في الوقت الذي خطا فيه المغرب خطوات كبيرة نحو الأمام في مسلسل تنمية الأقاليم الجنوبية -من خلال إطلاق المخطط الجديد للتنمية الذي يقوم أساسا على القطع مع اقتصاد الريع، وتمكين فقراء الجنوب والصحراويين العائدين من مخيمات تيندوف من مساعدات مالية بدل المساعدات الغذائية المعتمدة حاليا، بالإضافة إلى كسب رهان الجهوية المتقدمة وتنويع الأنشطة الإنتاجية في اقتصاد المنطقة- يصر البعض على معاكسة هذا التوجه ويلح على ضرورة الإبقاء على منطق الريع حفاظا على مصالح شخصية ضيقة. إن منطق الريع الذي ظلت تتعامل به الدولة لسنوات مع الأقاليم الجنوبية لم يخدم المنطقة بتاتا، فقد خلق، ضدا على الأهداف المسطرة، «أباطرة للصحراء» استفادوا من الوضع الاعتباري لتلك الأقاليم من أجل مراكمة الثروات الطائلة على حساب شريحة واسعة من الصحراويين البسطاء الذين كانوا الأحق بالاستفادة من دعم الدولة. اليوم، تغيرت الأمور؛ وأسلوب «العصا في الرويضة»، الذي ينهجه بعض المدافعين عن مصالحهم الشخصية في الصحراء، لم يعد مجديا، خاصة بعدما استوعب كل الصحراويين أن الوسيلة الوحيدة لتحقيق التنمية والتشغيل في المناطق الجنوبية هي القطع مع الريع ونهج سياسة بديلة تضمن توزيعا عادلا للثروة؛ فليس عيبا أن تستفيد شريحة من الفقراء المعوزين في الصحراء من دعم الدولة، ولكن العيب أن يتحول هذا الدعم إلى جيوب بعض المقامرين بقضية أقاليمنا الصحراوية.