم إدخالها على البنية التحتية والإدارة الأساسية للحدود. وعلى النقيض، فإن البلدان متوسطة الدخل عادة ما تكون لديها بنية تحتية جيدة تعمل بشكل معقول ومراقبة جيدة للحدود، فهي تجني بشكل عام أكبر المكاسب من تحسين الخدمات اللوجستية، وخاصة من خلال تعهيد المهام المتخصصة، مثل النقل والشحن والتخزين. وقال جان فرانسوا أرفيز، خبير اقتصادي أول في مجال النقل بالبنك الدولي: "يسعى مؤشر أداء الخدمات اللوجستية إلى تسجيل حقيقة معقدة إلى حد ما: وهي سمات سلسلة التوريد! ففي البلدان التي ترتفع فيها تكاليف الخدمات اللوجستية، نجد أن المسافات بين الشركاء التجاريين ليست في كثير من الأحيان هي المساهم الأكثر أهمية في هذه التكاليف، بل مدى التعويل على سلسلة التوريد والثقة فيها". وأضاف أرفيز، وهو أيضا مؤسس مشروع تقرير مؤشر أداء الخدمات اللوجستية: "لا يمكنك تحسين البنية التحتية دون معالجة قضايا إدارة الحدود. ومن الصعب عمل كل شيء على نحو صحيح. والمشاريع أكثر تعقيدا، في ظل وجود كثرة أصحاب المصلحة، وعدم توفر المزيد من المكاسب السهلة". وفي تقرير مؤشر أداء الخدمات اللوجستية لعام 2014، أظهرت ألمانيا أفضل أداء في مجال الخدمات اللوجستية الشاملة في العالم. بينما حصلت الصومال على أدنى مرتبة. وكما هو الحال في الإصدارات السابقة، يرى تقرير عام 2014 أن البلدان مرتفعة الدخل تستحوذ على المراكز العشرة الأولى لأصحاب أفضل أداء في العالم. ومن بين البلدان منخفضة الدخل، حققت ملاوي وكينيا ورواندا أعلى مستوى من الأداء. ووفقا للمؤشر، جاءت هولندا في المرتبة الثانية عالميا، تلتها بلجيكا ثم المملكة المتحدة وسنغافورة والسويد والنرويج ثم لوكسمبورغ في المرتبة الثامنة والولايات المتحدةالأمريكية تاسعة، في حين جاءت اليابان في المرتبة العاشرة. وأما في ما يخص الدول العربية، فقد حلت دولة الإمارات في المرتبة ال27 عالميا، والأولى شرق أوسطيا في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية التجارية لعام 2014، بعدما سبق أن صنف البنك الدولي الإمارات العربية المتحدة في المرتبة ال24 عالميا في المتوسط خلال سنة 2007، كما كانت قد احتلت المرتبة ال17 عالميا في تقرير عام 2012، والمرتبة ال24 في تقرير عام 2010. وعلى مستوى العالم العربي، صنّف التقرير قطر في المرتبة ال29، والمملكة العربية السعودية في المرتبة ال49، والبحرين في المرتبة ال52، بينما احتلت الجزائر في منطقة المغرب العربي المرتبة ال96، وليبيا المرتبة ال118، وموريتانيا المركز ال148، مع غياب المغرب في هذا التصنيف. ووفقا لمؤشر أداء الخدمات اللوجستية لعام 2014، حصلت دولة الإمارات على المرتبة ال27 عالميا لتأتي ضمن مجموعة الدول الأعلى أداءً في المجال اللوجستي، متقدمة حتى على الصين وتركيا، وعلى جميع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعكست نتائج تقرير البنك الدولي كفاءة الخدمات اللوجستية التجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العامين الماضيين على صعيد نقل البضائع وربط المنتجين والمستهلكين بالأسواق الدولية في جميع أنحاء العالم. وأظهرت نتائج المؤشر تراوح ترتيب دولة الإمارات في جميع المعايير التي يشملها المؤشر بين المرتبة ال43 والمرتبة ال27، إذ حلت الإمارات في المرتبة ال25 عالميا في معيار الخدمات الجمركية، وحصدت المركز ال21 عالميا في معيار البنية التحتية اللوجستية، في حين جاءت في المرتبة ال43 عالميا في الشحنات الدولية، والمركز ال31 عالميا في معيار جودة الخدمات اللوجستية والاختصاص. وجاءت الدولة في المرتبة ال24 عالميا في معيار التتبع، وفي المرتبة ال32 عالميا في معيار الالتزام بالوقت في الخدمات اللوجستية. ومن المتوقع من خلال هذه النتائج أن يحافظ سوق الخدمات اللوجستية بدولة الإمارات العربية المتحدة على معدل نمو سنوي بنسبة 8 في المائة، ليصل إلى 10.06 مليارات دولار بحلول 2015، صعودا من 6.35 مليارات دولار في عام 2009، وفقا لتقرير صادر عن "فروست آند سوليفان" ((Frost & Sullivan. وفي هذا الصدد، قال فرانك كورتني، الرئيس التنفيذي لشركة "بارلوورلد لوجيستكس" في منطقة أوربا والشرق الأوسط وأفريقيا: "يضع مؤشر أداء الخدمات اللوجستية الصادر عن البنك الدولي بوضوح دولة الإمارات في صدارة منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، من حيث بنيتها التحتية القوية للخدمات اللوجستية، ومرافقها، وخدمات القيمة المضافة المتكاملة التي توفرها. ويعتبر تطوير مشروع "دبي ورلد سنترال"، على سبيل المثال، إنجازا سيغير من قواعد اللعبة، وسيسهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز رائد للعمليات، والخدمات اللوجستية، ومحفز للنمو المستدام في قطاع الخدمات اللوجستية الإقليمي. وتتمثل استراتيجيتنا في استكمال الجهود الاستباقية التي تبذلها الحكومة من أجل تأسيس بنية تحتية عالمية المستوى للخدمات اللوجستية، والتركيز على توفير حلول ذكية ومستدامة لسلسلة الإمداد، من شأنها تمكين الشركات من المضي قدما في خططها التوسعية في المنطقة. وتواصل دولة الإمارات فتح فرص كبيرة أمام شركات الخدمات اللوجستية من أجل النمو والتوسع. ونحن نعتقد بأن استثماراتنا الاستراتيجية على مدى السنين قد أهلتنا للاستفادة بشكل جيد من ظروف السوق المواتية". محمد أعناني