إن أحد أسباب البرود والتنكر اللذين يهبان من قبل الجمهور الأردني نحو إسرائيل هو خيبة الأمل من "ثمرات السلام". حينما وُقع على معاهدة السلام، أعلن الطرفان على رؤوس الأشهاد نيتهما إنشاء مشاريع مشتركة في مجالات الاقتصاد والبنى التحتية، كان يُفترض أن ترفع مستوى الحياة في الأردن، ولم يتحقق شيء من ذلك. ويوجه البروفيسور شمعون شمير، الذي كان سفير إسرائيل في الأردن، في كتابه "صعود وتهاوي السلام الحار مع الأردن"، إصبع الاتهام إلى حكومات إسرائيل "التي لم تعمل بجدية على تحقيق الحلم" الذي كانت تنطوي عليه معاهدة السلام. كان أحد المشاريع المهمة الذي بادر إليه رئيس الوزراء إسحق رابين مطارا مشتركا. وقد أثار رابين بحضرة الملك حسين، حتى قبل التوقيع على اتفاق السلام، اقتراح توحيد المطارين في إيلات والعقبة ليصبحا مطارا مشتركا يعتمد على المطار في العقبة ويكون اسمه "السلام". وأيد الحسين الخطة بحماسة. ولم يُنفذ هذا المشروع أيضا، وكان من أسباب ذلك معارضة عمال المطار في إيلات وأصحاب الفنادق في المدينة، الذين خشوا ألا ينتقل المسافرون الذين سيهبطون في العقبة إلى إيلات. ولم يُجدِ تأييد أربعة رؤساء وزراء للمشروع وتُركت الفكرة في نهاية الأمر. وكتب البروفيسور شمير يقول: "أصبح المشروع أثرا بعد عين وإشارة إلى فشل حلم المشاريع كله". لكن، يبدو أنهم في إسرائيل لم يتعلموا من تلك التجربة أو أن العلاقات بالأردن لا تهم أحدا وإلا فإنه يصعب أن نفهم القرارات الغامضة في شأن إنشاء مطار "رمون" في منطقة تمناع. في يوليوز 2011، استقر رأي الحكومة على إنشاء مطار دولي شمالي إيلات، وفي 9 ماي من هذا العام أُقيمت مراسيم وضع الحجر الأساس. وإذا تجاوزنا المس بكرامة الأردنيين والقضاء على المشروع المشترك بين إيلات والعقبة، فإن ذلك العمل تم دون تنسيق مع الأردنيين. ويُحتاج إلى التنسيق حتى لو كان ذلك لكون المطار المخطط له قريبا جدا من مطار العقبة، ومن غير تنسيق بين مسارات الوصول إلى المطارين قد تنشأ مشكلات أمنية شديدة. إن التوجه المستكبر لأصحاب القرار في إسرائيل، رأى أنه لما كان المطار سيُجعل داخل إسرائيل، فلا حاجة إلى تنسيق. "وإلى ذلك"، زعم على مسامعي في هذا الأسبوع عنصر رفيع المستوى في وزارة النقل العام، "لماذا يجب علينا أن نُنسق معهم، إن الأردنيين لم يروا أي داعٍ إلى أن يُنسقوا مع إسرائيل في بناء المطار الأردني بالعقبة". وهذه ملاحظة داحضة لأنهم بدؤوا يبنون مطار العقبة قبل التوقيع على معاهدة السلام بنحو ثلاثين سنة. تأثر الأردنيون إلى درجة أنهم شذوا قبل نحو شهرين عن عادة ضبطهم للنفس وأعلنوا معارضتهم الشديدة لبناء المطار في مكانه الحالي. ويزعم الكابتن محمد أمين الكوران، الذي يترأس لجنة الرقابة على الطيران المدني في الأردن، أنه "حينما علمنا بموقع المطار الإسرائيلي الجديد، أدركنا أن الحديث عن مشكلة. حسب التفاصيل الموجودة لدينا، فإن الخطة لا تصمد للمعايير الدولية؛ فالمسافة بين المطار الدولي الأردني في العقبة والمطار الذي تريد إسرائيل بناءه غير كافية، وقد تُعرض للخطر الطائرات والركاب من الطرفين". وقال: "رفضنا الموقع الذي أرادت إسرائيل أن تُقيم فيه المطار، وأبلغنا الجانب الإسرائيلي، لكن يبدو أنه لم يقبل رأينا". وجاء عن متحدث وزارة النقل العام قوله: "في الأحاديث التي تمت في الفترة الأخيرة مع الأردنيين، تم الاتفاق على استمرار اللقاءات والتنسيقات لاستعمال المطارين في تمناع والعقبة". يحسُن أن يبدؤوا في ديوان رئيس الوزراء النظر في هذه القضية، فلم يبق لدينا أصدقاء كثيرون في المنطقة، وسيكون من المؤسف أن تُبعد عنا عجرفة المشتغلين في إنشاء المطار واحدةً من آخر صديقاتنا. عن «هآرتس»