مشاركة المغرب في لقاء باماكو، والحضور الفرنسي المتزايد في المنطقة، وحرص الرباط على أن تكون لها كلمة مسموعة، وفي الخندق الأمامي لمحاربة الإرهاب في منطقة دول الساحل والصحراء، يعيد المغرب إلى الواجهة، للعب دور حيوي وأساسي، بعد أن كان قد نأى بنفسه لسنوات طويلة عن امتداده الإفريقي، وهو الغياب الذي استغلته الجزائر حينما عمدت إلى التمدد شمالا وجنوبا في القارة السمراء، معززة حضورها ومستعينة بالأسطوانة المشروخة التي تروج للأطروحة الانفصالية، والتي تم اجترارها بشكل ممجوج في رسالة عبد العزيز بوتفليقة إلى مؤتمر أبوجا. الوعي المغربي بأهمية الحضور في إفريقيا تُرجم اقتصاديا من خلال الاستثمارات المغربية في عدد من الدول الإفريقية، وتحول إلى دور سياسي، كما هو واضح تماما من خلال دعم المشروعية السياسية في مالي وإرجاع السلطة إلى هذا البلد الذي يهدده تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وهذه، كلها، مقدمات وتسخينات في صراع مغربي جزائري، يخفت أحيانا ويعلو أحيانا أخرى، لكسب مناطق نفوذ، ويرتبط تحديدا بما يعرفه الصراع حول السلطة في قصر المرادية، في ظل الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة والتحضير لخلافته، مما يعني أن الأيام العصيبة لم تنته بعد، وأن على المغرب أن يظل متيقظا. فهناك، اليوم، أكثر من قضية خاسرة تريد أن تلعب بها الجارة، وهناك أكثر من مشجب ستحاول أن تعلق عليه فشلها الداخلي وتناقضات رقعتها السياسية. وهذا هو المألوف في الصراع الخفي بين جارين توحدهما الجغرافيا، وتبعدهما حسابات أخرى، خارج منطق الأخوة.