معاناة لا تطاق أرهقت الساكنة الفاسية وضيوفها المغاربة والأجانب من كثرة الأزبال، التي جعلت المدينة العتيقة تحت رحمة نفايات صلبة ظلت لأيام مكومة في أكياس بلاستيكية ومتناثرة أمام الأبواب وبجنبات الطرقات، بسبب تراجع وضعف خدمات الشركة المكلفة بالتدبير المفوض لمرفق النظافة بمقاطعة فاسالمدينة، دفعت بسائحة بعد مغادرتها المغرب إلى بعث رسالة إلكترونية مصحوبة بصورة تحتج من خلالها على القمامة التي تعيق حركة السير وتضيق الخناق على المارة وتتأسف على خدش جمالية المكان! فأينما ذهبت داخل المدينة تجد النفايات متناثرة على الأرصفة و في المحطات و حتى أمام المؤسسات الصحية والتربوية، مما جعلها ظاهرة سلبية تحتاج لحلول عاجلة، وأصبح انتشارها في الأماكن العمومية خطرا يهدد صحة المواطنين، فإلى جانب الروائح المنبعثة منها فهي تجذب القطط و الكلاب السائبة و الحشرات الضارة. وضع أصبح يؤرق المسؤولين خصوصا مع تزايد احتجاجات المواطنين، الذين ألقوا اللائمة على المجلس البلدي الذي لم يفلح خلال ولايته في معالجة هذا المشكل. مكانة المدينة العتيقة، لما تتوفر عليه من رصيد تاريخي يفوق 785 مسجدا و410 من الدور الرائعة والقصور ومعالمها الأثرية التي تدل على عظمة بانيها وعلى حضارتها عبر العصور، يحميها سور صامد وبواباته الثمانية بأقواسها الرائعة ونقوشها ورخامها البارز الذي يرجع لعهد المرينيين، وفي داخله، تميزت المدينة بوجود 10000 بناية أصلية، و70 كيلومترا من القنوات المتدفقة من مياه الوادي والعيون، وبها 4000 نافورة وسقاية، يؤهل مخزونها الأثري أن يحظى بعناية ورعاية من لدن شركة مواطنة واعية بمهمتها وبمؤهلات هذه المدينة العظيمة، تتوفر على أسطول كاف لتغطية حاجة المنطقة ويد عاملة مؤهلة لا تتجاهل بقايا الأزبال المتناثرة هنا وهناك كما كان عليه بمختلف أزقة المدينة داخل وخارج الأسوار، وعلى الأرصفة ووسط الطرقات، وهو الأمر الذي يمنح المشهد صورا بشعة. وقد استبشر المواطنون خيرا بعد انتقال تدبير شأن نظافة المدينة العتيقة، التي يقارب عدد سكانها حوالي 180 ألف نسمة، إلى أيدي المجموعة المغربية الفرنسية GMF، لجمع نفايات من 11 ألف زنقة ودرب مؤقتا، في انتظار إبرام اتفاقية جديدة في الموسم القادم مع المقاطعة المعنية لحل المشكل بصفة دائمة، بعدما رفض عدد من الشركات المختصة تدبير هذا المرفق بهذه المنطقة، التي أغرقتها الأزبال والأوساخ مؤخرا، بعد تراجع خدمات الشركة المنسحبة نتيجة تخليها عن القيام بعملها وجمعت أدواتها ووثائقها وأوقفت محركات شاحناتها. مجهود كبير ينتظر (GMF) لإعادة الحياة البيئية بمحاذاة بعض الأماكن الأثرية كأسوار المدينة وأبوابها التي تتراكم بها الأزبال وتتطلب إجراءات استثنائية بعد أن فاضت القمامات و أخذت «تتقيأ» ما بجوفها، والقضاء على النقط السوداء التي أغرقت المدينة مؤخرا نتيجة الإهمال وغياب الكفاءة.