مسؤول عربي يصرح بأن لإسرائيل الحق في مراقبة معبر رفح بحكم أنها دولة احتلال مع أن المعبر يوجد على حدود دولته هو اعتبر ايهود باراك ما قام به جيشه في قطاع غزة عملا بطوليا يدعو إلى الفخر والاعتزاز، ووصف جنوده المستمتعين بسفك الدماء والذين حققوا نجاحا باهرا في قتل الأطفال بالرجال الذين يستحقون الثناء، يثير اشمئزازا لا يوازيه في درجته سوى مسارعة نمر حماد، مستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إلى القول إن حركة المقاومة الإسلامية حماس شريكة في الجريمة الصهيونية في حق سكان القطاع، قبل أن يلتحق به آخرون ويلقون بالمسؤولية على عاتق المقاومة الفلسطينية، في محاولة يائسة منهم لإبراء ذمتهم مما شهد عليه العالم كله. وذلك هو نفس الطرح الذي تضمنته المنشورات التي كان الطيران الحربي الصهيوني يلقي بها على سكان غزة لعلهم ينفضون من حول مقاومتهم الشريفة، ثم أتيحت الفرصة لكي نسمع لأول مرة أن المقاومة تفني شعبا كما قال أبو مازن، إذ ما كنا نعرفه هو أن في المقاومة حياة للشعوب. وفي حقيقة الأمر يحار المرء أن يقرر أي الأمرين أكثر انحطاطا وخزيا ونذالة، أهو الافتخار بارتكاب الجريمة أم التنصل من الانتماء إلى شعب اختار المقاومة كآخر ممارسة متاحة له بعدما سدت في وجهه كل سبل الحياة. للصورة الآن معالم جديدة: مسؤول عربي يصرح بأن لإسرائيل الحق في مراقبة معبر رفح بحكم أنها دولة احتلال، مع أن المعبر يوجد على حدود دولته هو، ويسخر صحفيون «سلطتهم» الرابعة للانتصار والثأر لكرامة الزعماء التي تم المس بها وصورتهم التي وصلت إلى الحضيض في خضم فورة الغضب العامة في أوساط الشعوب العربية، ويمنع المواطنون في أماكن من الوطن العربي الكبير والضيق في الآن نفسه من التظاهر والإحتجاج بعد أن تم تأميم الحزن، وتتهم جمعية «بتسليم» الجيش الإسرائيلي بالكذب وتلفيق التهم ضد حماس وخرق القانون، ويتظاهر إسرائيليون ضد حكومتهم، ويحرق حاخام يهودي جواز سفره تعبيرا عن خجله من الانتماء إلى دولة مجرمة، وتخرج المسيرات في فرنسا وإسبانيا والسويد ونيوزيلاندا وبلجيكا وبريطانيا والأرجنتين وغيرها من دول العالم، وتطالب نائبة رئيس البرلمان الأوربي بعدم التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون، وتسحب فنزويلا سفيرها لدى الدولة الصهيونية، مع أنها لم تكن لتلام لو لم تفعل.. من معكم أيها الفلسطينيون ومن ضدكم في هذه الصورة التي تغير فيها كل شيء إلا أنتم؟ نعم، إلا أنتم، فما زلتم واقفين على أقدامكم كأشجار الزيتون الرومية القديمة قدم تاريخ الكنعانيين الذين كانوا في الأرض كما تحكي التوراة نفسها، وما زلتم شامخين كأسوار القدس العتيقة، وما زلتم حاضرين على أرضكم لا تغادرونها كعطر الليمون الحاضر في هواء حيفا.. لا يغادره، وما زالت دماؤكم تجري فوق التربة كما جرت دماء أسلافكم في كفر قاسم وقلقيلية وتل الزعتر ودير ياسين والطنطورة وجنين... وهل هناك بقعة لم تسطر توقيعها في سفر الكرامة؟ أنتم ما تغيرتم، ولكننا تغيرنا، أو ربما لم نتغير نحن كذلك، فقد كنا نشجب ومازلنا، وكنا نستنكر ومازلنا، وكنا ندين وما زلنا، سواء أكان ذلك نكبة أم نكسة أم اسما آخر سنطلقه على الإبادة التي يتعرض لها الناس في غزة. إننا نحمل على كواهلنا حملا ثقيلا: لائحة طويلة جدا مما يمكنكم أن تؤاخذونا عليه. لذلك نطلب منكم أن تسامحونا. سامحونا لأن بيننا من يبرر حصاركم، ويدافع عنه باسم القانون الدولي، ويمنع عنكم الغذاء والدواء، ويهيئ رقابكم لسكين الجزار، ثم يستعد لإقامة جنازة تليق بمقامكم. سامحونا لأن بيننا من يدعوكم إلى سلام كيفما كان، وهو لم ير قط خريطة لفلسطين، ولم يدرك يوما أن القدس والخليل وبيت لحم تحمل الكثير مما لا يمكنكم التخلي عنه. سامحونا لأن بيننا من يسخر من أسلحتكم ومن الأيادي الطاهرة التي تحملها، وهو لا يملك أصبعين يرسم بهما شارة نصر ولا أصبعا واحدا يضغط به على الزناد. سامحونا لأن بيننا من يطلب من الحاكمين محاربة أعدائكم، وعندما يرفضون يتهمهم بالجبن، في حين أنهم ليسوا جبناء، فقط هم لا يرون أنكم تستحقون أن يضحوا بصداقاتهم من أجلكم. سامحونا، فإن بيننا من يتمنى هزيمتكم، ويأسف لأنكم صمدتم أكثر من ستة أيام. سامحونا لأن بعض «علماء» الأمة أفتوا بمنع المظاهرات والاحتجاجات والمسيرات لكنهم لم يبينوا لأمتهم حكم الشرع في خذلان الإخوة. سامحونا لأننا نروي لأبنائنا بعضا من ملامحكم، ونصف لهم جراحاتكم، ونغضب أمامكم، لكننا لا ندري جوابا حين يسألوننا في براءة: لماذا لا نساعدهم؟ سامحونا لأننا طالما رددنا: بالروح بالدم نفديك يا فلسطين، ولما حانت لحظة الفداء أخلفنا الوعد. سامحونا لأننا لم نجد سوى أن نحتج ونتظاهر ونرفع اللافتات في شوارع مدننا ولو أن احتجاجنا لا يحقن دما ولا دمعا من عين من فقدوا صغارهم غدرا. وكلما اشتدت غزارة دمكم المراق اشتدت حرارة احتجاجنا فقط. سامحونا لأننا لم نكسر أغلالنا بعد، لذلك ستنتظرون طويلا قبل أن نهب إلى نجدتكم. سامحونا، فقد نلنا بكم شرفا إذ تنتمون إلينا وننتمي إليكم، لم نبادلكم تشريفا بتشريف. نرجوكم سامحونا. فكيف بنا إذا لم تفعلوا وقاضيتمونا أمام رب العالمين. لكن عندي اليقين أنكم ستسامحوننا، إذ ماذا سيمثل لكم الجود بالعفو على أمثالنا وأنتم اعتدتم الجود بأرواحكم؟ أيها الفلسطينيون.. معذرة.