اعتبر سعد الدين العثماني، وزير الخارجة السابق، أن وقوع ممثلي الأحزاب والجمعيات المغربية في حرج أمام المجتمع المدني الدولي، أثناء مواجهتهم بخيار تقرير المصير، راجع إلى عدم درايتهم بالمفهوم الأممي لتقرير المصير، الذي لا يشكل الانفصال سوى جزء صغير من تجلياته، والتي يوجد خيار الحكم الذاتي في مقدمتها. وخلال اللقاء الذي نظمته الأمانة الجهوية لحزب العدالة والتنمية بطنجة أول أمس السبت، حول موضوع «الصحراء المغربية.. التحديات ودور المجتمع المدني»، والذي حضره أيضا الوزير السابق والقيادي الاتحادي محمد اليازغي، اعتبر العثماني أنه من الخطأ اعتبار تقرير المصير والحكم الذاتي مفهومين متناقضين، إذ رجع القيادي في حزب المصباح إلى القرار الأممي 15 – 14، الذي يعتبر أن الحكم الذاتي هو الشكل الأصلي لتقرير المصير. ورقميا، استحضر العثماني القضايا الستين لتقرير المصير عبر العالم، والتي اعتمد خيار الانفصال في خمس منها فقط، ولم يطبق إلا في ثلاث، في حين حلت كل القضايا الأخرى عن طريق التفاوض بين طرفي النزاع. ودعا العثماني السياسيين والجمعويين المغاربة إلى الاطلاع أكثر على القرارات الأممية، قائلا إن قضايا تقرير المصير تكون في مواجهة الاستعمار وليس البلد الأصل، وأن بنود احترام الوحدة الترابية للدول وعدم المس بسيادتها سبقت بنود تقرير المصير، وهو ما لا يجب أن يغيب عن المجتمع المدني المغربي في دفاعه عن قضية الصحراء، يضيف وزير الخارجية السابق. واعتبر العثماني أن المغرب منذ تقديم مقترح الحكم الذاتي سنة 2007 بات سياسيا في موقف قوة، بدليل التراجع المستمر في عدد الدول المعترفة بما يسمى ب«الجمهورية الصحراوية»، والتي أعرب عن أمله في أن تتراجع من 36 حاليا إلى أقل من 30 قريبا، غير أنه حذر الدولة المغربية من الوقوع في أخطاء على المستوى الحقوقي، التي التي اعتبر أنها، إلى جانب قضية الثروات، تشكلان «أبرز المعارك التي يراهن عليها خصوم الوحدة الترابية للتشويش على جهود المغرب». وفي السياق ذاته، أوضح العثماني أن أمام الجمعيات والأحزاب المغربية ملف قوي للدفاع عنه أمام المنتظم الدولي، هو قضية المخيمات، التي قال إنها تشكل حالة شاذة في القانون الدولي الإنساني، ولا بد للمدافعين عن مغربية الصحراء من إبرازها أمام العالم. من جهته، اعتبر محمد اليازغي أن المغرب يقع في حرج أمام الرأي العام الدولي كلما طرحت قضية تقرير المصير، بالنظر إلى كون هذا المفهوم يعد ثقافة راسخة لدى الأممالمتحدة»، معتبرا أن المغرب وقع في عدة أخطاء ساهمت في تعزيز هذا الخيار وفق منظور خصوم الوحدة الترابية، في مقدمتها عرض قضية الصحراء على الأممالمتحدة سنة 1964، والتي أحالتها على اللجنة الرابعة الخاصة بتصفية الاستعمار. ودعا اليازغي المغرب إلى التعامل بمرونة مع الرأي العام الدولي ومع الأممالمتحدة، لكن هذا لا يجب أن يمنعه من الدعوة بإلحاح إلى إحصاء سكان مخيمات تيندوف والحبالة، والإصرار على أن يأخذ المبعوث الأممي، كريستوفر روس، المقترح المغربي وفق الصيغة التي يوصف بها أمميا، باعتباره «جديا وذا مصداقية»، داعيا في الوقت نفسه إلى عدم التجاوب مع الاستفزازات الجزائرية، وعدم انتهاج سياسة التصعيد.