بعث أحمد لحليمي، المندوب السامي للتخطيط، رسائل واضحة إلى الحكومة، مفادها أنه مستقل عنها، وأنه لن يرضخ لأي أحد ولو كلفه ذلك منصبه، وقال: «لا يمكن أن يهددني أحد بمنصبي، والذي سيفعل ذلك سأقترحه كي يأتي مكاني لأنني لن أسلخ جلدي من أجل منصب»، وهو رد ضمني على تصريحات محمد الوفا، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، الذي ذكر لحليمي بتبعيته لرئاسة الحكومة، بعد أن اتهمه بالإضرار بالمصالح الاقتصادية للمغرب من خلال الإحصائيات التي يقدمها. وبعد أن نفى المندوب السامي أن تكون الحسابات السياسية هي التي تحركه، قال، في كلمته الافتتاحية في لقاء الأبواب المفتوحة التي نظمتها المندوبية أول أمس بالرباط، إن «هاد الحكومة ماشي ديال البيجيدي»، مضيفا أنه ليس مهما أن يكون من الاتحاد الاشتراكي الذي يعتز بالانتماء إليه، ولكن ما يهم هو ما يصدر عنه كمسؤول. وفي رسالة مباشرة إلى الوفا، وإن لم يذكره بالاسم، قال لحليمي: «اتقوا الله في البحث ولا تشوشوا على صورة الإحصاء، خصوصا أننا مقبلون على الإحصاء العام للسكنى»، موضحا في الوقت ذاته أنه ليس لديه مشكل مع الحكومة، وأنه لم يتوصل بأي ملاحظات منها. وبخصوص التضارب في الإحصائيات بينه وبين الحكومة، قال لحليمي إن جميع الأرقام تبقى مجرد توقعات، وأن الأرقام التي قدمها ليست «كفرا»، وأنها لم تؤد إلى «سقوط السماء أو انشقاق الأرض أو حدوث طوفان»، وأنها مجرد أرضية للنقاش، وأن لا دخل له في أن تقوم المعارضة باستخدامها كسلاح ضد الحكومة. ودافع لحليمي عن استقلالية المندوبية السامية للتخطيط عن الحكومة، محيلا على الخطاب الملكي، الذي قال إنه يحدد هذه الاستقلالية وسيسهر عليها، وأنه لا يمكن أن يغير الإحصائيات من أجل أن يجبر خاطر أي أحد، معتبرا أن منصبه ك«وزير» مهم من الناحية المعنوية والسياسة حتى لا يكون أي تأثير عليه من أي فرد حكومي. وبالرغم من قوله إن الاقتصاد المغربي قوي، وأن هناك ثقة للمؤسسات الدولية في المغرب، فقد أشار إلى أن ما يؤثر عليه ليس التوقعات، بل الاختلالات الموجودة في التدبير الماكرواقتصادي، التي يجب تقويمها للحفاظ على التنافسية. وفي سؤال ل«المساء» حول علاقته برئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، قال لحليمي: «لم أجد لحد الآن من رئيس الحكومة إلا الترحاب والتقدير، وقال كلاما رائعا في حقي، وقبل أن أعقد الندوة بأسبوع اتفقنا أن نلتقي من أجل الحديث عن الإحصاء العام للسكنى، غير أن كثرة انشغالات السيد رئيس الحكومة المتتالية حالت دون ذلك وما أعتقد أنه رفض استقبالي». وقدم لحليمي بعض الفوارق في الأرقام التي اعتبرها بسيطة، إذ أن المندوبية اعتبرت أن عجز الميزانية سيكون هو 6 في المائة، بينما قالت وزارة الاقتصاد والمالية ب4،5 في المائة، وبخصوص معدل النمو توقعت الحكومة أن يكون في حدود 8،4 في المائة، فيما توقعت المندوبية أن يكون في حدود 4،4 في المائة. أما بخصوص توقعات المديونية المباشرة فقد حددتها المندوبية في 2،14 مليار درهم، وهو أقل من الرقم الذي قدمه رئيس الحكومة، الذي حدده في 6،14 مليار درهم.