امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، لا يعلم، إلى حدود يوم الثلاثاء الماضي، بأن وزارة الداخلية أصدرت بلاغا أكدت فيه حرصها على التصدي بحزم لكل الممارسات المنافية لقيم المجتمع المغربي، ونفس الأمر بالنسبة إلى حكيم بنشماش، عضو المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة. حيث أكدا، في اتصال مع «المساء»، أنهما لم يطلعا بعد على بيان وزارة الداخلية، رغم أنه تصدر، صباح يوم الإثنين، الصفحات الأولى للجرائد الوطنية وتناولته وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها. في عيون الساسة أكد محمد اليازغي، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي، أنه لم يسبق لحزبه أن ناقش داخل أجهزته موضوع الشذوذ الجنسي، وأضاف قائلا: «في هذا الميدان، على الجميع أن يخضع للقانون ويُعاقب إن قام بمخالفة مقتضيات القانون». وأشار اليازغي، في تصريح ل«المساء»، إلى أن «النقاش الدائر حول هذه المواضيع يبقى صحيا لأن الأحزاب المغربية أصبحت تعبر عن آرائها بخصوص الحرية الفردية». فيما اعتبر محمد الخليفة، القيادي في حزب الاستقلال، أن بلاغ وزارة الداخلية جاء ليتجاوب مع «الأشياء القبيحة» التي أصبحت تنتشر داخل المجتمع المغربي وتمس بما هو أخلاقي واجتماعي. ورأى الخليفة أنه رغم أهمية البلاغ فقد اعتراه بعض الغموض المقصود، لكنه كان واضحا في ما يخص الذين يكادون يصلون إلى التفكير في الإجهاز على الهوية الأخلاقية المغربية. وفي ما يخص الشؤون العقائدية، أوضح الخليفة أنه مع الحقوق المكفولة للإنسان بمقتضى الدين الإسلامي واجتهادات الإنسانية، وطالب بضرورة توخي الحذر في تطبيق المساطر القانونية على الموقوفين لكي لا يؤدي الأمر إلى وقوع «الفتنة». وعلق مصطفى بوهندي، المختص في علم الاجتماع، على عدم رغبة مجموعة من القيادات السياسية في التعليق على موضوع الشذوذ بالمغرب بكونهم ينهجون سياسة النعامة التي تضع رأسها في الرملة ولا تجرؤ على مناقشة الموضوع، ويجب -في رأي بوهندي- أن يفتح نقاش واسع في موضوع الشذوذ في وسائل الإعلام وبين الدارسين وعلماء الدين. ودعا إلى حتمية الفصل بين السلوكات المنافية للأخلاق العامة والتعبير عن الآراء، موضحا أن السلطات من حقها أن تقوم بتوقيف من يتحدون سلوكيات المجتمع، ولكن يجب أن تقوم بذلك في إطار من التوازن لا يكون فيه تشدد لتفادي خلق أبطال من الخارجين عن الأخلاق العامة. إنها تقوم الآن، يقول بوهندي، بإعطاء شحنة بطولية تحتاج إليها مثل هذه الأنواع. موقف الإسلاميين وزارة الداخلية أكدت أنها تحرص على التصدي بحزم لكل الممارسات المنافية لقيم المجتمع المغربي، ولكل المنشورات والإصدارات التي تهدف إلى المس بقيمه الدينية والأخلاقية، وذلك بعد أن أوردت وسائل إعلام مغربية مؤخرا أخبارا عن تحركات مكثفة لمثليين مغاربة. من جهته، نوه عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في اتصال مع «المساء»، ببلاغ وزارة الداخلية، وقال: «البلاغ شيء معقول وإيجابي ويستحق كل تثمين حتى وإن جاء متأخرا بعض الشيء. ولكن مع ذلك، فهو بلاغ جيد ولا يمكننا إلا أن ننوه بالجهات التي كانت وراءه والتي، بطبيعة الحال، لا يمكنها أن تسمح بالمجاهرة بالفاحشة». وفي رأي الداعية الإسلامي عبد الباري الزمزمي، فإن خروج البعض لإعلان انحرافهم على صفحات الجرائد له ارتباطات خارجية، لأن هناك أيادي خارجية تحرك هؤلاء المنحرفين. وأضاف أنه «إذا لم ترد الداخلية في وزارتها فسيكون الأمر أكثر سوءا». وحول موقف النخبة السياسية من هذه الظاهرة، قال الزمزمي: «النخب السياسية تختلف في اتجاهاتها ومنطلقاتها. حقا، مؤسف أن نرى البعض يجهر بأن ليس له مشكل مع ظاهرة الشذوذ الجنسي»، مضيفا قوله: «كيف يمكن ألا يكون لنا مشكل مع هذه الظاهرة وهي منبوذة حتى في الغرب». وأضاف بنكيران أن الذي وقع هو أن بعض «الجهات المشبوهة» تريد أن تحطم البنية الأخلاقية للمجتمع المغربي، في إشارة ربما إلى بعض الجهات الإعلامية التي قامت مؤخرا بنشر تصريحات وحوارات مع رئيس جمعية «كيف كيف» بركاشي سمير. وأشار إلى أن «هذا البلاغ جاء في محله، إذ يبين أن الدولة، بالرغم من أن موقفها كان متأخرا، مازال لها حس المسؤولية والذود عن عقيدة وأخلاق وقيم المجتمع المغربي، الذي تستنكر أغلبيته في صمت». وقال إن البلاغ يضع النقط على الحروف من خلال تعبيره عن موقف واضح من بعض الجهات «التي تعتبر نفسها مقربة من دوائر النفوذ وبدأت تستهتر بقيم وأخلاق المجتمع المغربي وأصبحت تتحداه». وأفاد بيان صادر عن الوزارة بأنه لوحظ، خلال الآونة الأخيرة، تعالي بعض الأصوات عبر منابر إعلامية، تحاول الترويج لبعض السلوكات المشينة، مستفزة بذلك الرأي العام الوطني، دون أخذ بعين الاعتبار لقيم المجتمع الأخلاقية والعقائدية. وأضاف البيان أن السلطات العمومية لتؤكد حرصها الكامل على التصدي، بكل حزم، وفي إطار القوانين الجاري العمل بها، لكل الممارسات المنافية لقيمنا، ولكل المنشورات والكتب والإصدارات، التي ترمي إلى المس بقيمنا الدينية والأخلاقية. وقال البيان إن الهدف من موقف السلطات المغربية في هذا الشأن هو «صيانة الأمن الأخلاقي للمواطن، وتحصين مجتمعنا من كل تصرف غير مسؤول، مسيء إلى هويته ومقوماته الحضارية.