اشترك كل من القانون المنظم للمجال السمعي البصري والظهير المؤطر لتأسيس المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري في التنصيص على الفصل بين مبدأ حرية التعبير وضرورة عدم المس بالآداب العامة، وأكدا على إلزامية ضبط المخالفات واتخاذ الإجراءات المناسبة في حق المخالفين. في هذا السياق، يشدد القانون السمعي البصري رقم 77-03 في مادتيه الثالثة والرابعة على أن الاتصال السمعي البصري حر، إلا أن هذه الحرية يجب أن تمارس في احترام كرامة الإنسان وحرية الغير وملكيته والطابع التعددي في جميع أشكاله من تيارات الفكر، وكذلك احترام القيم الدينية والحفاظ على النظام العام والأخلاقية الحميدة.. وتشترط المادة التاسعة من القانون على متعهدي الاتصال السمعي البصري ضرورة ألا يكون من شأن البرامج أو أجزاء من البرامج المس بالأخلاق العامة. وفي الإطار ذاته، تشدد المادة السابعة والستون من القانون على ضرورة منع بث الخطابات الإشهارية التي تحتوي، بطريقة صريحة أو بأي إيحاء ضمني سواء بالصور أو الأقوال، على مظاهر منافية للأخلاق الحميدة وللنظام العام أو على عناصر يمكن أن تشجع على التجاوزات أو التهور أو الإهمال أو على عناصر يمكنها أن تمس بالاعتقادات الدينية أو السياسية. وتحدد المادة الثالثة من الظهير الشريف رقم 1-02-212 القاضي بتأسيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري الصادر في الواحد والثلاثين من شهر غشت من سنة 2002 مهام المجلس الأعلى للاتصال وتمنحه حق السهر على تقيد جميع السلطات والأجهزة بالقوانين والأنظمة المطبقة على قطاع الاتصال السمعي البصري وتخول له مراقبة تقيد هيئات الاتصال السمعي البصري بمضمون دفاتر التحملات، وبصفة عامة تقيدها بالمبادئ والقواعد المطبقة على القطاع. من جانب آخر، تخول المادة السادسة عشرة من قانون تأسيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، للمجلس، بعد التداول، اختيار التدابير الواجب اتخاذها والإيذان بوجه خاص للمدير العام بالتقاضي باسم الهيئة العليا وبرفع الأمر إلى السلطات الإدارية والقضائية والمهنية المختصة، عندما تبلغ إلى علم المدير العام بمناسبة مزاولة مهمة المراقبة الاعتيادية المنوطة به أو بعد إجراء مراقبة بطلب من رئيس المجلس الأعلى للاتصال، الوقائع المتعلقة بمخالفة القوانين والأنظمة الجاري بها العمل ولاسيما الممارسات المنافية للقانون والأخلاق والاحترام الواجب للإنسان وكرامته ولمدونات الآداب المهنية. بورنو في إذاعة خاصة تطبيقا لبنود قانون تحرير المجال السمعي البصري، وتكريسا للصلاحيات التي يمنحها الظهير المؤسس لعمل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، اتخذت الهاكا مجموعة من العقوبات في حق المتعهدين، رامت، وفق ما جاء في تقاريرها الحفاظ على الآداب العامة ومنع المساس بها. وفي هذا السياق أصدرت الهاكا قرارين في حق برنامج «بث حر» (LIBRE ANTENE) الذي يبث على إذاعة «هيت راديو» في ظرف سنة واحدة، إذ قرر المجلس في القرار رقم 07-28 توجيه إنذار إلى شركة «هيت راديو المغرب» وأمر بفرض عقوبة مالية قدرها مائة ألف درهم وبث خطاب في بداية بث البرنامج سالف الذكر الموالية لتبليغ القرار. على خلفية ما أثير حول تضمن حلقات الثاني والخامس والسادس من نونبر 2007 لحوارات اعتبرها البعض منافية للأخلاق العامة. وبرر المجلس هذا القرار- مع التذكير أولا بمقتضيات قانون السمعي البصري حول حرية المجال وممارستها في ظل احترام الكرامة الإنسانية والقيم الدينية والنظام العام والأخلاق الحميدة- بعدة معطيات من بينها أن الحلقات تطرقت إلى شهادات وتعاليق للمستمعين تم استقاؤها بشكل مباشر حول مواضيع مثل: «كيف تمضي أمسية السبت؟ ما الذي يعنيه لك أن تخون خليلتك أو خليلك؟ كيف تضع حدا لعلاقة خارج رباط الزوجية؟ وأن المواضيع- حسب رأي المجلس- عالجت على الخصوص وبتفاعل مع المراهقين: استهلاك المخدرات والكحول والخيانة والاغتصاب والشذوذ الجنسي... وهو ما يفرض أن تكون المعالجة السليمة لهذا النوع من القضايا الاجتماعية تتطلب تحكما تاما في البث وتنشيطا يتولاه محترفون يتوفرون على القدر الكافي من النضج والصرامة للحفاظ على مضمون النقاشات في مستوى يحترم المستمعين ويحمي الجمهور الناشئ. باستحضار المادة الرابعة من الميثاق الأخلاقي لإذاعة «هيت راديو» التي تنص على أنه «على خدمة هيت راديو، يجب على الصحافي أو المنشط أو أي متدخل أن يسهر على.. عدم المساس بالأخلاق العامة..». وحمل القرار الثاني (08-38) في حق «هيت راديو» الصادر عن المجلس في 24 شتنبر من سنة 2008 لغة أكثر صرامة في رأي المهتمين بالمجال السمعي البصري، إذ سجل المجلس أن الحلقات التي تم بثها ما بين الثامن عشر والواحد والعشرين من شهر غشت 2008 من برنامج «بث حر» عرفت ورود حوارات اعتبرتها ذات طبيعة بورنوغرافية، تخل بالأخلاق الحميدة والأخلاق العامة، وسجل أن منشطي البرنامج حرضوا بدون تحفظ بطريقة متكررة على هذه الحوارات. وبالتذكير ببنود قانون الاتصال السمعي البصري الذي يوضح الحدود بين الحرية والالتزام بالآداب العامة، وبميثاق الأخلاقيات الذي تقدمت به محطة «هيت راديو»، قرر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري الأمر بوقف بث خدمة راديو هيت المغرب» على الشبكة الهيرتزية الأرضية وعلى شبكة الأنترنت كل يوم من الساعة الثامنة مساء إلى الساعة الثانية عشرة ليلا لمدة خمسة عشر يوما بدون انقطاع، ابتداء من اليوم الموالي لتاريخ تبليغ هذا القرار لشركة «هيت راديو»، وببث بلاغ على أمواجها مباشرة قبل وقف البث خلال خمسة عشر يوما، يفيد في بعض فقراته بأن المجلس وقف على اختلالات في البرنامج والتي تضمنت حوارات تمس بالأخلاق العامة والتحريض عليها بطريقة متكررة وبدون تحفظ من طرف منشطي البرنامج.