يبدو أن «الحرب الإعلامية» لن تضع أوزارها، على الأقل في الوقت الراهن، بين حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، عمادي الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية. فبعد البلاغات «النارية» الصادرة عن قيادة الحزب اليساري بخصوص «المساندة النقدية» للحكومة والمطالبة بالإصلاحات الدستورية، أعاد الحوار الذي أجراه عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، فتح النقاش من جديد حول «تلاحم» أحزاب الأغلبية، إذ وجه الوزير الأول انتقادات لاذعة لحزب الاتحاد الاشتراكي بخصوص موقفه من اقتطاع أجور المضربين وتوقيت المطالبة بالإصلاحات الدستورية. محمد الأشعري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، رد على تصريحات الفاسي بالقول: «مشاركتنا في الحكومة لا تلجمنا فقد قررنا أن نشارك فيها بتضامن تام لكن بمسافة نقدية. والاتحاد يعبر عن مواقفه كما هي وليس في ذلك انتقاص لأي كان». قبل أن يضيف: «هناك أشياء نلتقي فيها داخل الأغلبية الحكومية وهناك أشياء أخرى يكون لنا فيها رأي مخالف». وزاد القيادي الاتحادي موضحا أن اعتبار انتقاد الاتحاد الاشتراكي لقرار الحكومة اقتطاع يوم الإضراب من أجور الموظفين المضربين «انتقاد غير موضوعي»، هو رأي يخص الوزير الأول، لكن الاتحاد، يضيف الأشعري، «يعتبر مسألة تنظيم الإضراب جزءا لا يتجزأ من معالجة جميع القضايا المرتبطة بممارسة هذا الحق الدستوري والتي «تستدعي نقاشا قبليا». اقتطاع يوم الإضراب من أجور الموظفين المضربين اعتبره الأشعري إجراء «لا يساعد على إجراء حوار اجتماعي هادئ»، وأضاف قائلا: « لو أتيح لنا مناقشة الموضوع داخل الحكومة، لما قمنا باتخاذ موقف من خارجها». وحول انتقادات الفاسي للاتحاد بخصوص توقيت المطالبة بالإصلاحات الدستورية، قال الأشعري إن مطالبنا نقولها في الوقت الذي نريد، أما بخصوص تنفيذ المطلب أو فتح الورش فإن المؤسسات التي تملك اليومية، وعلى رأسها المؤسسة الملكية، هي من تقرر توقيت ذلك. وفي رأي القيادي الاتحادي فإن المغرب محتاج إلى إصلاح سياسي لخوض الاستحقاقات المقبلة في جو أفضل لأن الأمر يتعلق بإعادة الثقة في جدوى وسلامة الانتخابات، والتعبير عن إرادة سياسية حقيقية للمحافظة على نزاهتها...التعبير على هذه الإرادة، يضيف الأشعري، ضروري قبل الانتخابات، ويجب على الأقل، على بعد بضعة أسابيع من الاستحقاقات، الشروع من اليوم في التعبير عن الإرادة السياسية. وكان مرتقبا أن يعقد المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، مساء أمس الثلاثاء، اجتماعا لتدارس سبل الرد عن تصريحات عباس الفاسي، حسب ما أكده قيادي بالحزب رفض الكشف عن هويته. وكان عباس الفاسي، الوزير الأول، أجرى حوارا مطولا مع يومية «ليكونوميست» لمّح فيه إلى أن الاتحاد الاشتراكي يعيش انقسامات داخلية بين الداعين للانسحاب من الحكومة والراغبين في الاستمرار، وذلك حينما قال «المشكل يوجد في الأحزاب السياسية التي تخترقها التيارات والتوجهات»، أما داخل الحكومة فلم تكن هناك، يوما، خلافات». ولازالت الرسائل المشفرة تبعث من جانبي حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال منذ تشكيل الحكومة الحالية، وشهدت منعرجا «مهما» بعد المؤتمر الثامن للحزب الذي خرج بضرورة نهج مبدأ «المساندة النقدية» والدعوة إلى القيام ب»إصلاحات دستورية» في أفق تشريع «ملكية برلمانية».