مرة أخرى، تلجأ وكالة التنمية الفلاحية إلى تفويت حصة مهمة من الأراضي الفلاحية للدولة إلى مستثمرين خواص في عملية يمكن أن تسيل الكثير من المداد، خاصة في ظل تنامي المخاوف من تكرار سيناريو الخروقات التي شابت العمليات السابقة لتفويت أراضي «صوديا» و«سوجيطا». عندما فكرت وزارة الفلاحة في الإعلان عن عملية الشراكة بين الدولة والخواص حول الأراضي الفلاحية للدولة كان الهدف هو تصحيح الوضع المالي لشركتي «صوديا» و«سوجيطا» من خلال تخليهما عن التدبير المباشر للأراضي، وتحوَّل هذا الهدف بعد ذلك إلى استراتيجية لتنمية القطاع الفلاحي عن طريق إشراك الخواص من أجل تثمين أحسن الأراضي المطروحة للشراكة. غير أن الأمور لم تسر على ما يرام، بل تحول الأمر إلى ما يشبه كعكة قسمها برلمانيون وسياسيون ونافذون في الدولة في ما بينهم، في حين ظل الفلاحون، الذين من المفروض أن يكونوا على رأس المستفيدين، في الهامش. إن أكثر ما يخيف في عملية التفويت الجديدة التي أطلقتها وكالة التنمية الفلاحية هو أن تتحول، هي الأخرى، إلى فرصة للانتهازيين والنافذين الذين يهددون بوضع أيديهم على أجود الأراضي الفلاحية للدولة، خاصة في ظل تخفيف شروط الاستفادة من هذه العملية. لقد آن الأوان لحكومة بنكيران أن تفتح ملف الأراضي الفلاحية للدولة وتكشف لنا عن تفاصيل العمليات السابقة وعن مدى استفادة خزينة الدولة منها، لأن الاستمرار في التعامل مع هذا الملف بالشكل الحالي سيكون بمثابة «مؤامرة» على الفلاحة الوطنية وعلى الأمن الغذائي للمغاربة الذي مازال مهددا.