الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية مصطلحان للتعبير عن ظاهرة مازالت تثير المزيد من الجدل في المغرب.جدل حقوقي وأخلاقي وثقافي بالأساس.ولعل الجديد ليس في الموضوع بحد ذاته إنما في الطفرة التي حققها أخيرا من خلال الجدل الإعلامي الذي أثاره بعض “نشطاء هذه القضية” الأمر الذي تزامن تقريبا مع إنطلاق فعاليات موسم سيدي علي بن حمدوش الذي صار قبلة اللواط في كل سنة. ومن مكر المصادفة أن يتزامن الاحتفال الطرقي بسيدي علي الذي يشهد تحركات سنوية للشواذ مع عيد المولد النبوي الشريف وما له من رمزية في نفوس المغاربة والمسلمين.”المساء” تفتح النقاش من جديد، من خلال هذا الملف، لتقلب صفحاته الثقافية والحقوقية.المعالجة بدأت من تغطية كواليس الموسم ومرت باستجواب أحد المهتمين بالدراسات الاجتماعية والنفسية لتنتهي بمساءلة حقوقيي المغرب حول ارائهم المرتبطة بالموضوع من الزوايا التي تعنيهم. يقول أتباع الزاوية إن سيدي علي بن حمدوش تأثر بالشيخ بوعبيد الشرقي. كما تأثر أيضا بالشيخ الإمام الجازولي. وعندما أنهى دراسته بفاس رحل إلى منطقة زرهون، ليقيم فيها خلوته لكن يبدو أن تطور المجتمع المغربي سوسيولوجيا في ظل عالم معولم جعل الولي الصالح رمزا وقبلة لممارسات مرفوضة اجتماعيا وأخلاقيا يقدم الحمدوشيون وليهم على أنه ولي صالح درس العلم في القرويين بفاس وحفظ القرآن في سن مبكرة. وينتمي سيدي علي بن حمدوش إلى قبيلة بني عروس بوزان. انتقل إلى مدينة فاس بعد إتمام حفظ القرآن ودرس في جامع القرويين مختلف أصناف العلوم، وخصوصا منها الفقه وأصوله. وكان أهل فاس، طبقا لإفادة أحد أعضاء رابطة الحمدوشيين، يشهدون له بالورع والتقوى. وكان لديه ورد خاص به يقال إنه كان يردده 18 ألف مرة في اليوم. وعندما أتم دراسته بدأ يجلس في باب الشماعين بفاس، في إطار ما يطلق عليه المتصوفة ب«الخلوة»، مخصصا أغلب وقته لترديد الأذكار. وكان يلقي الدروس بجامع القرويين. ويورد مسؤولو الزاوية أن سيدي علي بن حمدوش تأثر بالشيخ بوعبيد الشرقي. كما تأثر أيضا بالشيخ الإمام الجازولي. وعندما أنهى دراسته بفاس رحل إلى منطقة زرهون، ليقيم فيها خلوته. وتجهل الأسباب التي دفعت شيخ الحمدوشيين إلى اختياره الاستقرار بهذه المنطقة. وأقام الشيخ خلوته في مدشر يعرف حاليا بمدشر القليعة. ويذهب الحفدة إلى أن لشيخهم كرامات. كما يفتخرون بأن علماء فاس كانوا يأتون لزيارته والاستفادة من علمه وأخذ بركته. وتوفي قبل أن يتوفى السلطان العلوي مولاي اسماعيل. وأشرف هذا الأخير على بناء ضريح له في مدشر بني راشد في المنطقة ذاتها. وعاش شيخ الحمدوشيين حياة العزوبة. ولم يترك أي أبناء. لكن الحمدوشيين غالبا ما يتفادون إثارة مثل هذه المواضيع المتعلقة بحياته الشخصية، ويفضلون التطرق لبركاته وأوراده. ويقول هؤلاء إن المعطيات حول هذه الحياة الشخصية لشيخهم تظل متضاربة. لكنهم يشيرون إلى أن له حفدة هم أبناء أخيه، ويجهل كذلك ما إذا كان له أخ أم لا. ويعود الفضل في بناء زواية له بالمنطقة إلى حرفيي الصناعة التقليدية بفاس، الذين كانوا، في أغلبهم من مريدي هذا الشيخ، في تلك الفترة، ويقول أحد أعضاء رابطة الشرفاء الحمدوشيين إن هذه الزاوية قامت، عبر تاريخها، بأدوار اجتماعية ودينية. فهي تضم مسجدا تقام فيه الصلوات، كما تضم فضاءات تردد فيها الأوراد وتقام فيها ليال للذكر من قبل الأتباع. ويستفيد الفقراء والمساكين والمحتاجون من مداخيل هذه الزاوية، طبقا لإفادة بعض حفدة سيدي علي بن حمدوش. ولخلق الفرجة، عمد الحمدوشيين إلى الاستعانة ببعض الآلات الموسيقية لمواكبة الأذكار. ومن هذه الآلات الغيطة والهرز والكنبري والتعريجة. وعادة ما يتماشى إيقاع هذه الآلات مع خصوصيات النطق في كل جهة. وبالرغم من أن للزاوية فروعا في بعض المدن المغربية كطنجة ومكناس المركز وتطوان وفاس والجديدة وأزمور وآسفي والصويرة ومراكش، فإن المصادر تقول إن بعض فروع الحمدوشيين بدأت تغلق أبوابها أمام تراجع الأتباع. هذا في الوقت الذي يسجل فيه إقبال على زوايا أخرى، تأتي البودشيشية في مقدمتها. لم ينتظر الحمدوشيون الكثير من الوقت لكي يبدؤوا في ارتياد الفضاء للاحتفال بموسمهم، لأن المريدين قرروا، سنين فقط بعد رحيل الشيخ، اعتماد الموسم الذي لا يزال مستمرا إلى حدود اليوم، لكن بظواهر وطقوس أخرى. طقوس يصفها بعض أعضاء الرابطة، الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، ب»الشوائب»، ويقولون إن زاويتهم منها براء، مضيفين أن هذه الزاوية التي ساهمت في نشر الإسلام لا يمكنها أن تقبل بأن تتحول إلى محج للعرافات والشواذ. لكنه، وبالرغم من هذه التصريحات الرافضة لربط الحمدوشية بالشواذ، فإن الواقع يقدم رواية أخرى. الحمدوشيون يعتبرون أن شجرة للا عيشة هي سبب «المحنة» التي تعانيها هذه الزاوية بسبب الانتقادات الموجهة إليها. للا عيشة شجرة كانت في البداية موجودة بالقرب من الضريح. لكنه تم نقلها بعد ذلك إلى أعلى المنطقة، لكي تحتضن أولى الطقوس الغريبة التي يقوم بها زوار الموسم بمجرد وصولهم. والشجرة ليست مزارا للشواذ فقط، وإنما يحج إليها عدد كبير من الزوار، ضمنهم حتى بعض أكابر القوم الذين يأتون من الرباط والدار البيضاء ومدن أخرى للتبرك بالشجرة، وذلك تنفيذا ل«توجيهات» عرافات. وطبقا للرواية الشفوية المتداولة، فإن الشواذ يحرصون على زيارة هذا الموسم نظرا إلى كونهم يتمثلون أسطورة للا عيشة ويعتبرونها بمثابة جدتهم. وتحكي هذه الأسطورة أن للا عيشة كانت نائمة في بيتها ذات ليلة قبل أن تفاجأ بأحدهم يقتحم عليها خلوتها لاغتصابها، فبدأت في الصراخ. وتحولت، بقدرة خارقة، إلى رجل بلحية وأعضاء تناسلية ذكرية. وتدر هذه الشجرة مداخيل كبيرة على المكلفين بتدبير شؤونها، خلال كل موسم، فبالقرب منها تذبح الهدايا التي يؤتى بها أو تشترى في عين المكان، وتهدى لها الشموع والأموال. وبالقرب من الشجرة «مجزرة» تذبح فيها الهديا وتعد للبيع مباشرة، في غياب أي شروط صحية تذكر. وتجري الدماء في المكان، ويعمد بعض الزوار، وخصوصا النساء منهم، إلى التبرك بها. ويحاول الحمدوشيون انتقاد هذه الشجرة والطقوس المواكبة لها، لكن مع ذلك، فإن رابطتهم هي المسؤولة عنها. والمكان يتبع لنفوذ الزاوية، وهي الجهة التي تعمد إلى كراء الفضاء لمتعاقدين خواص، مقابل مبالغ مالية تصل إلى حوالي 40 مليون سنتيم في كل موسم. ويرى أحد أعضاء هذه الرابطة بأن بوادر ما يسميه ب«الشوائب» لم تظهر إلا في حدود الثمانينيات من القرن الماضي، و»هي الفترة التي بدأ فيها البيع والشراء والشعوذة وأخذ فيها الشواذ يأتون إلى الموسم». ويقول المصدر ذاته إن الشوافات في هذه الفترة اكتشفن وجود الموسم وسمعن بالشجرة، فبدأن في إرسال زبنائهن إليها، كاستراتيجية لجمع المزيد من الأموال. في حين تتحدث بعض المصادر عن وجود «تعاون» بين أطراف في المنطقة وبين عرافات يقضي بتشجيع الزبناء على ارتياد المنطقة لأخذ بركة الشجرة. وليس الشواذ وحدهم من يأتون للتبرك، ففي مثل هذه المواسم ينتعش سوق الدعارة، كما تنتعش اللصوصية. وإلى جانب هذه المظاهر، هناك العشرات ممن سدت أمامهم الأبواب، فقرروا الالتجاء إلى الموسم لأخذ البركة لعل «التابعة» تزول ولعل الكرب يفرج. أما العانسات فأعدادهن كثيرة. وأغلبهن يقصدن، بعد زيارة الشجرة، «عين كبير»، عين لها بدورها قصتها وطقوسها. هذه العين، يقول أحد حفدة سيدي علي بن حمدوش، كان الشيخ يتوضأ منها. وكانت، إلى جانب ذلك، هي التي تزود المنطقة بالماء الصالح للشرب. ويبدو أن الزوار كانوا يتبركون بها نظرا إلى كون الشيخ كان يتوضأ منها. لكن بعد ذلك، تطور الأمر إلى طقوس أخرى. خيام كاشفة ملتصقة في منحدر على بعد بضعة أمتار عن الضريح، وصفوف متراصة من النساء والفتيات وحتى الذكور، في انتظار أن يحين دور كل منهم لاغتسال الذي يقال إنه يذهب «العكس» ويبعد الشرور عن المتطهر في هذه العين التي قررت السلطات تجميدها في سنة 1995 ، وذلك بعد إصابة حوالي ثلاثة زوار بمرض الكوليرا، الأمر الذي أدى إلى وفاتهم. وترجع المصادر سبب تفشي هذا المرض الخطير في هذه العين إلى دماء «المجزرة» التي تختلط بالفرشة المائية، وذلك في غياب ربط هذه المجزرة بقنوات الصرف الصحي. السلطات قررت تعويض ماء العين «المباركة» بماء المكتب الوطني للماء الصالح للشرب. ومع ذلك، فقد استمر توافد العشرات من الزوار على هذه العين للتبرك والاغتسال. الحمدوشيون، الذين أسسوا رابطتهم في سنة 2006، لهم كذلك انتقادات يوجهونها إلى المجلس القروي بجماعة المغاصيين والتي يتبع لها الضريح. فإلى جانب مشكلة «الباطوار»، هناك كذلك ما يسمونه بغياب البنيات التحتية في هذه الجماعة. فالمنطقة لا يوجد فيها أي مستوصف، وتكتفي ساكنة المنطقة التي تناهز حوالي 4000 نسمة، بخدمات الهلال الأحمر المغربي. كما أن المنطقة تفتقر إلى فنادق وغيرها من بُنى استقبال من شأنها أن تحتضن الأعداد الهائلة من الزوار التي تفد إلى الموسم كل سنة والتي تتراوح في بعض الأحيان ما بين 70 و80 ألف زائر في اليوم الواحد، يقول المصدر.