أن تغرق العاصمة الاقتصادية للمغرب في الأزبال وتصبح أكوام النفايات وأسراب الحشرات، المألوفة منها والغريبة، هي السمة الموحدة لأغلب أحياء الدارالبيضاء.. فهو أمر يجب أن يساءل بمقتضاه المسؤولون عن تسيير المدينة، وتساءل معهم تجربة التدبير المفوض، دون أن تفلت من المساءلة النقابات المؤطرة للأعوان الجماعيين العاملين في قطاع النظافة.. فكل واحد من هذه الأطراف يغلب مصالحه الضيقة أو يركب تعنته فلا يفتح حوارا حقيقيا مع الأطراف الأخرى لإيجاد حل لهذه المعضلة التي قال المغاربة عنها «قلة الشي ماشي عيب.. بلحق الوسخ حشومة وعيب». لقد استبشر سكان الدارالبيضاء خيرا بالملاحظات التي أبداها الملك للمسؤولين حول نظافة مدينتهم، وازداد تفاؤلهم عندما علموا بأن مشكل التدبير المفوض لقطاع النظافة، والذي تجتره المدينة منذ 2003، قد وجد طريقه إلى الحل مع بدء اشتغال الشركتين الجديدتين، الفرنسية واللبنانية، مطلع شهر مارس الجاري.. لكن الكارثة التي لم يكن ينتظرها أحد هي حجم وعدد المزابل التي نشأت في كل شارع إثر إضرابات عمال النظافة الذين يحتجون على عدم إشراكهم في وضع دفتر التحملات. يبدو أن المسؤولين عن تدبير المدينة لم يعودوا يعتدُّون بالملاحظات الملكية ولا باستياء المواطنين، أما أن يعملوا بالحديث النبوي «النظافة من الإيمان» فهو أمر ميؤوس صدوره عن مسؤولين لم يعودوا يؤمنون إلا بمصالحهم، فهل يفوض المواطن أمر نظافته إلى الله؟