وفاة وفقدان 56 مهاجرا سريا ابحرو من سواحل الريف خلال 2024    إنفوجرافيك l يتيح الدخول إلى 73 وجهة دون تأشيرة.. تصنيف جواز السفر المغربي خلال 2025    بطولة ألمانيا.. بايرن ميونيخ يستعيد خدمات نوير    خابا يعزز غلة الأهداف في الكويت    كيوسك السبت | المغرب يستحوذ على خمس واردات إسبانيا من الخضر والفواكه    إحباط عملية تهريب مخدرات عبر "درون" وتوقيف مغربي وجزائري    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    الصين: تنظيم منتدى "بواو" الآسيوي ما بين 25 و 28 مارس المقبل    الصين: تسجيل 1211 هزة ارتدادية بعد زلزال شيتسانغ    الدار البيضاء... فتح تحقيق قضائي للاشتباه في تعنيف أم لطفلها القاصر    مأساة غرق بشاطئ مرتيل: وفاة تلميذ ونجاة آخر في ظروف غامضة    حادثة سير خطيرة بطنجة تسفر عن إصابة شابين بجروح بليغة    عفو ملكي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير    اطلاق ثلاث خطوط جوية جديدة تربط الصويرة بباريس وليون ونانت ابتداء من أبريل المقبل    رواية "بلد الآخرين" لليلى سليماني.. الهوية تتشابك مع السلطة الاستعمارية    طنجة : الإعلان عن الفائزين بجائزة بيت الصحافة للثقافة والإعلام    المنتخب المغربي يودع دوري الملوك    مراكش... توقيف مواطن أجنبي مبحوث عنه بموجب أمر دولي بإلقاء القبض    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    تهنئة السيد حميد أبرشان بمناسبة الذكرى ال81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال    وزير الخارجية الفرنسي "يحذر" الجزائر    "الباطرونا" تتمسك بإخراج قانون إضراب متوازن بين الحقوق والواجبات    إيكال مهمة التحصيل الضريبي للقطاع البنكي: نجاح مرحلي، ولكن بأي ثمن؟    مدن مغربية تندد بالصمت الدولي والعربي على "الإبادة الجماعية" في غزة    هذا ماقالته الحكومة عن إمكانية إلغاء عيد الأضحى    مؤسسة طنجة الكبرى في زيارة دبلوماسية لسفارة جمهورية هنغاريا بالمغرب    المناورات الجزائرية ضد تركيا.. تبون وشنقريحة يلعبان بالنار من الاستفزاز إلى التآمر ضد أنقرة    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    الضريبة السنوية على المركبات.. مديرية الضرائب تؤكد مجانية الآداء عبر الإنترنت    الملك محمد السادس يهنئ العماد جوزيف عون بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية    اللجان الإدارية المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية العامة تعقد اجتماعاتها برسم سنة 2025    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، محطة نضالية بارزة في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية وتحقيق السيادة الوطنية    "الأحرار" يشيد بالدبلوماسية الملكية ويؤكد انخراطه في التواصل حول مدونة الأسرة    القِرْد سيِّدُ المَشْهد !    فيلود: "المواجهة ضد الرجاء في غاية الأهمية.. وسنلعب بأسلوبنا من أجل الفوز"    وفاة صانعة محتوى أثناء ولادة قيصرية    حوار بوتين وترامب.. الكرملين يعلن استعدادا روسيا بدون شروط مسبقة    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    "بوحمرون.. بالتلقيح نقدروا نحاربوه".. حملة تحسيسية للحد من انتشار الحصبة    بوحمرون يواصل الزحف في سجون المملكة والحصيلة ترتفع    عصبة الأبطال الافريقية (المجموعة 2 / الجولة 5).. الجيش الملكي من أجل حسم التأهل والرجاء الرياضي للحفاظ على حظوظه    صابرينا أزولاي المديرة السابقة في "قناة فوكس إنترناشيونال" و"كانال+" تؤسس وكالة للتواصل في الصويرة    "جائزة الإعلام العربي" تختار المدير العام لهيسبريس لعضوية مجلس إدارتها    ملفات ساخنة لعام 2025    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    اتحاد طنجة يعلن فسخ عقد الحارس بدر الدين بنعاشور بالتراضي    السعودية تستعد لموسم حج 2025 في ظل تحديات الحر الشديد    الحكومة البريطانية تتدخل لفرض سقف لأسعار بيع تذاكر الحفلات    مقتل 7 عناصر من تنظيم "داعش" بضربة جوية شمال العراق    النظام الجزائري يخرق المادة 49 من الدستور ويمنع المؤثر الجزائري بوعلام من دخول البلاد ويعيده الى فرنسا    الكأس الممتازة الاسبانية: ريال مدريد يفوز على مايوركا ويضرب موعدا مع برشلونة في النهائي    الآلاف يشاركون في الدورة ال35 للماراطون الدولي لمراكش    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل إخباري: الاجماع الأمني في عهد حكومة 'ثورة الصناديق'
نشر في لكم يوم 01 - 10 - 2013

ربما بات من قبيل الاطناب إعادة التذكير بالسياق الذي جاءت فيه حكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران، لذلك سيحاول هذا المقال تقليب النظر في الموضوع الأمني خلال ولاية هذه الحكومة وهو يفترض أن القارئ سيستحضر السياق الذي جاءت فيه دونما حاجة للتذكير به في كل مرة. سنضع في أذهاننا هذا السياق ونحن نبحث في كيفية تعاطي الحكومة والحزب الذي يترأسها مع الملفات الأمنية، ولماذا الملفات الأمنية خصيصاً، ببساطة لأنه في نظرنا تعاطي الدولة مع الملف الأمني هو مؤشر قوي عن مدى التقدم الذي تسير على هديه، كما أنه غير خاف ما شكله الإرث الأمني في فترة مرحلة حكم الحسن الثاني من ثقل كبير، انبرت الدولة من أجل محوه إلى إنشاء هيئات جبر الضرر والتعويض، وصُرفت على ذلك أموال طائلة من الضرائب التي يؤديها الشعب المغربي، كما أن الملف الأمني هو الذي يحرس ملفات الفساد السياسي والاقتصادي، فما الذي تغيّر مع حكومة ثورة الصناديق في هذا الملف؟
حركة 20 فبراير والانتقام الأمني
يوم الاثنين 21 فبراير2011 سيخرج وزير الداخلية آنذاك في ندوة صحفية ليعلن أنه تم العثور على خمس جثث متفحمة في وكالة لأحدة البنوك، الوزير وفق روايته أكد أن هؤلاء دخلوا إلى الوكالة من أجل السرقة، بعدها بأيام ستخرج عائلات هؤلاء الضحايا وحركة 20 فبراير لتفند الرواية الرسمية وتتشبث بمعرفة الحقيقة كاملة، وستصدر مجموعة من الهيئات الحقوقية بيانات تطالب من خلالها التحقيق في أسباب الوفاة، ومن بين هذه الهيئات أكد بيان لمنتدى الكرامة لحقوق الانسان الذي كان يرأسه وزير العدل الحالي السيد مصطفى الرميد على وجوب فتح تحقيق جدي في الموضوع وتشريح الجثث لمعرفة أسباب وفاتهم، يقول مقتطف من البيان:" أنه حينما يتعلق الأمر بالحق في الحياة، فإن من واجب السلطات العمومية والقضائية أن تقطع الشك باليقين، وذلك بإنجاز كافة أنواع الخبرة التي من شأنها طمأنة عموم المواطنين فضلا عن أسر الضحايا حول ظروف وفاة المواطنين"، بعد ذلك جرت مياه كثيرة تحت جسر هذا الملف المؤلم، كانت هناك مطالبة من أجل تشكيل لجنة برلمانية للبحث في الموضوع، لكن لا شيء من ذلك تحقق، ورغم أن رئيس منتدى الكرامة أصبح وزيرا للعدل إلاّ أنه لم يفتح تحقيقاً في الموضوع ولا قام بإعادة تشريح الجثث كما كان يطالب، كما أن فرع حزب العدالة والتنمية بالحسيمة كان قد أنجز تقريراً في الموضوع يتضمن معطيات مهمة كما أشير حينها، وتم رفعه إلى أجهزة الحزب، لكن يبدو أن هذا التقرير بدوره قد أكله الذئب، و تم طي الملف و الإيحاء بأنه في عهدة القضاء ليقرر في أمره، ولحدّ الآن الوزير مستمر في منصبه وعوائل "شهداء الحسيمة" مستمرة في البحث عن الحقيقة التي يبدو أنها ضاعت بين دهاليز المؤسسات المشرفة على الموضوع.
وليس بعيداً عن الموضوع فقد زُجّ بالعديد من نشطاء حركة 20 فبراير في السجن بتهم سوريالية في عهد الوزير مصطفى الرميد، وتم إلصاق تهم المخدرات والاعتداء على الغير بهؤلاء النشطاء، وتم إصدار أحكام بالسجن تصل أحياناً إلى سنوات من السجن، رغم أن تقارير الجمعيات والهيئات الحقوقية ما فتئت تؤكد أن التهم الموجه إلى هؤلاء النشطاء لا أساس لها من الصحة بل تبعث على الشفقة لما وصل إليه التدبير الأمني لهذه الدولة، ولعل قضية مغني الراب الحاقد أبلغ دليل على هذا التهافت الأمني، فقد حوكم الرجل مرتين؛ أولا بتهمة الاعتداء على الغير، وثانياً بتهمة إهانة مؤسسة الأمن، لكن في المقابل لم يتم محاكمة أي واحد من أولئك الذين كانوا يطلون على فيديوهات اليوتوب يشهرون مسدسات وسواطير يهددون بها مواطنون عزل، بل في أكثر من مرّة تم الاعتداء من طرف هؤلاء على المواطنين في الشوارع وثمة فيديوهات وصور توثق لذلك، لكن رغم ذلك وحده الحاقد من ثبت في حقه تورطه في الاعتداء على الغير؟ رغم أن الكلّ يعرف-حتى وزير العدل نفسه- أن الحاقد لم يعتد على أحد بل فقط أغانيه تنادي بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وتلك جريرته الوحيدة التي استحق عليها السجن في ملفين منفصلين.
أحداث 16 ماي: "هولوكست" يمنع الاقتراب منها
شهر مارس 2011 وفي عزّ قوة الحراك الشعبي الذي كان قد انطلق لتوّه في المغرب، سينعقد اجتماع للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية للتداول في مضامين خطاب الملك ل 9مارس2011، وأصدر بلاغاً في الموضوع دعا فيه إلى بلورة إصلاحات سياسية ودستورية، واعتبر أن تدشين مسار الإصلاح يقتضي معالجة الملفات التي عرفت متابعات قضائية لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة، كما هو الشأن بالنسبة إلى عدد كبير من المعتقلين على خلفية الأحداث الأليمة ل16 ماي 2003. وقبيل انطلاق احتجاجات 20 فبراير بأسبوع خرج بنكيران في الجلسة الافتتاحية للجنة المركزية لشبيبة حزبه وشنّ هجوماً قوي على مستشار الملك الحالي فؤاد عالي الهمة واصفاً إياه ب"الصلكوط" الذي خرج على قناة تلفزيونية رسمية لدولة مسلمة ليسبّ الاسلام ويسخر منه، وطالب الهمة بأن يتنحى ويعتذر للشعب المغربي على كلّ ما قام به هو ورفاقه في مسلسل المشروع الاستئصالي. وفي ذات اللقاء قال بنكيران إنه يشك في أسماء بعينها قد تكون وراء الأحداث التي عرفتها مدينة الدار البيضاء يوم 16 ماي 2003، موضحا أن الأحداث كانت تستهدف حل حزب العدالة والتنمية فعندما لم تنجح "الخطة" انتقل خصومه إلى خطة جديدة ينهجون اليوم بعض فصولها مع حزبه. وقبل ذلك بشهور وبالضبط في شهر شتنبر 2010 وفي اجتماع لمستشاري حزبه أبدى عبد الإله بنكيران استغرابه لعدم إعلان السلطات لحدّ اليوم عن هوية من كانوا وراء أحداث 16 ماي مما دفع وزارة الداخلية حينها إلى إصدار بلاغ ناري موجه لحزب العدالة والتنمية متهما إياه ب"التشويش على الجهود التي تبذلها بلادنا في مواجهة الإرهاب، واستصغار ذكاء المغاربة وعدم احترام مشاعرهم الوطنية، خاصة مشاعر أسر شهداء وضحايا الأحداث الإرهابية" ومطالباً إياه بأن "ينخرط كليا في الإجماع الوطني الذي يدين الإرهاب بكل أشكاله، وكيفما كان موقعه وصفة مرتكبيه"، وهو الأمر الذي ردّ عليه عضو الأمانة العامة للحزب عبد العالي حامي الدين بقوله :" كان من الطبيعي أن تقوم الأجهزة الأمنية بواجبها في متابعة المتورطين في هذا الفعل الإرهابي، لكن علينا أن نعترف بأن دائرة الاعتقالات تميزت بالكثير من العشوائية وخلفت العديد من الضحايا، وتميزت بالكثير من التجاوزات والانتهاكات على حساب حقوق الإنسان وتعهدات الدولة في هذا المجال". فيما أكّد السيد مصطفى الرميد حينها تعقيباً على بيان وزارة الداخلية أن "أجهزة الدولة تريد أن تجعل من أحداث 16 ماي هولوكوست لا يقترب منه أحد". فيما اختار بنكيران الرد على بيان وزارة الداخلية خلال الملتقى الوطني الأول للكتاب المحليين لحزبه انعقد في يناير 2011، بأن قال في تصريح مشهور وبنوع من التهكم:" إن سيدنا إبراهيم عليه السلام قد شكك في وجود الله. فكيف لا يحق لبنكيران أن يشكك في أحداث 16 ماي الإرهابية ؟"، بعد ذلك صار الذي صار، وأصبحت فعلاً أحداث 16 ماي هلوكست يمنع الاقتراب منها في عهد ترأس حزب العدالة والتنمية رئاسة الحكومة، بل إن من تحدث عن الهلوكست وحذّر منها (مصطفى الرميد) هو الذي بصم على شرعنة هذا الهلوكست حينما ردّ على سؤال حول أحداث 16 ماي والتشكيك في فبركتها وهو وزير العدل بأن قال :" المغاربة يحتاجون إلى التشغيل والصحة و..ولا داعي للنبش في الماضي"...لكن يبدو أنه لا تشغيل ولا صحة ولا حتى معرفة حقيقة أحداث 16 ماي تحققت لهذا الشعب المسكين؟
الداودي والتهكم على وفاة الطالب محمد الفيزازي
يناير 2013 سيتعرض الطالب في جامعة محمد بن عبد الله بفاس؛ محمد الفيزازي لتعذيب شديد وسينقل للمستشفى للعلاج، لكن بعد 12 يوماً سيسلم الروح لباريها، بعد ذلك بأيام سيظهر وزير التعليم العالي السيد لحسن الداودي في فيديو يتهكم على مقتله جواباً على سؤال طرحه بعض رفاق الفيزازي على السيد الوزير، رفاق هذا الطالب يؤكدون أنه تم اغتياله بدم بارد من طرف عناصر الشرطة نتيجة تعذيبه، وعندما همّ بعضهم لسؤال السيد الوزير ردّ عليهم بنبرة تهكمية تركت أثراً عميقاً في قلوب رفاقه وعائلته، وحينها كثر الحديث عن فتح تحقيق في الموضوع وتحديد المسؤولية في مقتل الطالب، لكن لحدّ الآن لم يكشف هذا التحقيق عن نتائجه ولم يدل عمن ارتكب الجريمة؟
مصطفى الحسناوي ومنتدى الكرامة
سنة 2013 سيتم اعتقال المدون والصحفي في جريدة السبيل مصطفى الحسناوي ليدان بتهم متعلق بقانون مكافحة الارهاب، وزج به في السجن ليقضي عقوبة 4 سنوات سجناً، ظلّ مصطفى مصراً على براءته، وحاول مراسلة كل الهيئات الحقوقية للمرافعة عن ملفه والمطالبة بإعادة النظر فيه، وكان من بين الهيئات التي كان يتوسم فيها خيراً للدفاع عن براءته؛ منتدى الكرامة لحقوق الانسان الذي كان عضوا نشيطا فيه، لكن نداءات مصطفى لم تجد أذاناً صاغية من داخل المنتدى الذي صار يرأسه عبد العالي حامي الدين، وصارت نداءاته ومراسلاته دون جواب ولا توضيح مما حذا به إلى أن يعلن استقالته من هذا المنتدى في رسالة وجهها لوسائل الاعلام يشرح فيها حيثيات هذا الاعتقال.
معركة إلغاء العفو الملكي عن البدوفيل الاسباني والتعنيف الأمني
يوم الجمعة 2 غشت 2013 سيدعو مجموعة من النشطاء إلى وقفة أمام البرلمان للمطالبة بإلغاء العفو الملكي عن المجرم الاسباني المتورط في اغتصاب 11 طفلاً مغربياً قاصراً، لكن قوات الأمن ووزارة الداخلية كان لهما رأي آخر، إذ تدخلت قوى الأمن بشكل عنيف في حق المتظاهرين مستعملة القوة المفرطة التي لم يسلم منها حتى الفنانين الذي جاؤوا للتعبير عن امتعاضهم من هذا العفو، مما خلف استنكاراً واسعاً وغلياناً شعبياً كبيراً، بعد ذلك ستتدخل المؤسسة الملكية ببيانتها المشهورة لنزع فتيل الاحتقان وسيتم الاعلان عن فتح تحقيق عن التدخل العنيف في حق المتظاهرين، بعد أن أعلن وزير الداخلية امحند العنصر عدم إعطائه لأوامر التدخل في مشهد يكرّس مأزق هذه الحكومة المغلوبة على أمرها، وجدير بالذكر أن هذه ليس المرّة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الارتباك الفظيع، بل إن السيد محمد يتيم نائب رئيس مجلس النواب سيقول في حديث مع المعطلين أنه لا يدري من يعطي أوامر التدخل للقوات العمومية لتعنيفهم؟؟ مباشرة بعد التدخل العنيق في حق المحتجين يوم 2 غشت سيظهر الأستاذ مصطفى الرميد وزير العدل في القناة الثانية ويؤكد على فتح تحقيق في الموضوع لمحاسبة من أعطى أوامر التدخل العنيف الذي شهد به حتى خليفته في رئاسة منتدى الكرامة لحقوق الانسان السيد عبد العالي حامي الدين، كما وعد بالكشف عن نتائج هذا التحقيق في أقرب الآجال، لكن مضت أيام وتعاقبت أسابيع دون أن يظهر شيئاً من نتائجه، ولم يعد السيد مصطفى الرميد الى القناة الثانية كي يقول للشعب المغربي أين وصل التحقيق، وما النتائج التي خلص إليها؟
اعتقال أنوزلا وحكومة "ثورة الصناديق"
بعد اعتقال الصحفي علي أنوزلا تداعت مجموعة من الأحزاب للتعبير عن موقفها، إِنْ دعماً لقرار الاتهام حتى قبل حسم القضاء، أو للدفاع عن الصحفي والتأكيد أن اعتقاله أملته تصفيات حسابات معه بصدد ما ينشره من مقالات وكذا ما ينشره الموقع الذي يُشرف عليه من تقارير مدعمة بالأرقام والمعطيات تكشف فساد واستبداد مؤسسات هذه الدولة، غير أن حزب العدالة والتنمية وجد نفسه في شرنقة صعبة، فمن جهة موقفه الرسمي بوصفه الحزب الذي يترأس الحكومة سارع إلى إدانة أنوزلا والإيحاء أن استقرار البلد فوق أي اعتبار، فهكذا انبرى مصطفى الخلفي ووزارته إلى إصدار بيان يهاجم المنظمات الحقوقية الدولية التي دافعت عن علي واتهمها بالتقصير في الاحاطة بالموضوع، وأكد هذا الأمر السيد مصطفى الخلفي على قناة الجزيرة، لكن من داخل الحزب رشحت مواقف تستنكر هذا الإجماع حول إدانة أنوزلا، فقد تواترت أنباء عن شنآن حدث غداة اجتماع الأمانة العامة للحزب بين من يطالب إدراج ملف اعتقال أنوزلا في جدول أعمال الاجتماع ومن يريد أن يقتصر على إثارة شريط القاعدة دون مناقشة اعتقال أنوزلا، كما أشارت وسائل الاعلام إلى تدوينة فايسبوكية لنجل رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يتساءل فيها عن موقف حزب العدالة والتنمية وكذا حركة التوحيد والاصلاح من الموضوع، ويستهجن هذا الصمت المريب، كما لم يقرأ المتتبع المغربي مقالات في الموضوع سواء لما يسمى بصقور الحزب أمثال حامي الدين وخالد الرحموني وعبد العزيز أفتاتي..أو حمائمه، كلّ هؤلاء استنكفوا عن الاشارة إلى الموضوع أو التحدث عنه، لا في تصريحات صحفية ولا في مقالات، بل إن الاستاذ حامي الدين بعد اعتقال أنوزلا كتب مقالين؛ أحدهما –وهو الذي يهمنا هنا- معنون ب" الجهاد المفترى عليه" الذي خصصه لشريط القاعدة، المقال بلغت عدد كلماته 504 كلمة لم يتم ولو في واحدة منها الإشارة إلي اعتقال الصحفي علي أنوزلا بسبب هذا الشريط ولا حتى الغمز إلى ذلك وكأن الشريط يتحدث عن جزر الوقواق لا عن المغرب الذي ترتبت عليه تفاعلات خطيرة وصلت إلى حدّ جرّ صحفي لإدانته بقانون مكافحة الارهاب بسبب هذا الشريط كما قيل؟ وعليه كان من الأجدى للسيد حامي الدين أن يكتب عن "العدل المفترى عليه" وهو الحقوقي الذي يرأس هيئة حقوقية، لكن من أين للمسكين بذلك؟ فالكل يعرف أنه لا هو ولا صديقه في وزارة العدل يعرفون شيئاً عن اعتقال أنوزلا ولا شيئاً عن تدخل القوات العمومية بعنف في وقفة 2 غشت أمام البرلمان.
على سبيل الختم
إن استعراض هذه النماذج السالفة المتعلقة بالملفات الأمنية، يمدنا بخلاصة واضحة؛ إن ما سمي بحكومة "ثورة الصناديق" لا تتحكم مطلقاً بالملفات الأمنية ولا تعرف تفاصيلها، وربما تكون قد أشّرت منذ البداية على عدم الاقتراب من هذا الموضوع ولا ملفاته، فكثيرة هي الملفات التي كان مناضلو حزب العدالة والتنمية يقولون بصددها الكثير لكن بمجرّد وصولهم إلى رئاسة الحكومة صدرت أوامر بتطبيق قاعدة "كم من حاجة قضيناها بتركها"، لقد تم تعنيف البرلماني الادريسي لكن تم طي الملف، وحدثت انحرافات خطيرة للمس بحقوق الانسان وأعلن عن تشكيل لجن للتحقيق، وكل هذه اللجن أكلها الذئب كما كان يأكلها في عهد البصري والحسن الثاني، سُمح للذئب أن يأكلها تحقيقاً للإجماع الأمني الذي يبدو أنه ضروري لاستمرار العهد الجديد.
قبل أشهر وفي لقاء مع الصحافة قال إلياس العماري نائب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، والمقرّب من فؤاد عالي الهمة، قال : "لقد كانت ثمة آلية ثالثة تحكّمت في صياغة دستور 2011، وهذه الآلية يعرفها جيداً عبد الإله بنكيران، وأنا مستعد عن الكشف عن 75% من أعضائها إذا كشف بنكيران عن 25% فقط منهم" لكن مرّ هذا الكلام الخطير مرور الكرام، لم تتناوله الصحافة بما يجب من التحليل، ولم تتحدث عنه الأحزاب السياسية، ولا ردّ عليه رئيس الحكومة أو فنّده... وعليه فالفقهاء يقولون: ما بُني على باطل فهو باطل، رُفعت الأقلام وجفّت الصحف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.