كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوم الجمعة الماضي بالرباط عن النموذج التنموي في المناطق الجنوبية، الذي يتطلب اعتمادات مالية تصل إلى 140 مليار درهم على امتداد عشر سنوات. وأكد نزار بركة رئيس المجلس في لقاء صحفي، أن "هذا النموذج يعتمد على أربعة محاور رئيسية، وهي التنمية البشرية الشاملة والدائمة، ومشاركة الفاعلين الممثلين للساكنة المحلية في كل مراحل وضع تصورات وتطبيق برامج تنمية الجهة، واحترام حقوق الإنسان الأساسية للمواطنين، وتقوية مكانة الدولة ودورها في التقنين كضامن لتطبيق القانون. وأضاف بركة، أنه سيتم تنزيل برنامج ضريبي، ثم إجراءات تحفيزية لتشجيع الاستثمارات في الجهة، وخلق منطقة صناعية بالعيون. وحدد المجلس، أهداف النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، في إقرار رؤية ومبادرات تشاركية وإدماجية مستندة إلى حكامة مسؤولة، ويروم هذا النموذج، إحداث تحولات ضرورية من أجل إطلاق دينامية حقيقية مبنية على التعاون والتضامن الاقتصادي وتوطيد العلاقات الاجتماعية. ومن التحولات الأخرى التي شكلت عناصر التشخيص، الذي أنجزه المجلس، هناك جوانب تتعلق بتعويض السياسات الاجتماعية الحالية باستراتيجية مندمجة للتنمية البشرية، والقطع مع استراتيجية المدى القصير، واعتماد مبادئ وضوابط الاستدامة، وفك العزلة عن الأقاليم الجنوبية، وكسب رهان الجهوية المتقدمة. وحسب المجلس فإن ذلك من شأنه مضاعفة الناتج الداخلي الخام في أفق 10 سنوات القادمة، وخلق 120 ألف فرصة شغل جديدة، وتخفيض نسبة البطالة إلى النصف بالنسبة إلى الشباب والنساء، وجعل الأقاليم الجنوبية مدارا محوريا بين المغرب الكبير وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وخصوصا من خلال تكتل اقتصادي بحري ومخطط لشبكات الربط قائم على تطوير طرق سيارة ناقلة للطاقة الكهربائية وبناء الطريق المدارية الساحلية وطريق الصحراء، ودعم شبكة الموانئ والنقل البحري والجوي وإحداث قاعدة للإعداد الرقمي للمجال الترابي وقواعد لوجستيكية وتجارية. فضلا عن التعاون في مجالات التربية والتكوين المؤهل والتعليم العالي والصحة والبحث العلمي التطبيقي. من جهة أخرى يقترح المجلس، في هذا النموذج، إجراء عدد من التحولات الهامة المعتمدة على عناصر التشخيص الذي أنجزه المجلس في تقريره المرحلي الصادر في مارس 2013، والمستقاة من مجموع وجهات النظر التي عبر عنها أعضاؤه والأطراف المعنية التي تم الاستماع إليها خلال الأشهر العشرة التي خصصت لإعداد هذا النموذج. ومن هذه الاقتراحات، التأكيد على أهمية استعادة الثقة بين المجتمع والدولة عبر تشجيع مشاركة السكان، وضمان سمو القانون، وضمان الولوج إلى العدالة من خلال دعم المؤسسة القضائية وضمان القرب. كما يقترح المجلس القطع مع سياسة الريع عبر تحرير المبادرة الخاصة، وهذا يتطلب حسب المجلس خلق دينامية جديدة للنمو وتنويع الاقتصاد من خلال دمج عناصر جديدة وتشجيع روح المبادرة عبر رفع العوائق التي تحول دون تمويل الفاعلين الصغار والمتوسطين، فضلا عن بلورة آليات تتمثل في جانب منها في إحداث أقطاب اقتصادية كبرى تساهم في تثمين المؤهلات التي تتوفر عليها الأقاليم الجنوبية.