أفرزت الحلقة الأخيرة من برنامج مباشرة معكم بعض المعطيات التي يجب الوقوف عندها. أولا تجلى أن هناك المزيد من المجهودات التي على الدولة وهيئات المجتمع المدني أن تبذلها من أجل الحد من آفة التدخين والقضاء على ظاهرة الشيشة. لقد تابع ملايين المغاربة كيف كان جمهور البرنامج الموجود في بلاطو دوزيم يصفق لممثل النقابة الوطنية لأرباب المقاهي والتجار الصغار وهو يعلن صراحة رفضه لقانون منع التدخين في الأماكن العمومية، وهذا منحى خطير ولا يجب التعامل معه باستخفاف. أتصور أن الجمهور الحاضر كان مُشَكّلاً من مختلف شرائح المجمتع المغربي وهذا ما يجعلنا ندق ناقوس الإنذار، خاصة وأن ممثل النقابة كان يدافع بشراسة عن مقاهي الشيشة وعرض على قناة دوزيم، مستغلا البث المباشر، صورا للمقاهي التي أغلقتها السلطات واصفا ذلك بالتعسف! أعتقد أن من يستحق التصفيق هو الذي قام بحملة إغلاق مقاهي الشيشة التي حولها أصحابها إلى أوكار للدعارة والتغرير بالقاصرين وخصوصا القاصرات. وأدعو أولئك الذين كانوا يصفقون ل»محامي» مقاهي الشيشة أن يتخيلوا ولو للحظة واحدة أن أولئك القاصرات اللواتي توقفهن دوريات الشرطة بوزرات الدراسة، هن بناتهم، فلذات أكبادهم. هناك من له قدرة غريبة على أن يتصور أن كل المآسي الاجتماعية لا تقع إلا للآخرين وكأنه هو وأبناؤه هو بمنآى عنها. هذا حالنا نحن المغاربة وهذا ما جسده جمهور بلاطو دوزيم الذي كان يصفق لتهرِيجٍ المراد منه الحفاظ على مصلحة تجار همهم الوحيد هو الربح السريع. فهناك من يقوم باسم التجارة والاستثمار بتخريب عقول المراهقين والمراهقات.. أي رجال ونساء الغد، ولكم أن تتصوروا مستقبل المغرب بنماذج بشرية كل همها هو العيش فوق سحاب الشيشة. وعلى نفس المنوال سار بعض أرباب الملاهي الليلية الذين أعماهم الجشع فصاروا يفتحون أبواب ملاهيهم «خلسة» في واضحة النهار في وجه المراهقين والمراهقات بسعر لا يتعدى عشرون درهما من الثالثة زوالا إلى السادسة مساء.. أي في الوقت الذي يجب أن يكون فيه أولئك التلاميذ والتلميذات في أقسامهم الدراسية. ولمدة ثلاث ساعات يجد أولئك المراهقون والمراهقات أنفسهم في أجواء الصخب التي يؤثثها تناول الشيشا والمعجون والقرقوبي وتنتهي بممارسات مخلة تفضي إلى مآس تدمر مستقبل شبان وشابات.. من الممكن أن يكونوا فلذة كبد أي واحد منا.. فأمام جشع أولئك «التجار» لا أحد في مأمن. لذلك لا يمكن إلا أن نصفق لكل مبادرة ترمي إلى إيقاف أولئك عند حدهم، وتبعد عن فلذات أكبادنا.. شعلة مستقبلنا، أولئك الكواسر وليذهبوا إلى الجحيم هم واستثماراتهم وتجارتهم إذا كانت ستدمر مستقبل أمة بأكملها. هيئات المجتمع المدني والإعلام الوطني أمام تحد كبير ولوبي منظم لا يتوانى في استعمال كل الأساليب، ومنها الرشوة والترهيب وممارسات الفتوات، وهذا يستوجب قدرا كبيراًمن التعبئة والتوعية والتصدي.