ينعقد المعرض الدولي للكتاب بباريس في دورته التاسعة والعشرين ما بين 13 و18 مارس. وتتميز هذه الدورة باستقبال ضيف مميز ألا وهو المكسيك الذي يعرف حضورا قويا في المشهد الثقافي الفرنسي بفضل الترجمة لأعلام مكسيكية عالمية لها شعبيتها لدى القراء الفرنسيين وتحظى بمتابعة نقدية. ما أن أفرغت جنبات وأروقة حديقة المعارض الواقعة ب«بورت دو فيرساي» من الأبقار والخيول والماعز وروائح الجبنة والسوسيس بعد انعقاد المعرض الدولي للفلاحة، حتى اصطفت الرفوف تعلوها الكتب، وزعت الأجنحة، علقت اللوحات والجداريات، وصور الكتاب من المكرس منهم والمبتدئ، لاستقبال المعرض التاسع والعشرين للكتاب الذي ينعقد من 13 إلى 18 مارس، باستقبال ضيف مميز، ألا وهو المكسيك. فلا خوف على المكسيك ولن يحضر لكماندار ماركوس للتشويش على فعاليات المعرض مثل ما حدث العام الماضي مع فضيحة استقبال المعرض لإسرائيل وما خلفه هذا الإجراء من ردود فعل سيئة في العديد من الأوساط الثقافية، المكتبية والمهنية بالنظر إلى المنحى السياسي الذي أعطي للدورة، والذي تزامن مع خمسينية نشأة الدولة العبرية.. إن كانت أحد مقاييس استضافة وتكريم هذا البلد أو ذاك تقوم على عامل الترجمة وحضور آدابه وثقافاته في المشهد الثقافي الفرنسي، فإن المكسيك كغيره من بلدان أمريكا اللاتينية يحظى برؤية لا غبار عليها في رفوف المكتبات وفي وسائل الإعلام الفرنسية. خوان رولفو، أوكتافيو باث، كارلوس فوينتيس، خوسي آغوستين، خوسي إميليو باتشيكو، فيرناندو ديل باسو، باكو إيناسيو تايبو الثاني، هي أسماء بمكانة عالمية. ولها لدى قراء الفرنسية شعبية بالغة بحكم المرافقة بترجمة النصوص ومتابعتها نقديا. تحت تيمة «فسيفساء من التعدديات» يحضر إذن 44 كاتبا ومثقفا من المكسيك، هم سليلو ثقافات ولغات بمشارب وقناعات متنوعة ومتعددة. من بين المجموعة استدعيت 7 من الكاتبات. على مدى المعرض تخصص جلسات للتوقيعات، كما تنظم ندوات، مباريات في الأدب المكسيكي. من بين الأسماء البارزة التي تحضر المعرض، ألبيرتو روي-سانشيز، وهو واحد من الكتاب المكسيكيين الذين يقوم مشغولهم الإبداعي، نقدا ورواية، على تجربة فريدة للانزياح والأقاصي. ولد بالمكسيك عام 1951. تزوج من المؤرخة المكسيكية مارغاريتا دي أوريانا التي عملت مساعدة للمخرج الياباني ناجيسا أوشيما صاحب «امبراطورية الحواس». أقام في باريس لمدة 8 سنوات حيث درس على يد رولان بارث، جيل دولوز وجاك رانسيير. يشرف مند عام 1988 على مجلة فنون المكسيك Artes de Mexico ، التي حصلت على قرابة مائة جائزة فنية داخل وخارج البلد. عمل قبل ذلك رئيس تحرير مجلة فويلتا التي كان يديرها أوكتافيو باث. نشر إلى الآن 15 رواية في لغة شعرية ساحرة. عام 1987 صدرت له رواية «وجوه الهواء» لتحرز جائزة فيلاوروتيا، أكبر جائزة في المكسيك. وقد كتب أوكتافيو باث عن الرواية: « هذه الرواية مفاجئة. لأنها لم تبتكر فحسب لغة جديدة، بل هي أيضا لغة ابتكرت مناخات غريبة». تلتها رواية «شفاه الماء» ثم نص «كيف استولى الحزن على الصويرة». وفي نفس السنة أصدر «شياطين اللغة». يدور قسم كبير من نتاجه الروائي في مدينة الصويرة، وبخاصة ثلاثيته. الجسد، العشق الصوفي، الهندسة المتاهية للمدينة، سحر والغاز الصويرة، بأساطيرها البحرية السرية التي تستدعي حكيا نادرا، الإقفال، الاختفاء، بل الموت، كلها عناصر ينهل منها مخيل المبدع قبل أن يحولها أقاصيص مشحونة بدمغة شعرية فائقة. في رواية «وجوه الهواء»، ثمة سبر شعري وسردي للرغبة. تقع أحداث الرواية في الصويرة التي يصفها ك«مدينة ذات شهوانية جريحة». في تصريح لجريدة ليبيراسيون الفرنسية، أشار الكاتب « لم يكن لي وجود. لكن الصويرة ابتكرتني من جديد». وبما أن نتاجه احتفى بشكل مبهج بالهندسة النورانية للمدينة، بسحر نسائها، جمالهن وحريتهن، فقد أصبح في كل مرة يرتاد فيها الصويرة، يعامل من طرف النساء اللائي يعرفنه كابن للمدينة. لأنهن عرفن أنه خلق تماهيا بين أنوثة المدينة وأنوثتهن. في 16 من مارس على الساعة السادسة والنصف، وبدعوة من مركز جورج بومبيدو، يتحدث ألبيرتو روي سانتشيز عن تجربة الكتابة ووقع الصويرة على إبداعه الروائي والفني.