يناقش الفيلم أحداثاً تقع في مصر وقد تحدث في أي بلد عربي آخر، ويحكي قصة أناس حديثي النعمة في هذا الزمان يوجدون في كباريه يسهرون ويبذرون بعيدا عن إيقاع الحياة اليومية المتوترة وهم جميعا يختلفون في كل شيء. يعرض بالقاعات السينمائية بمدينة الدارالبيضاء فيلم «كباريه»، الذي انطلق مع نهاية هذا الأسبوع، حيث شهد مركب ميكاراما العرض ما قبل الأول الخاص بالصحافة عشية الأربعاء الماضي بحضور الممثل خالد الصاوي. يناقش الفيلم أحداثاً تقع في مصر، وقد تحدث في أي بلد عربي كما جاء في ملخص الفيلم، الذي يحكي قصة أناس حديثي النعمة وسواهم من خنازير هذا الزمان تواجدوا في كباريه يسهرون ويبذرون وكانوا كعادتهم مسرورين يقضون وقتا سعيدا وضاحكا بعيدا عن إيقاع الحياة اليومية المتوترة وهم جميعا يختلفون في كل شيء. وهنالك أيضا أناس يخدمون ويسهرون على راحتهم ويرتزقون من المشروع واللامشروع لإرضاء الزبائن، يشكلون خليطا من الرجال والنساء الجميلات ويضعون أنفسهم رهن إشارة الجميع في تلك الليلة حتى طلوع الفجر. يقضي المتواجدون في«الكباريه» ليلة طويلة يفرغون فيها نزواتهم الجامحة، دون أن يدروا أن الجميع في خطر وأن الموت يتهددهم في حادث عرضي، وبينما كانوا جميعا يتعايشون مع تفردهم السري المؤقت ويقضون ليلتهم في اللهو وحلاوة العيش، سيحضر زبون غامض مضطرب ليس ككل الزبائن، انزوى في ركن من الكباريه وهو يسترق إلى من حوله من حين لآخر نظرات مبهمة غامضة تنذر بالخطر. هذا الزبون لم يلج هذا المكان من أجل البحث عن نزوات، بل للاستشهاد لتنقية المجتمع من الفساد بعدما تمت تعبئته من طرف جماعة متطرفة سلحته بمتفجرات. وحين جلس إلى الطاولة كان يبدو عليه الارتباك، قدمت إليه مشروبات كحولية، سيضطر بعد مرور برهة من الزمن إلى تناولها على مضض وهو يستحضر مقولة شيخه«الحرب خدعة»، فشلت خطته في تفجير نفسه، وبعدما لعبت الخمر بدماغه قاده نادل إلى كواليس الكباريه ليقدم له قهوة كي يستفيق، وبعد غفوة نومه سيكتشف النادل منهمكا في أداء الصلاة، ومن خلال حوار دار بينهما تبين له أن الرجل اضطر للاشتغال في هذه الفضاءات العفنة نتيجة لظروف اجتماعية قاسية، ومن خلال تبادل أطراف الحديث سيقنع هذا الانتحاري «صلاح عبد الله» النادل «أحمد بدير» بالابتعاد عن هذا الشغل لتحصل عند الانتحاري قناعة مفادها أن الحوار خصلة، يمكن أن يكون لها مفعول أكثر من أي شيء آخر وهو ما جعله يطلب من جماعته العدول عن تفجير الكباريه حين أوجدت بديلا له، لكن دون جدوى. الفيلم حين نزل إلى القاعات السينمائية بمصر أثار جدلا في أوساط الرأي العام، حيث اعتبرته بعض الأقلام محرضا على الرذيلة، فيما اعتبرته أخرى يوجه حربا ضد الإرهاب، بل هناك من شن حملة على الفيلم بمجرد ذكر عنوانه يقول خالد الصاوي في اللقاء الذي عقده مع الصحافة، وأضاف أن مشكلة الرقابة هو سعيها إلى طمس المشاكل التي تبرز في الواقع بأن لا تظهر على الشاشة. واعتبر المجتمعات العربية بأنها تعيش حالة شيزوفرينية وازدواجية في الشخصية، فهي تنبذ شرب الخمور وفي نفس الآن ترخص للحانات والكباريهات، مبرزا أن الفقر محرك أساسي في هذه العملية في إشارة إلى المهن المنحطة المرتبطة بفضاءات الكباريهات والكازينوهات، هذا وقد حاول المخرج معالجة هذا الاختلال بإبراز الخلفيات الاجتماعية لهذا الخليط من الرجال والنساء الذين يكونون فريق العمل، ومن ضمنهم فتاة لازالت في ربيع العمر «دنيا سمير غانم» التي فرت من منزلها نتيجة تعرضها لتحرشات متتالية من طرف زوج أمها، لكن الشارع لم يرحمها والفضاءات المعتمة كذلك من هذه التحرشات ، لتقبل وضعها الجديد على مضض، وهكذا اعتمد المخرج تقنية الفلاش باك عن هذه النماذج المسحوقة، بتسليط الضوء على وضعها الاجتماعي، فتكون هي الخيط الذي يربط تتابع قصص الشخصيات الكبرى المترفة المتواجدة بالكباريه وإماطة اللثام عنها وتشريح تصرفاتها وقيمها، حيث تسليع البشر نساء، وتنميط الأذواق يجعل الشاذ نموذجا كما هو حال أغاني زمننا. الفيلم حاول تكسير نمطية البطل الفرد بتقديم بطولة جماعية: خالد الصاوي، صلاح عبد الله، فتحي عبد الوهاب، ماجد الكدواني، هالة فاخر، دنيا سمير غانم، جومانا مراد وأحمد بدير. ويقول خالد الصاوي أن الممثلين كانوا راضين عن الفيلم، وكان الكل مقتنعا: المخرج سامح عبد العزيز والممثلون إضافة إلى المنتج أحمد السبكي في قدرة الفيلم أن يزاوج بين البعد التجاري بتحقيق الفرجة والإثارة، وفي نفس الآن أن يتناول قضية تستأثر بال المجتمع العربي، مشيرا إلى تجربة السبكي في بدايته الأولى إذ اتجه نحو سينما المؤلف فأنتج لنور الشريف، أحمد زكي، علي بدري خان لكنها لم تعط نتيجة على مستوى شباك التذاكر، ليتجه من جديد نحو الفيلم التجاري كاللمبي، ليعود الآن إلى خلق توازن ما بين الإثنين. تجدر الإشارة إلى أن خالد جمال الصاوي أنجز هذه السنة فيلما جديداً يحمل عنوان«ميكانو» ويعتبر فيلم«عمارة يعقوبيان» أهم الأفلام التي دفعت به نحو الأضواء، وهو فنان متعدد المواهب يجمع ما بين التمثيل وكتابة الشعر والزجل إضافة إلى امتهانه في وقت سابق للمحاماة والصحافة.