زعم الدبلوماسي والأديب البريطاني المشهور هارولد نكلسون (1886 - 1968) أنه يوجد نوعان من المفاوضين وهما: "مقاتلون" و"حانوتيون"؛ فالمقاتلون يستعملون التفاوض لتحسين مواقعهم استعدادا لمرحلة الصراع التالية، في حين يحاول الحانوتيون التوصل إلى اتفاق يرضي الجميع؛ فالمقاتلون يأتون ليأخذوا والحانوتيون ليعطوا. والمقاتلون يرون الاتفاق مرحلة مؤقتة، ويأمل الحانوتيون أن ينهوا الصراع به. إن السلطة الفلسطينية جاءت إلى التفاوض مثل المقاتلين بصورة واضحة؛ فهي معنية بإعادة الزمن وإصلاح ماضي 1948، وطرد 700 ألف يهودي من يهودا والسامرة وإدخال مليون إلى مليوني فلسطيني من سوريا ولبنان والعالم العربي بدلا منهم. وسيكون هؤلاء أخطر السلفيين في المنطقة. وتريد إسرائيل إنهاء الصراع، لكن السلطة تريد أن تقوي نفسها كي تقوي المواجهة، فهدفها هو الاستمرار في خطة المراحل للقضاء على إسرائيل. وتبدأ المشكلة حينما يظن الحانوتيون أنه يواجههم حانوتي آخر ويتبين لهم أنهم يواجهون مقاتلا، لكن حينما يكون ذلك متأخرا جدا أحيانا. ويدرك من يفهم أن الحديث عن قوتين ذواتي قصد متضاد ولغة مختلفة أنه لا يوجد أصلا ما يُتحدث فيه مع تلك التي تسمى "السلطة الفلسطينية". وتكون النتيجة من هنا أنه سيفشل، بعد وقتٍ ما، ما يسمى "مفاوضة" تلك السلطة التي هي كلها سذاجة أمريكية في أحسن الحالات، لأن الوسيط الذي لا يفهم أنه يوجد أمامه مقاتلون بإزاء حانوتيين يصعب عليه فهم المواجهة، فقد يكون هو نفسه حانوتيا. ولهذا، فإن هذا هو الوقت لإعداد وصوغ الخطة (ب) بعد أن أصبحت الخطة (أ) غير ممكنة، والقصد هو الأردن. كما اضطرت مصر إلى العودة إلى قطاع غزة وقضاياه، يتوقع أن يحدث هذا مع الأردن لأنه جزء من الصراع. كان تشرتشل هو الذي فصله عن أرض إسرائيل الغربية "دولة عربية"، لكنه جزء من الحل، وهو يعلم ذلك، بل إنه معني به. لم تكن الضفة الغربية جزءا خالصا من المملكة الأردنية في 1967. ضمها الأردن ضما كاملا ومنح سكانها جنسية كاملة. وفي 31 من يوليوز 1988 ألغى الملك حسين الجنسية الأردنية الكاملة التي كانت لسكان يهودا والسامرة وشرق القدس العرب في إطار ما سمي "فك الارتباط". لكن، من ذا يلغي جنسية سكانه عبثا، ولماذا مر ذلك في صمت؟ سيستعيد السكان العرب في يهودا والسامرة الجنسية الأردنية ويدير الأردن الحياة المدنية في المنطقة (أ)، ويبقى الجيش الإسرائيلي هو المسؤول العسكري في جميع أراضي يهودا والسامرة، بتنسيق مع الأردنيين الذين لنا معهم اتفاق سلام، ويبقى الاستيطان كله بالطبع. ويقترع العرب في يهودا والسامرة للبرلمان الأردني وتكون جوازاتهم أردنية. وتُحل قضية القدس، أيضا، سريعا لأن إسرائيل التزمت في اتفاق السلام مع الأردن بأن تمنح المملكة "مكانة خاصة" في الأماكن المقدسة في القدس. ستكون إسرائيل معنية بهذه التسوية التي ستكون بين حانوتيين وحانوتيين. ويصبح الفلسطينيون سُعداء لأنهم يُعطون جنسية مُشتهاة هي الثانية في فخامة شأنها بعد الإسرائيلية، ويكون الأردن راضيا أيضا؛ فالدولة الفلسطينية التي ستصبح، في غضون وقت قصير، مليئة بالسلفيين ورجال القاعدة هي تهديد استراتيجي لأمنها. إن الوحيدة التي لن تكون راضية هي السلطة الفلسطينية التي أوجدت من العدم في أوسلو، لكن ليس من عملنا هنا أن نهتم بهذه السلطة. يكرر متحدثون أردنيون الزعم بأن الولاياتالمتحدة وأوربا تخطئان في أن الأردن ليس الحل المطلوب مع تحفظهما وابتعادهما عن "السلطة". وهم يعلمون، أيضا، بأن حلا فلسطينيا يُنذر الجميع بالشر حتى العرب أنفسهم الذين يسكنون في يهودا والسامرة، لأن اتفاق سلام مع مقاتلين خطير. عن «يديعوت»