المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البركة: نموذج تنمية الصحراء لن ينتظر تنزيل الجهوية ويجب القطع مع اقتصاد الريع
قال إن تعويضات المجلس الاقتصادي أقل بكثير من مثيلاتها من المؤسسات الدستورية
نشر في المساء يوم 11 - 12 - 2013

أكد نزار البركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن الأقاليم الجنوبية لم تشهد يوما ما نموذجا تنمويا متكاملا، بل كانت هناك سياسات حكومية متفرقة، مشيرا في حوار مع «المساء» إلى أن النموذج التنموي الذي قدمه المجلس «لم يكن ترويجيا أو موجها للخارج، بل كان هدفنا هو تحسين ظروف عيش الساكنة في هذه الأقاليم». البركة نفى أن يكون أعضاء المجلس يتلقون تعويضات ضخمة، وقال: «من بين الإبداعات الخالصة للمجلس، هي أن تعويضات الأعضاء مرتبطة بالحضور والمشاركة والإنتاجية. فمن يتغيب من الأعضاء لا يتقاضى أي تعويض. وعلى كل حال، تبقى التعويضات بالمجلس أقل بكثير من التعويضات المعمول بها في العديد من المؤسسات الدستورية».
- رافقت الملك محمد السادس في زيارته الأخيرة إلى أمريكا، كيف تقيم هذه الزيارة، خاصة ما يتعلق بموقف الإدارة الأمريكية من القضية الوطنية؟
في الواقع، فإن الزيارة أكدت قوة العلاقات الثنائية بين المغرب والولايات المتحدة، كما أننا دخلنا في تعاقد استراتيجي أكثر طموحا وأكثر عمقا، لأنه من خلال اللقاء الذي جمع بين جلالة الملك والرئيس أوباما، تم التوصل إلى العديد من الأمور الإيجابية بالنسبة للعلاقة بين البلدين. فالبلاغ المشترك أكد أن المغرب يشكل شريكا حقيقيا واستراتيجيا لأمريكا في عدة مجالات، وخاصة فيما يتعلق بمبادرات مشتركة تجاه إفريقيا جنوب الصحراء، مما يعني جعل المغرب أرضية للاستثمار والتصدير نحو الدول الإفريقية، كما ستكون هناك مبادرة مشتركة في الأمن الغذائي، وهناك كذلك مجال الطاقات المتجددة التي يعتبر المغرب أحد روادها في القارة. كل ذلك في إطار التوجه الذي يقوده جلالة الملك، والذي يهدف إلى تقوية البعد الاندماجي على الصعيد الاقتصادي، كما أن العمل المشترك مع أمريكا سيقوي هذا البعد.
أما فيما يخص القضية الوطنية، فهناك أمران أساسيان يمكن التركيز عليهما: أولا ما يتعلق بتجديد ما تم التأكيد عليه من طرف رؤساء الولايات المتحدة بخصوص الحكم الذاتي، واقتراح المبادرة التي قدمها المغرب سنة 2007، على أساس أنها مبادرة جادة وذات مصداقية، من شأنها أن تمكن من التوصل إلى حل نهائي متفق عليه من الطرفين، من أجل تجاوز هذا الصراع المفتعل.
ثانيا التركيز على ضرورة العمل المشترك من أجل تحسين وضعية الساكنة في الأقاليم الجنوبية، وهذا ما يتماشى مع النموذج الذي اقترحه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والذي أكد جلالة الملك في خطابه على ضرورة تنزيله في أقرب وقت، من أجل تحسين ظروف عيش الساكنة، وتقوية القدرات الاقتصادية والاجتماعية في هذه الأقاليم، وهذا في حد ذاته دعم كبير للنموذج الجديد.
- علاقة بالقضية الوطنية، أصدر المجلس الاقتصادي قبل أسابيع تقريرا وصف ب«الجريء»، من أجل نموذج تنموي جديد في الأقاليم الجنوبية، في أي سياق جاء هذا التقرير، وهل كان بطلب من الملك محمد السادس شخصيا؟
كان خطاب جلالة الملك يوم 6 نونبر 2012 بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، والذي ركز فيه على ضرورة بلورة نموذج جديد للتنمية بالنسبة للأقاليم الجنوبية، وفي نفس الإطار تحدث جلالته عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وخصوصية المجلس كمؤسسة استشارية مستقلة تجمع المكونات الأساسية للمجتمع المدني. وبعد الخطاب مباشرة، اجتمع مكتب المجلس برئاسة السيد شكيب بنموسى، واتفقوا على أن تكون هناك إحالة ذاتية، حول إعداد هذا المشروع التنموي بالنسبة للأقاليم الجنوبية.
- هل هذا يعني أنه لم يكن هناك طلب مباشر من الديوان الملكي بهذا الخصوص؟
لا أبدا، بل كان ذلك في إطار المبادرة والتفاعل مع ما جاء به الخطاب الملكي، والذي ركز على نقطة أساسية، ألا وهي إعداد هذا المشروع في إطار مقاربة تشاركية. وبالتالي، فالمجلس بحكم أنه مستقل وممثلة فيه جميع مكونات المجتمع من نقابات وجمعيات وفاعلين اقتصاديين، انكب على إعداد هذا النموذج بكل استقلالية وموضوعية، وهو ما جعل التقرير يوصف بالجرأة، لكن في نفس الوقت الكثير من الواقعية والموضوعية في طرح القضايا.
التقرير كان مسلسلا، فمن الضروري التأكيد على أنه تم إعداده بكيفية تشاورية مع الفاعلين المحليين، ومع المنتخبين خاصة النواب والمستشارين، فضلا عن ممثلي الحكومة والمجتمع المدني، إضافة إلى ممثلي الإدارة الترابية محليا ومركزيا. فالتقرير هو تقرير الجميع والمقاربة التشاركية كانت هي الأساس منذ البداية. وهذا يعني أنه تمت بلورته من طرف الساكنة، عبر 1500 فاعل تم الإنصات إليهم والتفاعل مع مقترحاتهم قبل إعداد التقرير، في مرحلة التشخيص. وتمت مناقشة التقرير الأولي الذي كان حول فعلية الحقوق الإنسانية بالنسبة للأقاليم الجنوبية، وكان هناك تفاعل، ثم جاءت المرحلة الثالثة بعد تعييني، وهي إعداد النموذج في حد ذاته، انطلاقا من خلاصات التشخيص وانتظارات المواطنين. ثم بدأنا في مناقشة التوصيات محليا وركائز النموذج المقترح، وهي النقاشات التي كانت قوية، وكان هناك تفاعل في التصورات والاقتراحات بين مختلف المتدخلين.
أشير كذلك إلى أنه كانت هناك نقاشات قوية داخل هياكل المجلس، حيث تم تقديم المشروع في شهر شتنبر ثم صودق عليه في شهر أكتوبر، بناء على أعمال لجنة خاصة، تم إحداثها لهذا الغرض، تضم 24 عضوا يمثلون جميع الفعاليات داخل المجلس. والمشروع كان موضع نقاش وتداول طيلة مراحل إعداده.
- لكن كانت هناك اعتراضات من طرف بعض الأعضاء على مقتضيات المشروع التنموي للأقاليم الجنوبية؟
لا يمكن أن نتحدث عن اعتراضات بقدر ما كانت ملاحظات، ونحن حرصنا على التوصل إلى صيغة متوافق عليها من طرف الجميع، وهو الشيء الذي مكننا من المصادقة عليه بالإجماع، وهو ما يعطي قوة أكثر للنموذج.
- بالعودة إلى التقرير، نجد أنه يركز على ضرورة الإسراع بتنزيل الجهوية الموسعة، هل معنى هذا أن مخطط تنمية الصحراء سيبقى في غرفة الانتظار إلى أن يتخذ القرار السياسي بتنزيل الجهوية الموسعة؟
النموذج الذي أعددناه هو نموذج مندمج، فيه العديد من الأبعاد التي تم التطرق إليها، واعتبرنا أن من بين الأمور الأساسية التي ينبغي التطرق إليها حتى يكون هناك تحرير للطاقات في الأقاليم الجنوبية، هو التوصل إلى القطيعة مع العديد من الأمور: القطع مع اقتصاد الريع والتحول إلى اقتصاد تنافسي، والانتقال من منطق المساعدة إلى نظام للدعم الاجتماعي يستهدف المعوزين. وبالتالي، فالنموذج لا يمكن أن نختزله في تطبيق الجهوية، لأننا اعتبرنا أن هذه الأخيرة هي مفتاح لتحقيق النموذج، لكنه ليس شرطا وحيدا، حتى وإن كان أساسيا، بمعنى أننا نسعى إلى تقريب سلطة القرار من المواطن، مع السعي نحو شراكة مسؤولة وإشراك المواطنين في كل المشاريع التنموية، دون إغفال المشاكل التي تتجاوز الجهوية الموسعة، وبالتالي فنحن نعتبر أنه يمكننا البدء في تطبيق النموذج التنموي للصحراء، قبل أن يتم تنزيل الجهوية الموسعة، بل أكثر من ذلك نقترح أن نقوم بتأهيل والعمل على أن يتم تهييئ الجهوية الموسعة منذ الآن.
- المجلس أوصى كذلك بالقطع مع منطق الريع في الصحراء، وهو المنطق الذي كان يحكم تصرفات الدولة في الصحراء لسنوات عديدة، هل هذا اعتراف رسمي بفشل هذا الأسلوب؟ وما هي البدائل المطروحة من طرف المجلس؟
في الواقع فإن الدراسة التي قمنا بها كشفت إشكالا حقيقيا، هو أن الدولة، أي الإدارة، هي المستثمر الأول في الصحراء، وهي التي تخلق أكبر نسبة من القيمة المضافة من خلال الأجور، التي تمثل 35 في المائة من القيمة المضافة المحدثة في الأقاليم الجنوبية كما أنها تبقى هي المشغل الأول. وبالتالي فهذا النموذج لا يمكن أن يكون نموذجا مستداما ولن يؤدي إلى تنمية حقيقية، و يجب على القطاع الخاص أن يلعب دورا في التنمية، من خلال خلق فرص الشغل والقيمة المضافة محليا، من أجل تطوير وتنمية هذه الأقاليم. وبالتالي، اعتبرنا أنه يجب مراجعة هذا الوضع، حيث ينبغي تحسين وتطوير مناخ الأعمال، إضافة إلى تقوية جاذبية هذه الأقاليم، مع خلق أقطاب تنافسية انطلاقا من خصوصيات ومؤهلات كل جهة.
من جهة أخرى، قلنا بأنه من الضروري أن نصل إلى مرحلة تكون فيها كل رخصة مشروطة بدفتر تحملات، يركز أساسا على خلق فرص شغل محليا، مع إحداث قيمة مضافة في هذه الأقاليم، وكل ذلك من أجل تطوير النمو في هذه الأقاليم.
- النموذج يتحدث عن إحداث 120 ألف فرصة شغل في الأقاليم الصحراوية، ألا تتخوفون في المجلس من أن يتم هذا على حساب باقي مناطق المغرب؟
هذا التخوف غير مطروح، على اعتبار أننا نرى أن القدرات والطاقات المستثمرة في هذه الأقاليم كافية لخلق هذه الفرص، كما أننا نعتبر أنه يجب على الدولة أن تبقي على مجهودها في هذه الأقاليم أو أن ترفع منه قليلا، لأننا نعتبر أن الإمكانيات والموارد الطبيعية ينبغي أن تستثمر لصالح هذه الأقاليم. من جهة أخرى، لا ينبغي أن ننسى أن المغرب انخرط منذ سنة 2000 في خلق أقطاب جهوية، مثل جهة طنجة تطوان التي صارت من أكبر المناطق نموا، نفس الشيء بالنسبة للجهة الشرقية أو جهة سوس ماسة درعة... ولم نسمع من يتساءل لماذا التوجه إلى هذه الجهة دون الجهات الأخرى...
- لكننا نسمع دائما بانتقادات للدولة، بسبب الأفضلية الممنوحة لجهة الصحراء على عدة مستويات، بل البعض يذهب إلى الحديث عن حرمان مناطق شمال المغرب من خيراتها لصالح هذه الجهة، فضلا عن الإعفاءات الضريبية...
النموذج يطمح إلى استثمار أنجع للقدرات والإمكانيات المتاحة في هذه الأقاليم، والعمل على تشجيع القطاع الخاص، وتعبئة هذه الموارد في صندوق مخصص للدعم الاقتصادي والاجتماعي. النموذج يقترح كذلك إحداث نظام جبائي خاص بهذه الأقاليم، للخروج من منطق الإعفاء إلى منطق التحفيز الجبائي، حتى تكون هناك رؤية واضحة لأي مستثمر في هذه الأقاليم، حيث طالبنا بوضع نظام جبائي واضح ومستقر على مدى 20 سنة، من أجل تشجيع الاستثمار، إضافة إلى استغلال هذه الموارد الضريبية الجديدة أساسا في تنمية هذه الأقاليم.
- ألا تتخوفون من ردة الفعل التي يمكن أن تنتج عن حذف هذه الامتيازات التي استطاعت بها الدولة ضمان ولاء جزء كبير من النخبة والساكنة الصحراوية لسنوات عديدة؟
هذا هو الهدف من هذا النموذج، وهو أن نشرك كل الفعاليات في إطار من التعاضد والتضامن، وبالتالي كان النقاش واسعا، وتم طرح هذه التخوفات بقوة من طرف البعض، لكننا وصلنا في الأخير إلى نوع من التوافق، لأنه تبين أنه لا يمكن تنمية أي إقليم، دون أن يتم إشراك الجميع في المنافع من جهة، ومن جهة أخرى في المجهود التضامني من خلال الضريبة.
من جهة ثانية، اعتبرنا أنه اليوم ينبغي أن نخرج من المنطق الذي يعتمد فقط على الدعم، بل الأساس هو إدماج العائدين من المخيمات في الدورة الاقتصادية كفاعلين في المجتمع، يلعبون دورهم كاملا في المجتمع، وبالتالي فالمقاربة التي اقترحناها هي إحداث هيئة لاستقبال العائدين، وتقوية قدراتهم وإدماجهم اجتماعيا، من أجل أن ينخرطوا بقوة في المجتمع المغربي، وأن يشاركوا كفاعلين اقتصاديين واجتماعيين.
- هل تهدفون إلى إغراء الصحراويين في المخيمات بالعودة إلى المغرب وتعدونهم بالرفاهية التي تنتظرهم مقارنة بجحيم المخيمات؟
جلالة الملك أكد أنه لا يمكن أن نرهن مستقبل الساكنة في هذه الأقاليم بالمفاوضات حول مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، إذ بعد ست سنوات من المفاوضات، لم نصل إلى ما كنا نطمح إليه من حل نهائي لهذه القضية، وبالتالي كان لزاما علينا الاهتمام بالمواطنين والمواطنات في هذه الأقاليم، وهذا يعني أن الهدف من هذا النموذج لم يكن ترويجيا أو موجها للخارج، بل كان هدفنا هو تحسين ظروف عيش الساكنة في هذه الأقاليم...
- لكن لماذا لا يتم استغلال هذا النموذج من أجل ربح بعض النقط على المستوى الدولي؟
أيادي المغرب تبقى ممدودة للجميع، كما أننا اعتبرنا أن تطوير النمو في هذه الأقاليم سيمكنها من لعب دور رئيسي لنمو الاقتصاد الوطني، كما سيجعلها تلعب دور الجسر بالنسبة لدول إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة أن المغرب يعمل على التوقيع على اتفاقية التبادل الحر مع العديد من هذه الدول، وبالتالي يمكن أن تلعب دورا قويا مستقبلا للتبادل مع هذه الدول.
- أمام هذا النموذج الطموح يبقى السؤال المطروح هو ما يتعلق بالتمويل، فضلا عن موقع الحكومة في خريطة تنفيذه وتنزيله على أرض الواقع...
المجلس له دور استشاري، وبالتالي فوضع النموذج تم في هذا الإطار، وفي مرحلة الإعداد للنموذج تم الاستماع إلى كافة المتدخلين بمن فيهم ممثلي الحكومة، وهكذا شارك معنا العديد من الوزراء والكتاب العامين للقطاعات المعنية. ينبغي كذلك التذكير بأن العديد من الأمور التي وضعناها في النموذج تدخل في إطار رؤية مندمجة موجهة للمستقبل. كما لا ينبغي أن ننسى بأن هذا النموذج ليس مخططا تنمويا، بمعنى أننا لم نحدد ما ينبغي أن تقوم به الحكومة، واكتفينا بوضع التوجهات العامة على أساس أن وضع وتنفيذ المخططات والبرامج التنموية هي من اختصاص مجالس الجهات طبقا لنظام الجهوية المتقدمة، من خلال ممثلي الساكنة المنتخبين مباشرة.
- اقترحتم إحداث هيئة عليا تنسيقية بين القطاعات، ما هو تصوركم لهذه الهيئة؟ وما هو موقع الصحراويين المعنيين داخلها؟
التصور الذي جئنا به يهدف أساسا إلى جعل المجالس الجهوية، أي ممثلي السكان في الأقاليم الجنوبية، هي المسؤولة عن تدبير مستقبل المنطقة، من خلال استشارة ما سميناه هيئات تداولية، يكون فيها الفاعلون الاقتصاديون والمهنيون والمجتمع المدني والأعيان في إطار التشاور، كما ستكون لهم وكالات تنمية على مستوى كل جهة لتطبيق هذه البرامج.
وكما جاء في الدستور، فإن السلطة المحلية الممثلة في الولاة سيلعبون دور المساعد، من أجل إنجاز هذه المشاريع، في إطار اللاتمركز. كما لاحظنا أن الإشكال المطروح بحدة يكمن في البعد العمودي للسياسات القطاعية دون أن تكون هناك اندماجية، مما كان يستنزف إمكانيات مهمة دون الوصول إلى الأهداف المرسومة، وبالتالي اقترحنا إحداث هيئة عليا تقوم بالتنسيق بين هذه السياسات القطاعية. كما دعونا إلى التنزيل الترابي للسياسات القطاعية في هذه الأقاليم، وهو ما يتطلب عملا تنسيقيا ومندمجا، فضلا عن تتبع وتقييم ما يتم إنجازه.
- يبدو أنه تم إغفال مسألة التفاوض مع جبهة البوليساريو... لنفترض أن المغرب توصل خلال السنوات المقبلة إلى اتفاق مع الجبهة وتم تطبيق الحكم الذاتي، ماذا سيكون مستقبل المشروع في ظل هذا التحول؟
هذا المشروع سيلعب دورا أساسيا، بحكم أنه سيساهم في تهييئ المناخ المناسب للحكم الذاتي، حيث إن الجهوية المتقدمة ستساهم في تأهيل الساكنة لأخذ قراراتها بنفسها، وتأهيل النخب الجهوية الضرورية على جميع المستويات بالنسبة للحكم الذاتي، فضلا عن باقي الشروط الأخرى الضرورية لإنجاح هذا المخطط، وبالتالي فهذا النموذج سيلعب دورا هاما في هذا الاتجاه.
- إذا كان النموذج التنموي المقترح متكاملا على المستوى النظري، فما هي الضمانات المقدمة من أجل ضمان إنجاحه وتنزيله على أرض الواقع، حتى لا يكون مصيره مثل مصير المخططات التنموية السابقة؟
حتى نكون واضحين، فلم يكن هناك في السابق نموذج تنموي متكامل ومندمج في الأقاليم الجنوبية. كل ما كان هنالك هي مخططات قطاعية تفتقر إلى الالتقائية. الضمانة الكبرى لتنزيل هذا المشروع هو ما جاء به الخطاب الملكي، والذي أكد على ضرورة تفعيل هذا النموذج على أرض الواقع بعد إغنائه وتطويره. كما أن هذا النموذج تم إنجازه بفضل الآراء واقتراحات الساكنة من خلال من مثلوها في هذه اللقاءات، وهذا في حد ذاته مكتسب، لأنه أصبح الآن ملكا للساكنة المحلية، وأستطيع أن أقول من خلال الجولة التي قمت بها رفقة أعضاء المجلس، أن السؤال الذي ظل يطرح دائما من قبل السكان هو متى سينطلق هذا النموذج، وكيف سيمكننا المشاركة فيه والاستفادة منه. هناك كذلك إرادة المنتخبين الذين تفاعلوا إيجابا مع النموذج، وشددوا على ضرورة تنزيله على أرض الواقع، فضلا عن إرادات الفعاليات السياسية والاقتصادية والمجتمع المدني، والتي ساهمت جميعها في إعداد هذا النموذج، في إطار ما تقتضيه قواعد الديمقراطية التشاركية.
- بعيدا عن موضوع الصحراء، ما هي أهم التحديات المطروحة اليوم على المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كهيئة استشارية إلى جانب الحكومة؟
ينبغي التنويه بما تم القيام به، لأنه خلال سنتين حصلت هناك تراكمات مهمة جعلت المجلس يحظى بثقة على الصعيد الوطني والدولي، وخير دليل على ذلك أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي للدول الفرانكوفونية اعتمد الميثاق الاجتماعي الذي أعده المجلس، ونحن انطلقنا في تقديمه إلى العديد من الدول الإفريقية، وهو ما يدخل في إطار الدبلوماسية الموازية. المجلس كانت له مساهمة أيضا في تقييم اتفاق التبادل الحر الذي تم بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وقد كانت فرصة كذلك لتقديم آرائنا التي تم أخذها بعين الاعتبار.
- اليوم نعتبر أن المجلس وصل إلى المرحلة التي ستمكنه من لعب أدوار أخرى، من خلال تقديم استشارات وإبداء الرأي من أجل التوصل إلى نوع من التوافقات في العديد من القضايا والاختيارات الاستراتيجية المطروحة على الصعيد الوطني. مقابل هذه الإنجازات، هناك انتقادات موجهة للمجلس، خاصة على مستوى عدم وضوح الاختصاصات، فضلا عن العدد الكبير للأعضاء، واللجوء إلى منطق ترضية الأحزاب والنقابات في الاختيار .
يجب أن نعلم أن الكل يتحدث اليوم عن النموذج المغربي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، علما أن المجلس يقدم تقريرا شهريا، ما يعني أن هناك عملا جديا يبذل في هذا المجال، كما أن هياكله تشتغل وتجتمع بكيفية منتظمة طبقا لنظامه الداخلي.
أما فيما يخص تركيبة المجلس، فقد جاءت بكيفية متوازنة تراعي التعدد والتنوع الذي تعرفه القوى الحية في بلادنا، الشيء الذي جعل الحكومة والبرلمان بمجلسيه يبقيان على نفس التركيبة في القانون التنظيمي الجديد، وهذا يؤكد على أن التوجه الذي سار عليه المجلس كان في الاتجاه الصحيح.
- لكن هذا لا ينفي بأن عدد أعضاء المجلس مبالغ فيه شيئا ما...
بالنظر إلى حجم التحديات المطروحة على المجلس، فأنا أرى بأن عدد الأعضاء يبقى عاديا، حتى نستطيع تمثيل كافة الآراء الموجودة داخل المجتمع المغربي. عند تأسيسه كان وما يزال سليما ومستداما.
- وماذا عن الأجور والتعويضات الضخمة التي يتقاضاها أعضاء المجلس؟
من بين الإبداعات الخالصة للمجلس، هي أن تعويضات الأعضاء مرتبطة بالحضور والمشاركة والإنتاجية. فمن يتغيب من الأعضاء لا يتقاضى أي تعويض. وتبقى التعويضات بالمجلس أقل بكثير من التعويضات المعمول بها في العديد من المؤسسات الدستورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.