عاشت معظم الأحزاب السياسية المغربية بعد انتخابات 7شتنبر 2007 على إيقاع اضطرابات وتحولات توحي بتغيير في هياكلها وطريقة اشتغالها في عام 2008. وينتظر أن تعقد ثلاثة أحزاب كبرى مؤتمراتها العادية خلال هذا العام من أجل رسم معالم طريق جديد لها، ويتعلق الأمر بكل من أحزاب العدالة والتنمية، والاستقلال والاتحاد الاشتراكي. فإسلاميو العدالة والتنمية حسموا في موعد عقد مؤتمرهم في يوليوز من هذا العام، وهو المؤتمر الذي ستتم فيه إعادة انتخاب قيادة جديدة ورسم «توجه جديد» للحزب في ظل تنامي المطالب داخله بضرورة الاعتراف بالتيارات السياسية المختلفة. وكان الحزب قد عرف نقاشا حادا خلال انعقاد دورة مجلسه الوطني مؤخرا، حيث تمت مساءلة الأمانة العامة حول أسلوب تدبيرها لانتخابات 2007، وعدم الدقة في تصريحات أعضائها حول المشاركة في الحكومة بين رافض، وموافق بشروط، وموافق بدون شروط. ويتجاذب الحزب حاليا تياران: الأول يرى أنه لابد من أن يضع الحزب مطلب الإصلاح السياسي والدستوري على رأس مطالبه، وأن يضغط من أجل إعطاء صلاحيات أوسع لمؤسسة الحكومة والوزير الأول، وأن يتم تعديل نظام الانتخابات بما يسمح ببروز أغلبية حكومية منسجمة تطبق برنامجا واضحا، وأن يتم تحديد صلاحيات المؤسسة الملكية، ويمثل هذا التيار مصطفى الرميد رئيس الفريق البرلماني. وقد تعززت أطروحة هذا التيار بعد انتخابات 2007، بعد الإحباط الذي أصاب الحزب نتيجة ما وصف بتحكم وزارة الداخلية في الانتخابات على حساب الحزب وحرمانه من المشاركة في الحكومة رغم احتلاله الرتبة الثانية. أما التيار الثاني فيرى بأن الأولوية يجب أن تعطى لمحاربة الفساد بمختلف مظاهره، ويرى هذا التيار أن طرح الإصلاح الدستوري قد يؤدي إلى مواجهة بين القصر والحزب، داعيا إلى تحقيق هذا المطلب عن طريق التوافق مع المؤسسة الملكية، ويمثل هذا الاتجاه سعد الدين العثماني الأمين العام للحزب. وبخصوص حزب الاتحاد الاشتراكي فإن موعد المؤتمر، الذي سيتم تحديده في لقاء المجلس الوطني المقرر في 11 يناير، سيكون حاسما في مستقبل الحزب الذي يعيش على إيقاع تصدعات داخلية متسارعة منذ أن قذفت به نتائج الانتخابات الأخيرة إلى المرتبة الخامسة، حيث بدأت أصوات داخل الحزب تنتقد سوء تدبيره، وقررت قيادته المشاركة في الحكومة مع اعتماد المساندة النقدية وانتهى الأمر باستقالة الكاتب الأول محمد اليازغي. وخلفت كل هذه التطورات حالة من الاحتقان داخل الحزب أدت إلى ظهور مواقف مختلفة ومتناقضة داخل الحزب بين من يحمل المسؤولية للنظام في ما آل إليه وضع الاتحاد، وبين من يرى بأن المسؤولية تتحملها القيادة وطريقة تدبير مشاركة الحزب في الحكومة لمدة 10 سنوات. ومن المنتظر أن يعرف هذا الحزب هزة كبيرة خلال مؤتمره القادم من شأنها أن تهدد بالانشقاق، أو على الأقل حصول استقالات أو إقالات جماعية خاصة في ظل التنافر وانعدام الثقة اللذين باتا يطبعان تصرفات كثير من مسؤوليه. أما حزب الاستقلال الذي يوصف بكونه الرابح الأكبر من وراء انتخابات 2007 فإنه ينتظر أيضا موعد مؤتمره العادي في 2008، حيث من المقرر أن يعقد مجلسه الوطني في 19 يناير المقبل لانتخاب لجنة تحضيرية لمؤتمره الخامس عشر. ورغم أن الحزب يبدو أكثر تماسكا من الناحية التنظيمية في الآونة الأخيرة إلا أن الخلافات بدأت من الآن وسط صفوفه حول بقاء عباس الفاسي الأمين العام في منصبه أم لا، حيث يدعو معظم أطر الحزب إلى احترام القانون الأساسي للحزب الذي ينص على عدم تجاوز ولايتين بالنسبة للأمين العام المنتخب، في حين ظهرت أصوات ترى بأنه يجب تعديل القانون الأساسي من أجل فتح المجال أمام عباس الفاسي لتولي ولاية ثالثة، خاصة، يقول هؤلاء، أن الفاسي يتولى حاليا منصب الوزير الأول. وبالإضافة إلى هذه الأحزاب الثلاثة فإنه يتوقع أن تعرف أحزاب اليمين بعض التغييرات على مستوى القيادات على الأقل، حيث من المنتظر أن يتبلور قرار المحجوبي أحرضان بالتنحي عن قيادة الحركة الشعبية على أرض الواقع، كما أن هناك أصواتا باتت تطالب امحند العنصر بالتنحي أيضا من القيادة. إلا أن الأنظار ربما تتجه في 2008 إلى فؤاد عالي الهمة الذي شكل فريقا برلمانيا من عدد من الأحزاب، حيث من المحتمل أن يتبلور هذا التجمع الحزبي إلى حزب موحد يقوده الهمة الوزير المنتدب السابق في الداخلية.