أعاد حادث اندلاع حريق في حافلة تابعة لشركة "نقل المدينة"، مؤخرا، الإشكال المرتبط بتوفر السلامة الصحية في وسائل النقل الحضري في العاصمة الاقتصادية، فمعظم وسائل النقل الحضري في المدينة تفتقر إلى الحد الأدنى لشروط السلامة الصحية. فإذا كانت مجموعة من وسائل النقل الحضري (حافلات، وطرامواي، وميترو) في الدول الأوروبية تضع هذه القضية ضمن أولوياتها خوفا على سلامة الركاب، فإن هذا الأمر ما يزال مغيبا في أكبر مدينة بالمغرب، حيث إن الحديث عن هذه القضية ما يزال يعد من "الترف"، ما دام أن حافلات النقل الحضري تتحول في أحيان كثيرة إلى ما يشبه علب السردين". وقال عبد الغاني المرحاني، باحث في إعداد الحكامة والتنمية المستدامة في تصريح ل"المساء" "إنه من الطبيعي أن تندلع النيران في أي حافلة للنقل الحضري في الدار البيضاء مادام أن جل هذه الحافلات انتهت صلاحيتها منذ سنوات وأصبحت مجرد خردة تتجول في شوارع المدينة"، وأضاف أن الخصاص المهول الذي تعرفه الدارالبيضاء في وسائل النقل الحضري هو الذي يدفع إلى الاستعانة بالعديد من الحافلات التي لا يمكن السماح لها بالاشتغال، وقال: "هناك فقط سياسة الترقيع في هذا المجال، فالدار في حاجة إلى أسطول جديد عوض الاستعانة بخدمات حافلات الجميع يعرف أنها لم تعد قابلة للاستعمال. منذ 2004 تاريخ دخول الدار البيضاء تجربة التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري والقضية المرتبطة بضرورة الاستعانة بأسطول جديد تثير الجدل من حين إلى آخر، حيث إن العديد من مراقبي الشأن المحلي يؤكدون أنه من "الخيمة خرج مايل"، في إشارة إلى أنه منذ البداية لم يتم جلب أسطول بمواصفات ذات جودة عالية، كما أنه خلال كل هذه السنوات لم تتمكن البيضاء من إحداث تغييرات جذرية على وسائل النقل الحضري، سواء في الشق المتعلق بالحافلات أو الطاكسيات التي ما زالت قضية تجديدها تراوح مكانها، وما تزال مجموعة من الطاكسيات التي تعود إلى ثلاثة عقود تقريبا تتجول في شوارع المدينة. قدم أسطول النقل في الدار البيضاء يؤثر بشكل سلبي على جودة الهواء، حيث إن العديد من سكان المدينة ضاقوا ذرعا من كثرة التلوث الناجم عن استعمال وسائل نقل قديمة. وفي الشق المتعلق بتجديد أسطول الحافلات، التزمت سلطات الدارالبيضاء في برنامج تغطية الأولويات في جهة الدارالبيضاء بتخصيص 200 مليون درهم لتحسين شروط نقل البيضاويين، باقتناء حافلات جديدة للنقل العمومي بغية تقديم خدمة أفضل لمجموع سكان الدار البيضاء. وإذا كان المسؤولون المحليون والمنتخبون في الدار البيضاء يسارعون الزمن من أجل إنجاز بعض المشاريع المتعلقة بالنقل الجماعي، فإن هذه القضية لا يجب أن تكون على حساب وسائل النقل الأخرى، إذ لابد من اتخاذ إجراءات مستعجلة من أجل منع كل وسائل النقل التي لا تتوفر على شروط السلامة، حتى لا تستفيق المدينة في يوم من الأيام على كارثة إنسانية وحينها لا يمكن البكاء عن الأطلال.