يشعر كثير من الصحفيين العاملين بالإذاعة الأمازيغية بنوع من الغبن نتيجة ما يسمونه ب«تجاهل» الصحافة المكتوبة ل«اجتهاداتهم»، وعدم مواكبتها بالتعريف وحتى ب«النقد البناء». وفي الوقت الذي يرجع فيه بعضهم أسباب هذا «التجاهل» إلى عدم إلمام عدد من الصحفيين بملف الأمازيغية، لا يتردد آخرون في القول إن للأمر علاقة بما يسمونه ب«سياسة تهميش الأمازيغية». حسن الأشهب، رئيس البرمجة الأمازيغية بالإذاعة الوطنية، دافع عن برامج هذه الإذاعة قائلا إن المخطط الحالي لهذه الإذاعة «ينبض بانشغالات وانتظارات المستمعين، ويعكس حاجة المجتمع إلى تنشيط الحياة السياسية والاجتماعية وترسيخ مقومات الحداثة والبناء الديمقراطي، في ظل مناخ سياسي موسوم بتحولات ومستجدات المحلي والوطني والدولي». وبموجب هذا المخطط يلتقي المستمعون بمواعيد إخبارية على رأس كل ساعة، وباللهجات الأمازيغية الثلاث. كما يتم تقديم برامج ومجلات إخبارية أسبوعية «تعتمد التعبير التعددي»، وضمن هذه البرامج مجلتا «البرلمان» لمتابعة مناقشات وأنشطة مجلس النواب، و«مع الحدث» لإتاحة إبداء الرأي والرأي الآخر حيال مناحي الحياة السياسية والاجتماعية وربورتاجات وأركان للتعليق على الإحداث. وإلى جانب هذا الجانب، يقول الأشهب إن الإذاعة تقدم مواعيد خدماتية اجتماعية بوتيرة يومية من الاثنين إلى الخميس، في الصحة والتغذية والوقاية والاهتمامات المنزلية، وبرامج اجتماعية حول قضايا ووقائع المجتمع وانشغالات الحياة اليومية. وضمن هذه المواعيد، «فضاء الأسرة»، و«استشارة»، و«منتدى الشباب»، و«روح المواطنة»، و«جلسة الأسبوع»، و«بين لحباب»، و«نافذة»، و«الجالية»، و«مع المواطن»، و«طريق السلامة»، و«أصداء الجهة»، و«ملفات». ويثري هذه المساحات من البث الإذاعي بالنقاش والحوار وإبداء الرأي مستمعون ومختصون وفاعلون في مجالات مختلفة. أما في جانب «الخدمات»، فإن الإذاعة الأمازيغية تقدم برنامج «محطات» في السبت الثالث من كل شهر، وباللهجات الثلاث. فعلى مدى أربع ساعات تنتقل الإذاعة الأمازيغية ومباشرة على الهواء إلى الأرياف والقرى لمتابعة مناقشات وحوارات حول تدبير الشأن المحلي وأنماط الحياة والعيش والعادات والجديد في المبادرات والإبداع في ألوان الفنون الأمازيغية. وتحظى الثقافة والفنون بحضور قوي ضمن هذا المخطط. ويورد الأشهب أن الغرض منها هو توفير مساحات للحوار حول الثقافة والفنون تبرز إبداعات المواهب الشابة والرواد ومكنونات التراث وأنماط العيش والتاريخ الاجتماعي، وفنون الفرجة الجماعية المفتوحة، وفسح ترفيهية متنوعة. وبموجب هذا المخطط، يلتقي المستمع مع عدة برامج ثقافية ترفيهية بلهجات الريف والأطلس وسوس. وهكذا، وفي كل أسبوع، يلتقي مستمعو القناة مع برامج «مسالك» و«مواقع» و«استراحة» و«أشعار». فيما تفتح برامج «جسر المحبة»، و«أهلا بالمستمعين»، و»مساء الخير» مواعيد أسبوعية تتيح للمستمعين من داخل وخارج الوطن إدراج رغباتهم لذويهم وأقاربهم. أما البرامج الفنية والترفيهية «كنوز»، و«كلام من ذهب»، و«ثقافة وجذور»، و«نجوم صغار»، و«ظلال»، و«طرب المغرب»، و«وضوح الكلام» فتعود لمرافقة المستمع على مدى زمن أثيري أسبوعي. وتخصص «ليلة الطرب الأمازيغي» لسهرة تحييها القناة مساء السبت الأخير من كل شهر، لمد جسور التناغم بين نجوم الأغنية الأمازيغية. وتتخلل شبكة برامج الموسم الجديد مواعيد للتنشيط الموسيقي في باقات من روائع أغاني سوس والأطلس والريف، وصور حية من أصناف الرقصات الجماعية التراثية كأحيدوس، وأحواش، والركادة، وأجماك، ولوحات فرجوية أخرى. وبوتيرة مرتين في الأسبوع، أي يومي الخميس والجمعة، تخصص القناة الأمازيغية برامج للتوعية الدينية، وهي برمج يعدها فقهاء وأساتذة مختصون. وتحرص هذه الإذاعة على مواكبة المجال الرياضي. وتبث برنامج «الأحد الرياضي» ظهيرة كل يوم أحد، في نقل مباشر وباللهجات الأمازيغية الثلاث للمنافسات والتظاهرات الرياضية الوطنية. أما برنامج «موسيقى ورياضة» فيلتقي الجمهور الرياضي مع حصيلة مباريات الأسبوع وحوارات حول الشأن الرياضي. وبالرغم من كل هذه «المجهودات»، فإن أغلب هذه البرامج تصل بصعوبة بالغة إلى المناطق الناطقة بالأمازيغية بسبب «تشويش» مستمر يرافق التقاط هذه البرامج. وفي الوقت الذي تشير فيه مصادر من هذه الإذاعة إلى ارتباط هذا المشكل برداءة تجهيزات الإرسال وتقادمها، فإن بعض نشطاء الأمازيغية يتحدثون عن عدم وجود «إرادة سياسية» في إنجاح هذه الإذاعة التي يقولون إنها تحظى بنسب مرتفعة في الاستماع والمواكبة مقارنة مع الأقسام الأخرى التي تبث برامجها بالفرنسية والعربية. وإلى جانب مشكل التجهيزات، يتحدث العاملون في هذه الإذاعة عن عدم وجود «إرادة» من قبل مسؤولي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ل«تشجيعهم» على المزيد من «العطاء» و«الإبداع»، في ظل أوضاعهم الاجتماعية والمادية، التي يقولون عنها إنها غير مستقرة، مضيفين بأن أغلبهم يعمل «متعاونا». وبالرغم من مساعيهم المتكررة لتسوية أوضاعهم، فإن الإدارة تتجاهل مطالبهم، مما يؤثر سلبا على عطاءاتهم، يورد هؤلاء.