موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        الرباط: إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة        ترامب يستكمل تشكيلة حكومته باختيار بروك رولينز وزيرة للزراعة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    الأرصاد: ارتفاع الحرارة إلى 33 درجة وهبات رياح تصل 85 كلم في الساعة    قاضي التحقيق في طنجة يقرر ايداع 6 متهمين السجن على خلفية مقتل تلميذ قاصر    ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بوجدة    الاحتفال بالذكرى السابعة والستين لانتفاضة قبائل ايت باعمران    إفريقيا تنتقد ضعف التمويل المناخي    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    كوب 29: رصد 300 مليار دولار لمواجهة التحديات المناخية في العالم    فدرالية أطباء الطب العام بشمال المغرب تعقد المؤتمر الثاني للطب العام    غوتيريش: اتفاق كوب29 يوفر "أساسا" يجب ترسيخه    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    دولة بنما تقطع علاقاتها مع جمهورية الوهم وانتصار جديد للدبلوماسية المغربية    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    الصحة العالمية تؤكد أن جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ عامة        انقسامات بسبب مسودة اتفاق في كوب 29 لا تفي بمطالب مالية طموحة للدول النامية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران        كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    بوعشرين: أصحاب "كلنا إسرائيليون" مطالبون بالتبرؤ من نتنياهو والاعتذار للمغاربة    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمتلك بنكيران الشجاعة للحسم في ملف إصلاح أنظمة التقاعد؟
المعيقات بنيوية وضمان التوازنات والحسابات السياسية تمنع من الوصول إلى حلول لملف عمر عقودا طويلة
نشر في المساء يوم 05 - 01 - 2014

يعود ملف إصلاح أنظمة التقاعد إلى الواجهة مجددا، بعد فترة خمول دامت قرابة سنة منذ الاجتماع الأخير الذي ترأسه بنكيران بصفته رئيسا للجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد وهو الاجتماع الذي تم خلاله عرض خلاصات اشتغال اللجنة التقنية على مدى سبع سنوات، وخلاله التزم رئيس الحكومة بمواصلة الحوار والتشاور المثمر بين الحكومة والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين للبحث عن الحلول الصحيحة والواقعية التي ستضمن ديمومة أنظمة التقاعد والرفع من مستوى وفعالية التغطية الاجتماعية. اليوم يثار النقاش مجددا بعد تداول الحديث عن إمكانية أن يقدم بنكيران وصفة إصلاح تهم الصندوق المغربي للتقاعد خلال اجتماع المجلس الإداري المقرر الثلاثاء المقبل، وهي وصفة تقضي برفع سن التقاعد إلى 62 ابتداء من سنة 2015، على أساس زيادة 6 أشهر كل سنة موالية، إلى حين الوصول إلى رفع سن التقاعد إلى 65 سنة في أفق 2020. فضلا عن ذلك تقترح الوصفة زيادة نسبة الاقتطاعات لتصل إلى 28 في المائة بدل 20 في المائة الحالية، على أن تقتسم مناصفة بين الأجراء والدولة، ثم احتساب التقاعد على أساس راتب السنوات العشر الأخيرة بدل احتسابه على قاعدة آخر أجر المعمول بها حاليا.
يرى كثير من المتتبعين أن ملف التقاعد ملف اجتماعي، أكثر منه ملف اقتصادي يروم ضمان عدم وصول الصناديق إلى مرحلة العجز، ولهذا يبدو من الضروري استحضار الأبعاد الاجتماعية في أي صيغة إصلاح قد تحسم فيه الحكومة، مع ضرورة تعطيل الحسابات السياسية التي قد تكون عائقا حقيقيا يحول دون تحقيق المبتغى.
ويشدد دعاة استحضار البعد الاجتماعي كثيرا على عدد من المعطيات المحرجة، ليس أقلها، أن 30 في المائة فقط من المغاربة لديهم الحق في المعاش مقابل 70 في المائة لا يشملهم هذا النظام، فضلا عن أن أكثر من 2 مليون من العمال ليس لهم الحق في التغطية أو الحماية الاجتماعية، وأكثر من هذا هناك الملايين من العمال قضوا عمرهم في الاشتغال واليوم لا يتوفرون على أي معاش، ويضطرون إلى العيش على الصدقات والتسول أو في المراكز الاجتماعية.
هذه الوضعية لا تغيب عن بنكيران نفسه، إذ شدد خلال اللقاء ذاته على أن الأساسي هو ضمان ديمومة هذه الأنظمة بما يمكن من استمرار صرف المعاشات للمتقاعدين الحاليين والمستقبليين وذوي حقوقهم، ويضمن استمرار قطاع التقاعد في القيام بدوره الاقتصادي كمستثمر مؤسساتي فاعل يساهم في تمويل الاقتصاد و تنمية الادخار الوطني.
لكن كيف سيتأتى تحقيق هذه الأهداف وما هي الصيغ المقترحة؟
اختلالات بالجملة
قبل الإجابة عن هذا السؤال سيكون من المفيد العودة قليلا إلى الوراء للوقوف على أوجه الخلل المسجلة في مختلف الأنظمة، والتي كانت موضوع اشتغال عدد من مكاتب الدراسات والخبراء في إطار المهمة التي أنيطت باللجنة التقنية، التي استعانت بخبراء مكتب العمل الدولي ومؤسسات أخرى. ولعل أهم هذه المعيقات نجد هشاشة التوازنات الديمغرافية والمالية، وهي اختلالات قد تحدث في غضون السنوات القليلة المقبلة، إذ أنه في حالة تمويل العجز عن طريق الاحتياطات سيؤجل تاريخ العجز النهائي لفترة أقصاها 7 سنوات في أحسن الظروف.
يضاف إلى ذلك ثقل الالتزامات الضمنية تجاه المنخرطين، إذ أن الالتزامات مرتفعة جدا مقارنة مع الاحتياطات المتوفرة والمساهمات المستقبلية فضلا عن الالتزامات الضمنية لمجموع الأنظمة تفوق الناتج الداخلي الخام.
عائق آخر يهم ضعف التغطية الاجتماعية التي لا تتجاوز نسبتها 33 في المائة، مما يصنف المغرب في مرتبة متأخرة مقارنة مع دول منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وتعزى أسباب ذلك بالأساس، إلى عدم وجود نظام تغطية لغير المأجورين أو المهن الحرة، ما يفرض وضع تغطية إجبارية لهذه الفئة، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات هذه المهن إن على مستوى الخدمات المقدمة، أو وعاء الانخراطات، والتوجه نحو وضع تغطية عن مخاطر التقاعد والمرض، واعتماد تغطية متدرجة، مع البدء الآني بالمهن المنظمة من قبيل الأطباء والصيادلة والمهندسين.
تشخيص آخر قام به المجلس الأعلى للحسابات هم تقييم وضعية أنظمة التقاعد أسفر عن تسجيل عدد من الملاحظات المتعلقة بكل صندوق على حدة، فبخصوص نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، توقع المجلس أن يأخذ الناتج التقني للنظام (الفرق بين الاشتراكات والخدمات المقدمة) منحى تراجعيا لا رجعة فيه ابتداء من 2014، وستعرف الاحتياطيات المالية للنظام انخفاضا لتصبح سلبية ابتداء من سنة 2021. في حين، تقدر الديون غير المشمولة بالتغطية المتراكمة في أفق سنة 2060 ما يناهز 583 مليار درهم بمتم 2011.
ويمكن إبراز أهم عناصر اختلال نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد في الطابع السخي للنظام، حيث يمنح الصندوق عن كل سنة من الاشتراكات قسطا سنويا بمعدل 2,5 في المائة من آخر راتب وهو ما يمثل معدل تعويض قد يصل إلى 100 في المائة. وبالتالي، فإن معدل التعويض أصبح من أهم عناصر اختلالات هذا النظام واعتماد آخر راتب كوعاء للتصفية، إذ تتم تصفية معاش التقاعد على أساس آخر راتب وليس على أساس معدل الرواتب المؤداة خلال فترة العمل أو جزء منها، الأمر الذي ترتب عنه الحق في معاشات مرتفعة لا تتناسب مع مستوى المساهمات.
ويختم التقرير أن حدة تأثير هذين العنصرين اللذين يبتعدان كليا عن الممارسات الدولية، زادت من تراجع العامل الديمغرافي. وهكذا، انتقل المؤشر من 12 نشيطا لمتقاعد واحد سنة 1986 إلى 6 نشيطين سنة 2001 و3 في سنة 2012. وسيصل هذا المعدل إلى نشيط واحد لكل متقاعد سنة 2024 وحينها سيفوق عدد المتقاعدين عدد المنخرطين المساهمين. وبخصوص النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، كشف التقرير أن العنصر الأهم في اختلال هذا النظام في المستقبل يكمن في مستوى إعادة تقييم المعاشات، التي ترتبط بتطور الراتب المتوسط للنظام، إذ تظهر التوقعات في أفق سنة 2060 أن المؤشرات الديمغرافية للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ستعرف تطورا مماثلا لتلك المتعلقة بالصندوق المغربي للتقاعد. حيث سينتقل المؤشر الديمغرافي من 3 نشيطين لمتقاعد واحد حاليا إلى 0,8 نشيط بحلول سنة 2045.
نظام التقاعد للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بدوره يسجل اختلالات عديدة، وترجع هشاشة هذا النظام إلى التسعيرة المنخفضة للحقوق خلال الخمس عشرة سنة الأولى (أي 3.240 يوما) للانخراط الفعلي، حيث إن كل فترة انخراط من 216 يوما تعادل 3,33 في المائة كقسط سنوي. ومن شأن هذه الوضعية التشجيع على ضعف التصريح أو عدم التصريح عند تجاوز الحد الأدنى لمرحلة التأمين.
وتبين الدراسات الاكتوارية أن الرصيد التقني والمالي للنظام سيصبح سلبيا ابتداء من سنة 2021. وأن جميع الاحتياطيات سيتم استنفادها في سنة 2030. إلى حدود نهاية سنة 2011 وقد راكم هذا النظام ديونا غير مشمولة بالتغطية بمجموع قدره 197 مليار درهم.
وفي ما يخص نظام التقاعد التكميلي المتعلق بالصندوق المهني المغربي للتقاعد، وخلافا للأنظمة الأخرى، تبين أن النظام التكميلي الذي يتولى تدبيره الصندوق المهني المغربي للتقاعد لن تستنفد احتياطياته خلال مرحلة التوقعات (إلى غاية 2060) رغم أن عجزا تقنيا سيظهر ما بين سنتي 2033 و2050.
وبفضل الإصلاحات المنجزة خلال سنة 2003، تمكن هذا النظام من معالجة ضعف التسعير الذي عرفه سابقا، وكذا تحسين معدلات التمويل الأولي والتغطية.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن نقطة الضعف الرئيسية لهذا النظام تكمن في طريقة تسييره باعتماد مبدأ التوزيع، علما بأن هذا النظام اختياري وليس إجباريا، مما يطرح تحديا مزدوجا من حيث استمراريته التي تبقى رهينة بالانخراطات الجديدة والتطبيق الصارم والمستمر للتسعيرة المناسبة.
خيارات الإصلاح..
خلال الاجتماع الأول للجنة الوطنية برئاسة رئيس الحكومة، تم اعتماد مذكرة اللجنة التقنية، وتقترح إرساء إصلاح شامل يروم إنشاء منظومة بقطبين كإطار عام لإصلاح أنظمة التقاعد في مرحلة أولى، في أفق التحول نحو نظام أساسي وحيد، وإنجاز دراسة من أجل التوفر على رؤية واضحة على الطريقة التي يجب اعتمادها لتوسيع التغطية الاجتماعية لذوي المهن الحرة، بغية تمكينهم في الآن ذاته من التقاعد والتغطية الصحية.
وترتكز مبادئ هذا الإصلاح على وضع نظام تقاعد متناغم ومنصف ومستدام، مع الحفاظ على مكتسبات المنخرطين عند تاريخ الإصلاح، زيادة على تأمين مستوى معاشات يضمن مستوى عيش ملائم، هذا إلى جانب وضع أنظمة تكميلية للتقاعد تسمح بتحسين مستوى المعاشات، فضلا عن توسيع التغطية الاجتماعي لتشمل أصحاب المهن الحرة.
وبالإضافة إلى ذلك تقترح المذكرة شقا ثانيا من الإصلاح الذي يكتسي طابعا استعجاليا، من خلال إدخال إصلاحات مقياسية على نظام المعاشات المدنية لتقوية قاعدته المالية وتأخير بروز العجز في هذا النظام.
الخيارات التي رفعتها اللجنة التقنية هي عصارة 7 سنوات من الاشتغال على الملف، والتي اعتمدت في جزء كبير على المعطيات التي توصلت إليها الدراسة، التي تكلف بإنجازها مكتب الدراسات الفرنسي والتي خلصت إلى عدد من الإمكانيات لبلوغ النظام الأنسب للتقاعد في المغرب، وتطرقت الدراسة بشكل مفصل إلى وصف كل إمكانية على حدة، وبعد ذلك وضع مجموعة من المعايير التي من شأنها ترتيب هذه الإمكانيات فيما بينها.
وتوصي أولى الإمكانيات الخمسة المقترحة، وتسمى الحد الأدنى من الإصلاح، بالحفاظ على التركيبة الحالية لقطاع التقاعد مع إدخال إصلاحات على الأنظمة الحالية بغية ضمان نسبة التمويل المسبق المحددة في 80 في المائة، وكذا توسيع مجال التغطية الاجتماعية لتشمل الفئات المحرومة منها من خلال خلق نظام تقاعد مساهماتي للمستخدمين غير الأجراء في حدود سقف يعادل مرتين الحد الأدنى للأجور.
فيما ترمي الإمكانية الثانية والمسماة الحد الأدنى للنظام المنشود إلى إدخال إصلاح على مستوى بعض المقاييس التقنية للأنظمة الحالية مع حفاظ الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على طرق اشتغالها الحالية، فيما سيتم تحويل الصندوق المهني المغربي للتقاعد إلى نظام إجباري كمستوى ثان لتغطية أجراء القطاع الخاص مباشرة بعد المستوى الأول المضمون من لدن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وتشير الإمكانية الثالثة وهي الإصلاح البنيوي المعتدل إلى ضرورة إعادة النظر في الهيكلة الحالية للقطاع، إذ يقترح إدماج صندوقي النظام العام (الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد) في نظام واحد، فيما سيصبح الصندوق المهني المغربي للتقاعد نظاما تكميليا إجباريا يشتغل ابتداء من الدرهم الأول من الأجر، إلى جانب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ويقضي الاقتراح أيضا بإدماج الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في نظام أساسي وحيد للقطاع العام وذلك في حدود سقف 7 مرات الحد الأدنى للأجور، على أن تعتمد إجبارية النظام التكميلي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد لكل أجراء القطاع العام وذلك في حدود 10 مرات الحد الأدنى للأجور، مع الحفاظ على نظام الضمان الاجتماعي كنظام أساسي لأجراء القطاع الخاص.
ويتضمن المقترح نفسه خلق نظام تكميلي إجباري يشتغل من الدرهم الأول ويسير من طرف الصندوق المهني المغربي للتقاعد في حدود 10 مرات الحد الأدنى للأجور، وخلق نظام للمساهمات يشغل وفق تقنية النقط للمستخدمين غير المأجورين وذلك على حدود سقف 3 مرات الحد الأدنى للأجور.
وأما الإمكانية الرابعة المسماة الإصلاح البنيوي فتقترح إدخال متغير وحيد يتمثل في إحداث نظام حسابات ادخار فردية إجبارية كنظام تكميلي لمستخدمي القطاع الخاص في حدود 10 مرات الحد الأدنى للأجور، فيما تنص الإمكانية الخامسة وهي الإصلاح الجذري على إحداث نظام وحيد وطني يشتغل وفق مبدأ الحسابات الافتراضية كمستوى أول، ومستوى ثان يشتغل وفق مبدأ الرسملة الجماعية أو الفردية. ويعتبر هذا الإصلاح بنية جديدة تجمع ما بين تقنية التوزيع والرسملة على مستويين أساسي وتكميلي في تطابق مع الإصلاحات الجذرية، التي تم اعتمادها في بعض الدول التي عرفت انهيارا لمنظومة تقاعدها.
إصلاح بسرعتين
وبالعودة إلى النتائج التي أسفر عنها التشخيص الذي أنجزه المجلس الأعلى للحسابات، فإنه يوصي بالانخراط في إصلاح تدريجي يرتكز على مرحلتين رئيسيتين الأولى تهم إصلاحا مقياسيا يهدف إلى تقوية ديمومة أنظمة التقاعد وتخفيض ديون الأكثر هشاشة منها، خاصة نظام الصندوق المغربي للتقاعد في أفق إصلاح هيكلي شامل يهم مجموع الأنظمة. ومن أجل تطبيق هذا الإصلاح، يتعين اعتماد مبدأ التدرج ومراعاة الطابع الشاق الذي تتسم به بعض المهن.
في حين ترتكز المرحلة الثانية حول محطتين: الأولى انتقالية ويتعلق الأمر فيها بإدخال إصلاحات تضمن تقارب وانسجام مختلف الأنظمة، والثانية يتم فيها وضع وإرساء النظام المنشود الذي سيتم تبنيه،على أنه يجب أن تنجز المرحلة الأولى في أفق 5 إلى 7 سنوات، ولا يمكن تصورها سوى كمرحلة انتقالية نحو وضع نظام ذي قاعدة موحدة وعامة لمجموع النشطين بالقطاعين العام والخاص. ومن أهم الخيارات الممكن تبنيها خلال هذه المرحلة وضع قطبين للتقاعد عمومي وخاص وذلك بدمج أنظمة تقاعد القطاع العمومي، والمحافظة على الأنظمة مع إصلاح عميق لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد بصفة خاصة، لتقريبه من الأنظمة الأخرى وخصوصا فيما يتعلق بمستوى السقف.
وتهم المرحلة الثانية وضع نظام تقاعد أساسي موحد يعتمد على نظام أساسي موحد، وتتجلى أهم الخصائص التقنية لهذا النظام، الذي يجب أن يعمم على مجموع النشيطين في نظام أساسي محدد السقف وتحديد معدل تعويض كفيل بضمان معاش مناسب، ونسب مساهمة تنسجم مع مستلزمات التنافسية وحماية القدرة الشرائية للمنخرطين وديمومة النظام، واعتماد مبدأ التوزيع في تدبير هذا النظام الذي يجب أن يتولاه جهاز عمومي.
وبخصوص الأنظمة التكميلية تشدد الدراسة على ضرورة أن تأخذ الأنظمة التكميلية بعين الاعتبار وضع أنظمة بمساهمات محددة، واعتماد مبدأ الرسملة في تدبير الأنظمة الإضافية دون استبعاد خيار التوزيع خصوصا في القطاع الخاص. ويمكن أن يقتصر، في مرحلة أولى، الطابع الإجباري لهذه الأنظمة على القطاع العام قبل أن يتم تعميمها تدريجيا.
ويمكن أن تخصص الأنظمة الاختيارية بطريقة اختيارية للجزء من المدخول الذي يفوق سقف الأنظمة التكميلية. وتعتبر الرسملة أنسب طريقة لتدبير هذه الأنظمة. ويتحمل النشيطون وحدهم مجموع المساهمات في إطارها.
هناك صمت مريب حول ملف إصلاح أنظمة التقاعد
أسئ 3 لة ل: عبد القادر طرفاي*
- ما الجديد في ملف إصلاح أنظمة التقاعد بعد سنة على عقد اجتماع اللجنة الوطنية برئاسة رئيس الحكومة؟
الجديد في هذا الملف هو أنه لأول مرة نسجل شلل وتوقف اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، والتي شرعت في عملها منذ 2004، وكانت سطرت برنامج عمل مكثف وقامت بالعديد من الدراسات، سواء التي أشرفت عليها مكاتب دراسات مغربية ودولية، أو تدخل مكتب العمل الدولي الذي قدم خبراؤه استشارة تقنية، فضلا عن الاطلاع على تجارب عدد من الدول.
ومع مجيء الحكومة الحالية طلبنا أن نقدم تقريرا مرحليا لنبلغها بما وصلنا إليه كلجنة منذ تأسيسها، وما هي الملفات المسطرة التي لم نباشرها حتى نتمكن من وضع تصورات للإصلاح داخل اللجنة التقنية، قبل عرضها على اللجنة الوطنية لتكون مشروعا للإصلاح. هذا التقرير أعد بعد أخذ ورد لأن وزارة المالية أرادت أن تجعل منه سيناريوها للإصلاح، وهو ما رفضناه وقلنا إن اللجنة التقنية ما زالت لم تقف على سيناريو محسوم فيه، وبالتالي قدمنا التقرير لبنكيران، واجتمعنا في 30 يناير 2013 وذكرنا رئيس الحكومة بأن التقرير الذي قدمته وزارة المالية، بصفتها سكرتارية اللجنة، كان مخالفا للتقرير المرحلي الذي قدمناه، وبأن عليه أن يعتمد التقرير الذي بين يديه بدل العرض المقدم خلال الاجتماع.
الخلاصة أننا اتفقنا، بقرار من بنكيران نفسه، على الرفع من وتيرة اجتماعات اللجنة الوطنية، وكان مقررا أن تنعقد في غضون 3 أشهر، واتفقنا على استكمال ما تبقى من برنامج عمل اللجنة التقنية وخاصة الاطلاع على تجارب بعض الدول المسطرة في البرنامج، لكن للأسف لاحظنا أن اللجنة التقنية لم تنعقد والبرنامج لم يتم إنجازه وكان صمت مريب حول الموضوع لم يسبق له مثيل منذ 2004.
- ما هي معطياتكم بخصوص وصفة سيقدمها بنكيران أمام المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد المقرر الثلاثاء المقبل، وهل تم التداول معكم في هذا الحل؟
خلال الاجتماع مع رئيس الحكومة قلنا له إن هذا سيناريو هو واحد من ضمن سيناريوهات أخرى والمجلس الإداري للصندوق كان دائما يخرج في اجتماعاته بقرار اتخاذ إجراءات لمواجهة العجز، وتكون عبارة عن مقترحات يتقدم بها إلى الحكومة التي لها أن تناقشها أو أن تأخذ بها أو ترفضها. كذلك السيناريو الذي جاءت به وزارة المالية وقدم خلال هذا الاجتماع، قلنا إننا غير متفقين على المعطيات التي جاءت فيه كلجنة تقنية، لأنه كان يقال لنا إن الأزمة ستبدأ في 2011 وإن نفاد الاحتياطي سيكون في 2013، والحال أننا في بداية 2014 ولم ينفد الاحتياطي وصرنا نتحدث عن 2021، وبالتالي قلنا إنه لا يمكن تغافل الجهد الذي قمنا به طيلة هذه السنوات ونطرح سيناريو لإصلاح الصندوق المغربي للتقاعد بمفرده بعيدا عن الإصلاح الشامل الذي كنا نتحدث عنه، ولا يمكن في جميع الأحوال أن نقول إننا سنباشر هذا الملف تم نعود لاحقا للملفات الأخرى لأن الأمر يتعلق بتوازنات اجتماعية وهي هاجسنا كنقابات. وهناك اليوم بؤس وضحايا في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وفي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وفي الصندوق المغربي للتقاعد، وكنا دائما نتحدث عن ثلاثية الرفع من السن والزيادة في المساهمات والنقص من المردودية، ولكن نقول إن هناك مقاربات لا تجعل من الموظف هو من يؤدي ثمن الإصلاح لضمان التوازنات المالية للصندوق المغربي للتقاعد وضمان استمراريته.
- المقترحات التي تعرضها الحكومة هي من بين مبادئ الإصلاح التي لا يوجد اختلاف عليها بين جميع الأطراف؟
صحيح، والنقابات ساهمت بكل موضوعية وبكل مواطنة ومسؤولية في النقاش وكانت متفقة على العديد من مبادئ الإصلاح، ولكن ما نؤاخذ عليه الحكومة هو مقاربة أن نترك جانبا كل عمل اللجنة التقنية ونطرح سيناريوها بشكل انفرادي، بمبرر أن الأمر مستعجل وهو أمر مرفوض، لأن الصندوق يمول من طرفين، الدولة والموظفين، بشكل متواز، ولهذا لا يمكن أن يتخذ القرار بشكل انفرادي.
هناك اتفاق على مراجعة السن لأن سن الدخول، اليوم، إلى الوظيفة العمومية صار مرتفعا يتجاوز 40 سنة، وبالتالي هذا سيكون سببا في عدم حصول عدد من الموظفين على الحق في التقاعد. ولدينا أيضا مقاربات في ما يخص مراجعة المساهمات.. أما بخصوص مسألة نسبة المردودية فقط، كنا كنقابات من طرح مسألة المعدلات لأننا لاحظنا منذ سنوات أن الحكومات المتعاقبة حينما تريد مكافأة بعض المسؤولين الكبار ترفع من رواتبهم وتحيلهم على التقاعد، والفئات العريضة من الموظفين الصغار هم من يمولون هذا النوع من المعاشات، وبالتالي طرحنا موضوع المعدلات، لكنها أمور تأتي من خلال الرجوع إلى اللجنة التقنية واللجنة الوطنية، ثم أن يتم الإصلاح في إطار حوار اجتماعي ولا بد من مراعاة التوازنات الاجتماعية، ولا يعقل أن نفرض على موظف وصل إلى سقف الترقية منذ سنوات ونقول له إن عليك التمديد في الوظيفة وهو لا ينتظر شيئا؟ ثم يجب ألا نغفل السبب في أزمة الصندوق، وهو أن المحرك الديمغرافي لم يعد يشتغل، يعني أن الدولة لم تعد تشغل في الوظيفة العمومية والمحالون على التقاعد أكثر ممن يلجون الوظيفة، ثم كيف يمكن أن نفسر أن الصندوق كان مقبلا على أزمة في 2011 واليوم نتحدث عن 2021، والسبب ببساطة الزيادات التي وقعت في الأجور، وهذا يعني أن الحلول موجودة ويجب مناقشتها ولا يمكن فرض وجهة نظر الحكومة من خلال مقاربة انفرادية وهو أمر نرفضه ولا يمكن أن يصل إلى نتيجة.
* عضو اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد عن الاتحاد الوطني للشغل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.