يبدو أن «صراع المواقع» بين «الإخوة الأعداء» في الكتلة والحكومة، الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، مرشح للتفاقم في فاس وضواحيها. فبعد الاتهامات والاتهامات المتبادلة بين العمدة الاستقلالي شباط واتحاديي المدينة حول سوء تدبير ميزانيات المجلس بملايير مختفية في ظروف لا تزال غامضة، انتقل «الصراع» إلى الضواحي ووصلت أصداؤه إلى وزارة الداخلية. وقد قرر بعض مستشاري الاتحاد الاشتراكي بالجماعة القروية أولاد الطيب، التي تعرف بالبوابة الاستراتيجية للمدينة، توجيه رسالة «عاجلة» إلى وزير الداخلية يطلبون منه التدخل لوضع حد لما أسموه «انتشار البناء العشوائي» بهذه الجماعة، معتبرين بأن هذا الانتشار يتم بمباركة بعض أعضاء المجلس ومسؤولين عن التسيير بالجماعة، مشيرين بالأسماء إلى بعض من هؤلاء. ويقول الحسين علا، أحد مستشاري الاتحاد الاشتراكي بهذه الجماعة إن هذه الجماعة، تعيش الفوضى في ظل تنامي هذا البناء، مما يهدد جمالية عمرانها، مضيفا بأن «رفاقه» سبق لهم أن وجهوا عدة مراسلات إلى ولاية جهة فاس بولمان، دون أن يسفر ذلك عن فتح أي تحقيق. هذا، في وقت ينفي فيه رشيد الفايق، المستشار الاستقلالي بالجماعة والنائب الأول لرئيسها، وجود أي خروقات في مجال التعمير بالمنطقة، موضحا بأن «المجلس الجهوي للحسابات سبق له أن حل بالجماعة منذ حوالي 4 أشهر، دون أن يقف على خروقات مما يتم الحديث عنه من قبل بعض الاتحاديين». المستشار الاستقلالي أورد بأن قرب الانتخابات الجماعية هي التي تحرك مثل هذه «الزوابع»، مشيرا إلى أن ما سماه ب«تجربة» الاتحاديين على رأس هذه الجماعة، في الولاية الجماعية السابقة، كانت «مفلسة»، ولم تحصد منها الجماعة سوى الفقر والتهميش. و»يفتخر» سكان هذه الجماعة، البالغ عددهم حوالي 20 ألف نسمة، بوجود مطار فاس بجماعتهم، معتبرين بأن جميع الضيوف، «كبارا وصغارا» يدخلون المدينة عبر بوابتهم. لكن تأثير المطار بالنسبة للجماعة، لا يزال ضعيفا. فإدارته، ومنذ تاريخ بنائه، في سنة 1961، وإلى حدود 2003، لم تؤد للجماعة أي فلس. ومؤخرا بدأت تمكنها من منحة 19 مليون سنتيم، وهو مبلغ يصفه مسؤولو الجماعة ب«الهزيل». ويعيش أغلب سكان المنطقة على الفلاحة، وتبلغ عدد التعاونيات الفلاحية بها حوالي 17 تعاونية، وتمتد هذه التعاونيات لمئات الهكتارات، وبعضها يصل إلى 200 هكتار. وقد تحولت، في الآونة الأخيرة، إلى وجهة استقطاب لمنعشين عقاريين كبار، بعدما امتلأت فاس بالبنايات الإسمنتية، ولم تبق إلا مساحات الضواحي الشاسعة. وفي الوقت الذي يدق فيه الاتحاديون ناقوس خطر القضاء على المجال الأخضر بها، وهي من أجود الأراضي الفلاحية بالجهة، يقول الاستقلاليون إن هذا التخوف لا أساس له من الصحة، والجماعة مطالبة بأن تبحث عن موارد إقلاعها. ويتهم الاتحاديون العمدة شباط بالعمل على اقتطاع جزء «استراتيجي» من هذه المنطقة لفائدة المجال الحضري للمدينة، بدافع من «هاجس العقار» ذاته، في حين يقول استقلاليو هذه الجماعة إنهم حاربوا من أجل أن تبقى هذه القطعة تابعة للجماعة، لكن تقسيم وزارة الداخلية هو الذي انتصر في النهاية.