نظمت مؤسسة «مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث» في الرباط ندوة علمية يوم السبت الماضي، تحت عنوان «الاتجاهات الجديدة في فلسفة الدين»، ضمن «صالون جدل الثقافي» بمقر المؤسسة، حاضر فيها كل من الدكتور عبد الله السيد ولد أباه من جامعة نواكشوطموريتانيا، والأستاذ الباحث يونس قنديل من جامعة برلين الحرة. وقال الدكتور السيد عبد الله ولد أباه إنه إلى عهد قريب كانت عبارة فلسفة الدين لا تعني شيئا كبيرا، بل تبدو أقرب للتناقض الداخلي، باعتبار أن الفلسفة خطاب يتأسس على العقلانية النقدية التي تبلغ أوجها في رفض المطلقات والإيمانيات والقبليات الدينية، موضوعها الأبحاث اللاهوتية أو التقاليد الكلامية حسب منظورنا الإسلامي. وفي حديثه عن المسلك التحليلي أو العودة للميتافيزيقا، أكد المحاضر على أن الفلسفات التحليلية على اختلاف تياراتها اتجهت إلى نقض الميتافيزيقا من منطلقات وضعية منطقية تقصي من دائرة المعقولية كل خطاب غير قابل للتحقق التجريبي أو الاختبار العملي، كما استشهد المحاضر ببعض مضامين كتاب فتغنشتاين المعنون ب «الرسالة»، والذي اعتبر الميتافيزيقا خطابا وهميا زائفا خاليا من المعنى، وبمقالة كارناب الشهيرة بعنوان «تجاوز الميتافيزيقا»، التي ذهب فيها إلى أن ما سماه بأشباه الملفوظات الميتافيزيقية ليست تعبيرا عن وقائع الأشياء، وإنما تصدر عن «مشاعر حيوية». أما الباحث يونس قنديل فقد طالب بضرورة الحذر عندما نتحدث عن عودة الدين في الغرب، فالمقصود بذلك ليس عودة الطقوس الدينية، وإنما البحث عن المعنى الديني، في تجلياته الروحية والقيمية والأخلاقية، بخلاف السائد في العالم العربي، حيث نعيش عودة للبحث في الدين عموما، والبحث عن علاقة جديدة بين الإنسان والمجتمع والله على وجه الخصوص، حيث تتمظهر بشكل واضح هذه الظاهرة من خلال تسيد ما يسمى «الإسلام السياسي». واستنكر المحاضر إصرار البعض في العالم الإسلامي على نقل الثنائيات التي فُرضت علينا مدرسيا من الخارج، من قبيل علاقة الدين والحرية، الدين والسياسة، الدين والعقل، الدين والفلسفة، الدين والفن... أو الحديث عن الحرية الدينية، العقلانية الدينية، السياسة الدينية... إلخ، وأضاف أننا نعيد نفس الأسئلة دون أن نثير ونفرز الأسئلة الخاصة بنا كعرب ومسلمين، وبالنتيجة، نجد أنفسنا اليوم أمام مواقف مرتبطة بفلسفة الدين.