لم تسعف المشاكل الأمنية الخطيرة التي تحبل بها القنيطرة، عبد الله محسون، والي أمن المدينة الجديد، في أن ينعم بقليل من الراحة، ولو بصفة مؤقتة، يلتقط خلالها أنفاسه، وهو الذي لم يمر على تعيينه في هذا المنصب سوى أسبوعين فقط، ليجد نفسه، مباشرة بعد انصرامهما، مرغما على اعتماد خارطة طريق عاجلة لمواجهة كل أشكال الجريمة المتفشية في العديد من مناطق المدينة. فجسامة الإكراهات والتحديات، جعلت الوالي الجديد يسابق الزمن لإماطة اللثام عن لائحة النقط السوداء الأكثر خطورة بالقنيطرة، فقد شوهد في مناسبات عدة، إما مترجلا أو يقود سيارته بنفسه، يتفقد أحياء المدينة، دون الاستعانة بمرشدين أمنيين، وهي الإشارة التي فسرها العديد من المتتبعين للشأن العام المحلي بأنها تترجم رغبة والي الأمن في استجلاء حقيقة الأوضاع الأمنية عن كثب، بعيدا عن ما أسموها «مكائد» بطانة السوء، وتجنبا للتقارير «الملغومة»، التي دأبت على إنجازها جهات تحالفت مع الفساد من أجل أغراض شخصية ضيقة، حسب تعبيرهم. «حوادث السرقة بالإكراه واعتراض سبيل المارة وحيازة الأسلحة البيضاء والفوضى المرورية وتردي الوضع الأمني في محيط المؤسسات التعليمية وتفشي تجارة المخدرات والأقراص المهلوسة وزحف الباعة المتجولين على الشارع العام والحالة الميكانيكية لسيارات الأجرة بصنفيها والنقل السري وتجمع المتشردين والمتسولين وبائعات الهوى»، تعد من الملفات الخطيرة التي تواجه الوالي محسون، بعدما ظل تدبيرها في العهد السابق يتسم بالارتباك وتغييب الحكامة الأمنية، ساهمت في تكريسه الصراعات الداخلية التي ظلت طيلة سنين تنخر جهاز الشرطة القضائية بالقنيطرة بسبب تضارب المصالح. الخطة الأمنية الجديدة التي تبناها الوالي عبد الله محسون للتصدي دفعته إلى طلب تعزيزات أمنية من مفوضيات الأمن التابعة لولاية القنيطرة، وتخصيص ميزانية لإصلاح جميع سيارات الشرطة ودراجاتها النارية التي توجد في حالة عطب، وكشفت المصادر، أن العديد من عناصر الأمن تم استقدامها من مدن سوق أربعاء الغرب ومشرع بلقصيري وسيدي يحيى الغرب، لبسط الأمن وفرض هيبة القانون في شوارع المدينة، التي تعيش على إيقاع فوضى حقيقية تتطلب الكثير من الحزم والصرامة في التعامل مع المخالفين للقانون. وأول المؤشرات التي استبشر بها المواطنون خيرا في هذا الإطار، إعادة انتشار شرطة المرور، التي كانت أغلب عناصرها تتمركز في النقط المعلومة، تاركة شوارع المدينة غارقة في مشاكلها المرورية بلا رقيب ولا حسيب، وإن كان التوزيع الجديد لا يشمل جميع المحاور والطرق، إلا أن عودة عناصر هذه الفرقة إلى الشوارع الرئيسية خلفت ارتياحا نسبيا لدى القنيطريين، خاصة وأن تعليمات صارمة أعطيت لها بالتعامل بصرامة شديدة مع المخالفين والمتملصين من أداء المخالفات، الذين كانوا في وقت سابق يتمتعون بحماية خاصة، حتى وإن اقتضى ذلك توجيه توبيخ لشرطي المرور الذي طبق القانون في حقهم، وإرغامه على أداء واجب المخالفة من جيبه الخاص. واعتمدت الاستراتيجية الجديدة، أيضا، تبني سياسة القرب، من خلال تكثيف تشكيلات الدوريات الأمنية المتنقلة والراجلة في الأماكن والساحات العامة، وإحياء شرطة المؤسسات التعليمية التي أضحت تحت الإشراف المباشر لرؤساء الدوائر الأمنية، كل داخل نفوذ اختصاصه، وتفعيل فرق الدراجين والخيالة كتدبير استباقي لمنع وقوع الجريمة وكذا تحقيق السرعة والفعالية في التدخل، كما تم التركيز على إعادة انتشار الوحدات التابعة للشرطة القضائية، بغاية خلق أحياء آمنة، لاسيما في ظل التوسع العمراني المتزايد للمدينة، والذي جعل مناطق عدة تعيش خارج التغطية الأمنية، وإن كانت بعض الآراء تؤكد عدم قدرة المقاربة الأمنية على التصدي لهذه الوضعية بمفردها، في غياب تدخل باقي المؤسسات والقطاعات وفئات المجتمع.