المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنكيران وصل إلى الدرجة الصفر في السياسة وعلى الخلفي أن يعترف بالتدخل في القضاء
التازي : انتزاع وسائل الإعلام من الدولة العميقة يتطلب جرأة وشجاعة سياسية والتنازل للعرايشي وسيطايل أكبر إهانة للحكومة
نشر في المساء يوم 23 - 05 - 2014

كريم التازي، الليبرالي صديق الاشتراكيين الجذريين، الذي فاجأ الجميع خلال انتخابات نونبر 2011، بإعلانه التصويت لحزب العدالة والتنمية، بعد أن وجد أرضية مشتركة مع الحزب الإسلامي، وتتمثل في محاربة الفساد والاستبداد.. عاد ليعلن القطيعة مع التجربة الحكومية التي يقودها بنكيران لأنها «طبّعت مع الفساد والاستبداد».
في هذا الحوار المثير للجدل، يخبرنا التازي بأنه كان مستشارا غير رسمي لرئيس الحكومة، قبل أن «ينفض يديه» منه بعدما تأكد له أن عبد الإله بنكيران وأعضاء حكومته «لا يحكمون أي شيء»، وأنه الحكومة الحالية تشكل امتدادا لكل الحكومات التي كافأت الفاسدين وعاقبت فاضحي الفساد. لقد كان حريّا ببنكيران، يضيف التازي، أن يرهن وجوده في الحكومة بوضع يده على الإعلام العمومي، والإشراف المشترك مع القصر على الأجهزة الأمنية، والتعيينات في المناصب الكبرى.
في «مثير للجدل» يبرر التازي هجوم بنكيران عليه بأنه دفاع عن مصطفى الخلفي، الذي يقول إنه مقرب من رئيس الحكومة، عكس عبد العالي حامي الدين، وأمينة ماء العينين، اللذين لم يحظيا بدفاع بنكيران عنهما بعد الحملات الهجومية التي استهدفتهما، يقول التازي، ويضيف أن العدالة والتنمية يضم تيارين؛ تيار يحرص على الحفاظ على هوية الحزب الممانعة، وتيار مستسلم.
- «فشلت في إنجاح مجلة وتتجرأ على انتقاد الحكومة» هكذا واجهك رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران. ما ردك؟
عندما وصل رئيس الحكومة إلى استعمال مثل هذه اللغة في مخاطبة من يخالفونه الرأي، فهو بذلك يكون قد وصل إلى الدرجة الصفر من الخطاب السياسي، إذ عوض أن يجيب عن انتقاداتي لأدائه الحكومي وللوعود التي باعها للمغاربة ولم يف بها، فقد فضل الالتجاء إلى أسلوب السب والشتم، وهذه هي الدرجة الصفر «Le Degré zéro» في الخطاب السياسي. لذلك فأنا لن أجيب رئيس الحكومة عن اتهامي بالفشل، لأن حكمه كان سيكون ذا قيمة لو أنه أثبت فشلي في إدارة المجموعة الصناعية التي أسيرها، لمدة 30 سنة، رفقة والدي وشقيقي. أما أن يربط مساهمتي العابرة في مجلة «تيل كيل» فهذا مجانب للحقيقة، لأنه لم يسبق لي أن شاركت في تسيير المجلة لا من الناحية الإدارية ولا المالية ولا التحريرية. مساهمتي في «تيل كيل» لم تتعد ثمانية أشهر، وعندما تبين لي أن هناك خلافا بيني وبين شريكي، فيما يخص التوجهات الاستراتيجية والخط التحريري للمجلة، فضلت أن أبيعه حصتي في «»تيل كيل» وأنسحب بهدوء. وبالمناسبة يجب أن أذكر بأن استثماري في «تيل كيل» كان استثمارا نضاليا لإنقاذ المجلة من الإفلاس.
- يبدو أن رئيس الحكومة صدمك بهجومه عليك؟
صدمني برداءته. لقد كنا نعرف أن الترهيب الفكري حكر على الدولة العميقة، تستعمله ضد كل من يجرؤ على انتقاد ممارساتها السلطوية، بحيث تسلط عليه الأقلام المأجورة
والجرائد والمواقع الصفراء.. اليوم السيد رئيس الحكومة أصبح يتعامل بنفس الأسلوب في مواجهة منتقديه، وعوض أن يناقشهم، ويجيب عن انتقاداتهم له، يلجأ إلى سبهم وشتمهم، وتسليط جيوش شبيبة حزبه للتشنيع بهم على الفايس بوك.
- العديدون فسروا هجوم بنكيران العنيف عليك كنوع من رد الفعل التلقائي لحماية وزيره في الاتصال، مصطفى الخلفي، الذي خاطبته خلال إحدى الندوات بعنف مماثل. أليس كذلك؟
من حق رئيس الحكومة أن يدافع عن ممثلي حكومته ومقربيه. خصوصا أن مصطفى الخلفي مقرب جدا من بنكيران، فقد كان عليه أن يختار أسلوبا آخر لدفاعه. لكن هناك سؤال أهم من كل هذا. لماذا يرد رئيس حكومة على مواطن؟ الجواب هوك إما أن رئيس الحكومة أعلى كثيرا من شأني، وإما أنه حط كثيرا من قدره. انا في النهاية مجرد مواطن. أما ما اعتبرته هجوما مني على الخلفي، فمرده إلى أنه خلال الندوة التي جمعتني به، كان الخلفي يتحدث عن أن وضع الحريات في المغرب، ومنها حرية التعبير، عرف تقدما كبير، لكن عندما كنا نعرض أمامه عددا من الحالات التي تعرضت لانتهاكات في هذا المجال، كان يتهرب. فقد رفض أن يجيب عن حالة عمر بروكسي، صحافي وكالة الأنباء الفرنسية بالمغرب الذي سحبت الوزارة اعتماده. ورفض الحديث عن حالات تشجيع الرقابة الذاتية، مثل حالة الصديق الخلفي، «للي طار من بلاصتو فالحين» من الراديو الذي كان يشتغل فيه، بعد أن وضع مسؤولا كبيرا في النظام، هو اليزمي، في حالة حرج. وحالة فاضل أكومي «للي طار من بلاصتو» كمدير نشر في جريدة تصدر بالفرنسية» بعد إجرائه حوارا مع عبد الإله بنكيران.. مثل هاته الحالات لم يجب عنها مصطفى الخلفي. بل عندما تطرق كل الحاضرين في الندوة إلى حالة علي أنوزلا، لجأ الخلفي إلى طريقة جديدة في الجواب، حيث قال: اعتقال أنوزلا من اختصاص القضاء، ولا يمكنني أن أتحدث عنه.
- وهذه حقيقة؟
لكن، نحن نعرف أن القضاء كان دائما مستعملا من طرف الاستبداد لتكميم الأفواه. عندما كان الخلفي في المعارضة كان يواجه الاستبداد في شموليته، والآن، من موقعه في الحكومة، أصبح يختبئ وراء القضاء.
- أليس من أهم مطالب الحركة الحقوقية وعموم الديمقراطيين أن ترفع السلطة السياسية يدها عن القضاء. لماذا إذن نحتج عندما يرفض مسؤول سياسي الخوض والتدخل في قضية معروضة على القضاء. أليس هذا هو المطلوب؟
لا. ما لا أتفق معه أنا هو النفاق. نحن نعرف بأن استعمال القضاء من طرف الدولة العميقة كان دائما استعمالا لدعم الاستبداد. ما كان مطلوبا من حزب العدالة والتنمية هو اتخاذ موقف سياسي مما وقع لعلي أنوزلا، لأن استعمال قانون الإرهاب لاعتقال صحافي هو استعمال استبدادي.
- أنت إذن تطالب مصطفى الخلفي، وهو عضو في الحكومة، بأن يعترف بوجود دولة عميقة تتدخل في القضاء؟
نعم. تماما.
- لا يمكن. الخلفي لا يعترف بوجود دولة عميقة. الخلفي يقول بأن هناك حكومة تمارس سلطاتها في إطار الصلاحيات التي خولها لها دستور 2011. ألا ترى بأنه إذا اعترف الخلفي بوجود دولة عميقة هي التي تحكم، وتحرك الوزراء مثل «الكراكيز» فعليه أن «يحط السوارت». أليس كذلك؟
«يحطهم.. يحطهم». ألم يكن حزب العدالة والتنمية يتحدث عن الدولة العميقة التي حاولت محوه من المشهد السياسي بعد 16 ماي 2003..
- لماذا تطالب الحكومة أن تعترض وتحتج على اعتقال علي أنوزلا، وأحزاب المعارضة البرلمانية لم تفعل ذلك. كيف تريد أن تكون الحكومة أكثر جذرية في نقدها لأوضاع حقوق الإنسان من المعارضة؟
أنا، بعد حملة «le lynchage» (الإعدام خارج القانون) الذي تعرض له علي أنوزلا من طرف جميع الأحزاب الموجودة داخل البرلمان، قلت بأن هذا «le lynchage» لا مصداقية له، لأنه صادر عن أحزاب مخزنية لا مصداقية لها. وقلت بأن اعتقال أنوزلا انتقامي من الموقف الذي اتخذه من قضية العفو على مغتصب الأطفال الاسباني «كالفان».
- تعتبر كل الأحزاب الموجودة الآن داخل البرلمان أحزابا مخزنية؟
- بما في ذلك الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال.
طبعا.
- قلت، في هجومك على مصطفى الخلفي، بأن الحكومة باعت الوهم للمغاربة. ما هو هذا الوهم؟
أولا، لاحظت أن العديد يظنون بأن خيبة أملي في الحكومة لم تحدث إلا مؤخرا، خلال هذه الندوة، في حين أنني، عبرت عنها خلال ملتقى شبيبة العدالة والتنمية في صيف 2012، حيث صرحت بقوة بأن أملي بدأ يخيب في حكومة بنكيران، ولاسيما بعد تصريح رئيس الحكومة الشهير ب»عفا الله عمّا سلف»، وأيضا بعد التنازلات التي قدمتها الحكومة فيما يتعلق بدفتر التحملات، والتي كانت إهانة لحكومة ذات شرعية شعبية. لقد تساءلت حينها: كيف تتنازل الحكومة أمام هجوم شخصين لا شرعية لهما.
- من هما هذان الشخصان؟
السي لعرايشي والسيدة سميرة سيطايل، اللذان بمجرد ما خرجا للصحافة يهاجمان دفتر التحملات، الذي صادقت عليه «الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري»، وهي هيئة دستورية، حتى تنازلت الحكومة عنه. لقد كانت إهانة ما بعدها إهانة أن تتنازل حكومة خارجة من صناديق الاقتراع ومدعومة بشرعية شعبية، لهجوم من طرف شخصين لا شرعية لهما، لولا أن حركتهما الدولة العميقة. كما أنني عبرت عن فقدان أملي في الحكومة عندما لاحظت كيف أن وزير الداخلية، الذي يفترض فيه أن يشتغل تحت إمرة رئيس الحكومة، يقوم بمنع شبيبة حزبه من تنظيم نشاط في ساحة عمومية بطنجة. وعندما برر الخلفي سحب اعتماد عمر بروكسي، صحافي وكالة الأنباء الفرنسية بالمغرب، أعطيت تصريحا لإحدى اليوميات، نقلته عنها عدد من المواقع، أقول فيه بأن أملي خاب في الحكومة.
- لماذا اخترت استراتيجية مهاجمة الحكومة، بدل استراتيجية مساندتها في معركتها ضد ما تسميه أنت بالدولة العميقة، ويطلق عليه بنكيران التماسيح والعفاريت؟
أية صفة لي لأقوم بذلك؟
- كفاعل مدني.. الصفة التي تجعلك تغضب من الحكومة وتهاجمها وتعلن عن فقدان أملك فيها.. هي الصفة التي يمكنك بواسطتها أن تساند بها الحكومة لكي تتغلب على من يفترض فيهم أنهم يعرقلون مسارها؟
بصفتي فاعلا مدنيا، وضعت نفسي رهن إشارة رئيس الحكومة، وقد كان يتصل بي هاتفيا كلما احتاج إليّ، فكنت، أضع انشغالاتي جانبا وأذهب للقائه بالرباط، فكان يستشيرني في عدد من القضايا الاقتصادية.
- يعني أنك كنت مستشارا غير رسمي لرئيس الحكومة؟
نعم. وقد ساعدته في تنظيم لقائه الأول بالكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب، كما ساعدته في ربط اتصال مباشر بعدد من الشخصيات في العالم الاقتصادي، وبعثت له، أيضا، عدة مذكرات تخص كثيرا من المجالات الاقتصادية. لقد حاولت أن أساعد بنكيران، عندما تبين لي بصفة واضحة بأن هناك نقصا كبيرا في تفهم المشاكل الاقتصادية من طرف رئيس الحكومة والفريق المحيط به..
- يعني أن ما تعتبره أنت فشلا للحكومة، لا يعود فقط إلى وجود جهات تعرقل خطوات بنكيران وفريقه الحكومي، بل يعود أيضا إلى ضعف في الكفاءات؟
طبعا، وهذا قلته له مرارا. هناك نقص في الكفاءات، يقابله رفض رئيس الحكومة تشكيل فرق مستشارين لمساعدته.
- هل اقترحت على بنكيران تشكيل فريق مستشارين من خارج أطره الحزبية؟
نعم. نعم. اقترحت عليه ذلك عدة مرات، وبحضور ابنه أسامة. وألححت على أهمية وأولوية حل المشاكل الاقتصادية، وعلى الأهمية الاستعجالية لتشكيل طاقم محيط برئيس الحكومة على شاكلة الطاقم الكبير والقوي الذي كان يحيط بالسي ادريس جطو لما كان وزيرا أول، والذي كان مكونا من جميع الكفاءات المتخصصة في كل المجالات.
- بما كان يرد عليك؟
كان يقول: «وخا.. وخا»، لكني لم أعد ألتقي به بعد سلسلة التراجعات التي أعقبت لقاء شبيبة العدالة والتنمية في طنجة.
- من اتصل بك من العدالة والتنمية يطيب خاطرك، بعد هجوم بنكيران عليك؟
توصلت بعدة مكالمات هاتفية من قياديين في «البي جي دي» قالو لي بأنه من حقي أن أغضب، وأعبر عن وجهة نظري، وتأسفوا كثيرا على هجوم رئيس الحكومة عليّ، وعلى المستوى الذي وصل إليه بنكيران في هجومه.
- هل كانوا قياديين في الأمانة العامة للعدالة والتنمية؟
أعضاء في المجلس الوطني للحزب، وفي الفريق البرلماني. للأسف، ثقافة النفاق الاجتماعي هي السائدة في بلدنا، وإلا فإن كل ما أقوله أنا علنا لبنكيران، من قبيل أن حكومته حكومة كراكيز، وأنها حكومة لا تحكم، وأنها تتحمل المسؤولية السياسية لجميع القرارات اللاشعبية، التي لا تتخذها هي.. هذه كلها وأكثر منها يقولها آخرون في سرهم أو في مجالسهم الخاصة، دون مواجهته بها. غضبي أنا هو تعبير عن كثير من الذين صوتوا على العدالة والتنمية، من خارج كتلة الناخبين التقليديين للحزب. هناك جزء كبير من رجال الأعمال، وفئات أخرى، صوتوا لفائدة العدالة والتنمية، لكنهم الآن غاضبون منه.
- لكن الحكومة اتخذت عددا من القرارات الاجتماعية الشجاعة، والتي تبدو، على المدى القريب، قرارات لا شعبية، وقد تضر بالحزب الحاكم على المستوى الانتخابي. أليس كذلك؟
نعم. طبعا، وقد نوهت في حينه بالشجاعة التي أبانت عنها الحكومة في محورين: هما الاقتطاع من أجور المضربين، وهو أهم قرار اتخذته الحكومة من الناحية السياسية، ورفض التشغيل المباشر لحاملي الشواهد، من دون مباراة. هذان موقفان تاريخيان اتخذتهما هذه الحكومة ويجب علينا أن نشكرها عليهما، بل تستحق بشأنهما أكثر من الشكر، لأنه لا توجد هناك حكومة أخرى، باستثناء حكومة تمتلك شرعية شعبية حقيقية، أن تتخذ مثل هذه القرارات. هذا أعترف به. لكن، لا يمكن للحكومة أن تتخذ قرارات لا شعبية ومؤلمة، دون أن تعوض الشعب على مستويات أخرى، فإصلاح المقاصة كان لابد منه، بل إن المغرب اضطر إليه، لأن ميزانية الدولة لم يعد بمقدورها أن تدعم المحروقات ومن غير المعقول أن تستمر في دعمها..
- هذا لا ينفي أن التفكير في إصلاح صندوق المقاصة خطوة جريئة؟
هي خطوة تحت الضغط «حيت ما بقاو فلوس» وقد اضطرت الحكومة إليها، لكن أين هي الخطوة التي يجب أن تقابلها أي الدعم المباشر. إصلاح صندوق المقاصة كان حوله نقاش، وكان محط دراسات منذ 30 سنة، وهي دراسات خلصت إلى حذف الدعم عن طريق صندوق المقاصة وتعويضه بدعم مباشر، وقد كان هذا أفضل حل لكي لا تستمر الفئات الميسورة في الاستفادة من الدعم على حساب الفئات الفقيرة. وللتخلص نهائيا من الدعم غير المباشر الذي يستفيد منه الأغنياء، يجب تعويضه بدعم مباشر، وحصري، لصالح الفئات الفقيرة، وهذا وعد به السي بنكيران. الآن المواطن المغربي تحمل الزيادات في المواد الاستهلاكية، لكن أين هو المقابل المتمثل في الدعم المباشر الذي وعد به بنكيران الأسر الفقيرة بتخصيص مبلغ ألف درهم في الشهر لكل أسرة.
- لماذا لم تعمل الحكومة على تنفيذ وعدها في نظرك؟
نظرا لعدم وجود قرار سياسي.
- وما الذي يحول دون وجود القرار السياسي؟
لأن بعض أحزاب الائتلاف الحكومي قالوا بأن هذا القرار سيستفيد منه حزب العدالة والتنمية لوحده. وقالت «للي ما كليناها نحرموها».
- الشعار الذي أغراك، كليبيرالي للتصويت على العدالة والتنمية أي: «محاربة الفساد والاستبداد». هل يمكنا القول بأن الحكومة أصبحت مستسلمة وغير قادرة على مواجهة الفساد والاستبداد، أم أصبحت تغطي عليه؟
بين هذا وذاك أحبذ القول أن الحكومة طبّعت مع الفساد والاستبداد.
- لكن الحكومة لا زالت تحتفظ بقدر كبير من المصداقية.. فما هي معطياتك الدالة على أن الحكومة طبعت مع الاستبداد والفساد؟
أولا، بالنسبة للاستبداد، الذي نعرف بأن له ركائز وسط الإعلام العمومي، قائمة على البروباكاندا وتجهيل الشعب. فقد كان على الحكومة أن تخوض معركة سياسية لانتزاع الاعلام العمومي.
- هل ناقشت هذه المسألة مع رئيس الحكومة؟
ناقشتها مع مصطفى الخلفي، في زيارة قمت بها إلى مكتبه، حيث قلت له: «شوف أ السي مصطفى».. الهامش الذي تتحكمون فيه على المستوى الاقتصادي جد ضيّق، فلا وجود لأموال في خزينة الدولة. وما تبقى لكم لتغيير الحياة اليومية للمواطن المغربي هو الإعلام، لذلك يجب عليكم أن تغيروا التلفزيون الذي يحتل جزءا كبيرا في حياة المغاربة. وأضفت: إذا استطعتم بسط أيديكم على التلفزة المغربية وعملتم على تغييرها، بما لا يترك مجالا للكذب والبروباكندا والتجهيل.. فإن المغاربة سيحسون بوقوع تغيير كبير وجذري في. وستكون هناك ثورة. لذلك فإنني أقول بأن انتزاع وسائل الإعلام من الدولة العميقة لن يتطلب من الحكومة الملايير من الدراهم بقدر ما يتطلب جرأة وشجاعة سياسة.
- تعني بأنه كان على بنكيران أن يرهن وجوده في الحكومة بتحرير الإعلام؟
تماما. لقد كان حريّا بعبد الإله بنكيران، في بداية مساره الحكومي، أن يرهن وجوده في هاته التجربة التاريخية بمعالجة بعض الملفات وإصدار بعض القرارات والملفات، من بينها ملف الإعلام العمومي، والإشراف المشترك مع القصر على الأجهزة الأمنية، وتفعيل حقه في التعيينات في المناصب الكبرى.
- وهذه يعطيها له الدستور؟
(يضحك) الدستور يعطيه حق تعيين موظفين في جميع المناصب، باستثناء أهم المناصب. السي بنكيران فضل تسليم مفاتيح المجالات الحيوية للحكم الحقيقي، وقد اتضح ذلك انطلاقا من سياسة التطبيع مع الاستبداد، التي يؤشر عليها بوضوح انبطاحه، هو والخلفي، أمام موظفي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، وشركة «صورياد» للقناة الثانية.. السي بنكيران، الذي يوصف بأنه سريع اللسان والهجوم، صمت و»ما نفنفش» أمام المس بكرامة البرلمانية المحترمة أمينة ماء العينين، عندما علقت على جزء من الخطاب الملكي الذي انتقد فيه الملك حكومة بنكيران بعد أن أثنى على سابقتها خصوصا في مجال التعليم، لتجد هذه البرلمانية المحترمة والشجاعة نفسها عرضة لجميع الأجهزة والجهات، التي لم تدخر وسيلة ولا جهدا للمس بشرفها وكرامته. نفس الصمت لاذ به السي بنكيران، الذي ينتقدني اليوم على وصفي لأعضاء الحكومة بالكراكيز، عندما تعرض عبد العالي حامي الدين لكل أنواع الهجوم، بعد انتقاده لقاء الملك وامحند العنصر، عندما كان وزيرا للداخلية، بمسؤولين كبار، وقال بأن ذلك اللقاء لا أساس دستوري له. لماذا يدافع بنكيران عن الخلفي ولا يدافع عن حامي الدين.
- لماذا في نظرك؟
لأن العدالة والتنمية يضم تيارين؛ تيار يحرص على الحفاظ على هوية الحزب الممانعة، وتيار مستسلم (يصمت) ما ذكرته حتى الآن يعكس فشل حكومة العدالة والتنمية في محاربة الاستبداد. أما فشلها في محاربة الفساد فيمكن الاستدلال عليه بعدة أمور أبرزها التصريف الصادم والكارثي لما عبر عنه بنكيران ب»عفا الله عما سلف»، وهو لم يكمل بعد شهره الثامن على رأس الحكومة، ومن دون حتى أن يعطي لنفسه الوقت لبلورة استراتيجية لمحاربة الفساد، ومن دون أن يتعرف على توصيات الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وهي هيئة دستورية، أو يطلع على توصيات واقتراحات «ترانسبارونسي المغرب». من أعطاه الحق ليعفو عما سلف من فساد، ومن استشار في ذلك؟ معركة محاربة الفاسد هي معركة يجب خوضها عن طريق الممارسة والنصوص، وعلى المستوى الرمزي، لأنها معركة رمزية. كيف يمكن للمواطن المغربي أن يفهم رسالة الحكومة من وراء ترك عبد المجيد لويز الذي فضح الفساد (المهندس الذي فجر قضية تبادل المنح بين وزير المالية الأسبق صلاح الدين مزوار، والخازن العام للملكة نور الدين بنسودة) وكافأ من فضحهم لويز بالدخول معهم في تحالف سياسي، وإعطائهم حقائب وزارية ثقيلة. كيف يريد بنكيران من المواطن العادي أن يتفهم هذا؟ أليس هذا هو ما كان سائدا من ممارسات سابقة على حكومة بنكيران، مثلما حدث مع قناص تاركيست الذي حورب واضطهد إلى أن ألقي عليه القبض، ومع محامييّ تطوان، حجي والطوبجي، الذين كتبا رسالة إلى التاريخ عن بعض مظاهر انحراف القضاء، فكان جزاؤهما التوقيف عن العمل. وجعفر حسون الذي تجرأ على انتقاد سياسة الدولة في المجال القضائي، فكان مصيره الطرد، مقابل عباس الفاسي الذي تورط في قضية النجاة فأصبح وزيرا أول. ما عشناه مع بنكيران في قضية عبد المجيد لويز هو استمرار لهذا الإرث السيئ في مكافأة الفاسدين ومعاقبة فاضحي الفساد.
- أنت تدعوا الحكومة للعمل بمنطقك الجذري؛ يا إما الإصلاح الكلي أو القطيعة الكلية. أما بنكيران فيعمل باستراتيجية الإصلاح المتدرج، خصوصا وأنه لا يملك أغلبية منسجمة. أليس إشعال شمعة خير من لعن الظلام؟
نحن لم نحاسب بنكيران، وهو في بداية مساره الحكومي، وقلنا له: أنت لم تشعل أية شمعة، أو يستحيل أن تشعل شمعة الإصلاح وسط عواصف الفساد والاستبداد. حكومة بنكيران، الآن، قطعت نصف ولايتها، لقد تجاوزت سنتين ونصف في الحكم. الآن يحق لنا أن نقول بأن شمعة بنكيران لم تصمد أمام الرياح العواصف.
- يعني أن الحصيلة ضعيفة في نظرك؟
الحصيلة صفر. صفر. باستثناء قرارات الحكومة فيما يتعلق بالاقتطاع من أجور المضربين، ورفض التشغيل المباشر لحاملي الشواهد، والتي أعترف بأنها كانت قرارات شجاعة، بالرغم من أنها غير كافية.
- والحالة هاته. هناك، بحسبك، أحزاب مخزنية داخل البرلمان، وحكومة فشلت في محاربة الفساد والاستبداد.. هل الحل هو عودة حركة 20 فبراير، التي أنت عضو فيها، إلى الشارع؟
ما سأصرح به الآن له أهمية قصوى. السلطة السياسية في المغرب تضن بأنه بعد ما يمكن اعتباره فشلا نسبيا للربيع العربي، وبعد الانقلاب العسكري على الشرعية في مصر، وبعض الانتصارات الظرفية والنسبية التي حققناها في مجلس الأمن بالنسبة لقضية الصحراء، وبعض الانتصارات الديبلوماسية في إفريقيا.. يتبين لها كما لو أنها «قطعت الواد ونشفو رجليها»، في حين أننا لم نقطع أي واد، والقنبلة الموقوتة لازالت تشتغل، وجميع المؤشرات في الأحمر: نسبة بطالة الشباب في ازدياد، نسبة الاستثمار في جميع القطاعات في تدهور، ميزانية الدولة وصلت إلى عجز لا يمكن الاستمرار فيه، احتياطي العملة الصعبة يعرف تراجعا غير مسبوق، إلى درجة أن الدولة تضطر كل شهرين للاقتراض من الأسواق المالية الدولية، ليس لإنجاز استثمارات استراتيجية، بل للتسيير فقط... لنتذكر كلمة كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتي ذكرت فيها المسؤولين المغاربة بأن قضية بطالة الشباب قضية في غاية الخطورة ومن شأنها أن تؤدي إلى انفجار. وأيضا إلى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي أكد فشل جميع المخططات القطاعية بما فيها «plan émergence»(مخطط انبثاق) و»مخطط المغرب الأخضر».. وبرر هذا الفشل بتدهور جميع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب. هناك مأزق اقتصادي، فكل المؤشرات في الأحمر، وليس هناك أي أمل في أن يقدم أي مخطط من المخططات نتيجة مرضية. وبالمقابل هناك خيبة أمل سياسية. أمام كل هذا، لا أحد يستطيع منع الشباب المغربي من أن يربط بين حالته الاجتماعية والاقتصادية وبين الاستبداد والفساد. ما الذي سيحدث في المغرب؟ الله أعلم.
-- أنت تعتبر بأن الزيادة في الأجور تحد من التنافسية. أليس هذا مناقضا لمواقفك ونضالاتك من أجل إقرار عدالة اجتماعية في المغرب؟
فيما يخص الزيادة الأخيرة في الأجور، فقد كنت مساندا لها. لأنها كانت ضرورية.
- أنت فقط ضد الزيادة في أجور العاملين في القطاع الخاص؟
لا.. لا. أنا أتحدث عن الحفاظ على تنافسية المقاولة المغربية، وإذا نحن قررنا دعم القوة الشرائية للعامل المغربي، فعلينا أن نجد مقابلا لذلك، لأن تنافسية المقاولة المغربية ليست مبنية فقط على الأجور بل هناك عدة عوامل، منها كفاءة الموارد البشرية، وتكلفة العقار التجاري والصناعي، والضغط البيروقراطي، وضغط الرشوة والفساد.. وعوامل عديدة، وإذا كانت هناك ضرورة للزيادة في الأجور فلابد أن يكون هناك تعويض للمقاولة. هنا أريد أن أذكر قراء «المساء» بأنني كنت قد قلت، بعد خروج النسخة الثانية من مخطط انبثاق»plan émergence»، على عهد الوزير احمد رضا الشامي، في مشاركة لي في أحد البرامج التلفزية، بأن ذلك المخطط وجميع المحفزات والاقتراحات التي جاء بها، جيد لجلب المستثمر الأجنبي للمغرب، لكنه ليس كافيا لإقناع المستثمر المغربي للعودة إلى الاستثمار، لأن الحقيقة التي فضل جميع الوزراء الذين تعاقبوا إخفاءها علينا هي أن السبب الحقيقي الذي جعل المستثمرين المغاربة يهربون من الاستثمار في القطاعات المنتجة، ليس هو انعدام وجود مخططات قطاعية، بل هو أن تسيير مقاولة في القطاع الخاص يشبه خوض حرب يومية، يواجه فيها المستثمر عدة مشاكل في عدة مجالات لا وجود لإطار قانوني يؤطرها، لذلك فنحن في حاجة إلى مسؤولين قادرين على استعمال حقهم في عدم التقيد «la dérogation». ما نلاحظه اليوم هو: أولا، جميع المسؤولين الساميين في الإدارة المغربية مصابون بشلل، فلا أحد منهم مستعد للحسم في أي قرار. ثانيا، هناك ضغط الفساد الذي يتقوى يوما بعد يوم، ونحن كمستثمرين، مستهدفون يوميا من مئات الموظفين، والمنتخبين المحليين، الذي يسعون لنهش المقاولات. ثالثا، ثقل الإجراءات الإدارية البيروقراطية، وعلى سبيل المثال فلكي تحصل على رخصة بناء، يجب أن تحصل على 173 توقيعا، وهذه من الأشياء التي كنت ناقشتها مع بنكيران في بداية عهده بالحكومة. هناك أيضا المشاكل مع القضاء، وأيضا الممارسات غير المشروعة والابتزازية التي تلجأ إليها بعض النقابات.
- ومع ذلك هناك مستثمرون؟
الحقيقة هي أنه «خص الواحد يكون حمق» لكي يستثمر في القطاعات المنتجة في المغرب، إذ عوض أن تتطرق الدولة للمشاكل الحقيقية التي تواجهها المقاولة المغربية، نجد جميع الحكومات وكل الوزراء يفضلون أن يضعوا، كل على حدة، مخططا خاصا به، ولا أحد منهم قبل أن يقدم لنا تقييما حقيقيا للوضع، أو أن يخضع لتقييم مستقل لمخططاته. نحن نكتفي بالإستماع، من حين لآخر لتقارير، كالذي قدمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وقال فيه إن كل هذه المخططات قد فشلت. فهل أعقب ذلك تقييم أو تحليل لأسباب فشل هذه المخططات؟ هل هناك جهة تتحمل المسؤولية أمام الشعب المغربي الذي أدى من جيبه مئات الملايير لتمويل هذه المخططات الفاشلة. في الندوة التي شاركت فيها مع الخلفي، حكيت له نكتة لم يتم نقلها في شريط الفيديو الذي تم عرضه، وهي أن شخصا كان يبحث في الأرض، فسأله شخص آخر: ما الذي تبحث عنه، أجاب: ضاعت مني مفاتيحي، فسأله: هل أنت متأكد بأن المفاتيح سقطت منك هنا، فأجب: سقطت هناك، فسأله: ولماذا تبحث هنا؟ أجاب «حيث هنا كاين الضو». جميع وزراء المالية والاقتصاد والصناعة والتجارة.. عوض أن يعالجوا المشاكل الحقيقية التي تدفع المستثمر المغربي يهرب من القطاعات المنتجة إلى المضاربات، أو يقوم بتهريب أمواله إلى الخارج.. تجدهم يأتوننا بمخططات لا قيمة لها.
- لم تجبني بوضوح عن موقفك السلبي من الزيادة في الأجور؟
الأجور هي جزء من المشكل العام. ليست هناك مقاولة مغربية ستكون ضد الزيادة في الأجور لو أعطيت لها محفزات أخرى، من الناحية الضريبية، وفي العقار، مع إبعاد الضغط البيروقراطي، والفساد، وتحييد القضاء.
إذا كان المخزن سيستعين بشخصيات غير منتخبة فلتكن شخصيات ذات كفاءة ونزاهة
ما هو الحل في نظرك للخروج من الأزمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية ؟
هو الانتقال إلى ما أسميه ب:»المخزن اثنان نقطة صفر («Makhzen 2.0») قياسا على النسخة الأولى من الويب.
- ما الذي تقصده بالانتقال إلى «Makhzen 2.0»؟
بما أننا لم نصل إلى الملكية البرلمانية، فإن الأمل الواقعي البراغماتي الوحيد هو الانتقال إلى «Makhzen 2.0»، بحيث إذا كان هذا المخزن سيلجأ للاستعانة بشخصيات يثق فيها، رغم أنها غير منتخبة، فلتكن شخصيات ذات كفاءة ونزاهة. شخصيات محترمة حتى يكون لدينا، على الأقل، استبدادُ كفاءات نزيهة، مثل السي ادريس جطو، والسي مزيان بلفقيه رحم الله، أوكريم غلاب.. وليس استبداد فساد ولا كفاءات. أنا من الناس الذين كانوا ينادون بالملكية البرلمانية، لكنني أعترف بأن الشعب لم يصوت لصالح هذه الفكرة، وأنا أقبل حكم الشعب وتصويته على دستور لايقودنا إلى الملكية البرلمانية. لكن هل «فكينا» المشكلة؟ لا «مفكيناهاش». اليوم نحن نعيش حالة استبداد بدون رؤية استراتيجية، في المجال الاقتصادي، والمجال الاجتماعي، والديبلوماسي.. وإذا كان لابد لنا من المخزن فليكن على الأقل مخزنا يتفهم أن المنطق التحكمي للقرن العشرين لم يعد نافعا إعماله في القرن الواحد والعشرين، وأنه مهما حاول أي طرف أن «يكذب على عباد الله في التلفزيون» أو يخفي الحقيقة عن الناس، فإنهم سيذهبون إلى القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية على الأنترنيت.. أما القمع الجسدي، فقد تبين بأنه لا يمنع الناس من الخروج للاحتجاج بالشارع.
- أنت ناقم على التدبير الاقتصادي والاجتماعي في الأقاليم الصحراوية، وتعتبره مساهما رئيسيا في إدامة وتعقيد المشكل السياسي في هذه القضية. كيف ذلك؟
سأسوق لك مثلا واضحا على ذلك. عندما وقعت أحداث كديم ازيك، وبعد موقف الولايات المتحدة الأمريكية من قضية حقوق الإنسان في الصحراء، طلب الملك في خطاب له، ببلورة استراتيجية جديدة وإنشاء نموذج جديد للحكامة في الصحراء، فشرع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في العمل وبعد سنة قدم تقريرا وصفه الجميع بالجريء والجدي والعصري، والذي من شأنه أن يعطي نتائج مهمة في الصحراء، هذا التقرير انتقد بشدة الحكامة الموجودة في الصحراء وقال بأنها ترتكز على الأعيان وعلى اقتصاد الريع والفساد والتدبير الأمني، بدل التدبير الاقتصادي... لقد مرت حوالي سنة على صدور هذا التقرير الصادر عن هيئة دستورية، ولم نر أي مؤشر على تطبيق توصياته. لماذا؟ لأن تطبيق تلك التوصيات يتطلب شجاعة سياسية كبيرة لمواجهة جميع اللوبيات التي تستفيد من استمرار مشكل الصحراء قائما. هذا يعني أننا لم نستطع تغيير الحالة الاجتماعية والاقتصادية التي تشكل خطرا على وحدتنا الترابية.
الحكومة قامت بموقفين تاريخيين عندما قررت الاقتطاع من أجور المضربين وأوقفت التشغيل بدون مباراة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.